Foto: © epd-bild / Friedrich Stark
16/10/2022

لا يوجد غير ماما ميركل واحدة لكن كل يوم هناك إيلان!

منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، أتحفنا بعض السياسيين والإعلاميين الغربيين، بتصريحاتهم  بخصوص استقبال اللاجئين من أوكرانيا، التي أقل ما يقال عنها أنها عنصرية، والبعض منهم وقع في فخ المقارنات بين اللاجئين الأوكران والقادمين من الشرق الأوسط. كتصريحات وزيرة الاندماج في ولاية بافاريا، جودرون بريندل فيشر من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، حيث قالت في بيان صحفي “اللاجئون الأوكرانيون ليسوا في حاجة أن يُشرح لهم كيفية عمل الغسالة، أو أن الطهي غير مسموح به على أرضية الغرفة”. وأنه يجب عدم شرح هذه السلوكيات لهم كما شُرحت لللاجئين الآخرين، وبدل من ذلك تسهيل دخولهم لدورات الاندماج بشكل أسرع.!

إنسانية اختيارية

وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على الحرب في أوكرانيا، وفي الوقت الذي يزداد فيه عدد الواصلين من دول أخرى إلى الاتحاد الأوروبي بطرق غير شرعية، خرجت علينا وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيسر، بتصريح لا يقل سوءً عن تصريحات بريندل فيشر، ففي يوم الثلاثاء، بعد مناقشة على أعلى مستوى حول وضع اللاجئين الحالي، قالت فيسر”لدينا مسؤولية مشتركة لوقف الدخول غير القانوني حتى نتمكن من الاستمرار في مساعدة الأشخاص الذين هم بحاجة ماسة إلى دعمنا”. وبهذا تحدد سياسية الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولويات الاستقبال، في إشارة إلى أن الجهود يجب أن تكون موجهة لاستقبال اللاجئين الأوكران، ووقف الدخول غير الشرعي من قبل اللاجئين الآخرين!

تصريح غير مبرر

تصريح الوزيرة، غير المبرر بكل الأحوال، مبني على حال مراكز الاستقبال المليئة بالأوكران الهاربين من الحرب، فقد دقت عدة ولايات ناقوس الخطر، بهذا الشأن. لأن عدد الواصلين فاق قدرات بعض الولايات. لكنها بهذا التصريح تتنصل من مسؤوليتها تجاه الآخرين، الذين يخاطرون عبر طريق البلقان، أو عبر البحر، للوصول إلى ألمانيا. وبهذا التصريح بحسب مقالة في صحيفة TAZ، تكذّب نفسها، حيث قالت “نمنح الناس الإقامة في الجمهورية الاتحادية لأسباب إنسانية”. أم أن الإنسانية تنطبق فقط على اللاجئين الأوكران (وهم يستحقون ذلك)، ولا تنطبق على الفارين من جحيم سوريا، ومن أفغانستان بعد سيطرة طالبان وانسحاب القوى الغربية منها.

اللجوء حق إنساني للجميع

وحتى لا نقع في فخ المقارانات، لأن اللجوء هو حق لأي إنسان، ضمن الشرائع الدولية. فلا يمكن تصوّر أن يضع الإنسان نفسه في مخاطر من أجل الوصول إلى مكان آمن لمجرد الترف، أو السياحة، فالـ87 شخصاً الذين غرقوا أمام السواحل السورية، أثناء رحلتهم إلى أوروبا، لو لم تضيق بوجههم الدنيا، وانعدمت سبل العيش الكريم أمامهم، لما ركبوا البحر وخاطروا بأنفسهم. وكذلك الأفغان، واليمنيين، والعراقيين وغيرهم، لولا صعوبة حياتهم في بلادهم لما خاطروا ووضعوا أنفسهم تحت رحمة مهربي البشر، الذين لاهم لهم سوى جمع المال، بغض النظر عن المصير الذي يتركون ضحاياهم لمواجهته.

لا يوجد غير ماما ميركل واحدة

  • يبدو أن تصرف المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في عام 2015، وفتحها للأبواب أمام الجميع، واستقبال الجميع، سيبقى نادرالحدوث مرّة أخرى. فحينها، وآنذاك كانت المعارك على أشدها في سوريا، لم تقل ميركل سنستقبل السوريين، ونترك الأفغان والعراقيين، واليمنيين. بل قالت wir schaffen das. وعلى الرغم من كل الانتقادات التي واجهتها حينها، إلا أنها استمرت باستقبال الجميع.
  • وبالعودة إلى تصريح فيسر، فإن أي حجج تضعها الحكومة لعدم استقبال غير الأوكرانيين. هي مجرد حجج ناتجة عن أخطاء ارتكبتها الحكومة. وعدم وضع قوانين عادلة، تنص على معاملة جميع القادمين بذات السوية. فكما طُبق قرار “التدفق الجماعي” بما يخص اللاجئين الأوكران، وتوزيعهم على الولايات، وعلى دول الاتحاد الأوروبي. يجب إيجاد حلول، لا للحد من الدخول غير القانوني. بل للعمل على استقبال الفارين من جحيم بلادهم، على أمل الوصول إلى فراديس أوروبا. ويجب الإسراع بذلك. حتى لا نجد أنفسنا ولا تجد أوروبا نفسها أمام كوارث إنسانية على حدودها الخارجية. كما حدث العام الماضي على الحدود البيلاروسية البولندية، وكما يحدث يومياً بعيداً عن أنظار الإعلام!

هذه المقالة تأتي ضمن سلسلة مقالات تحت عنوان “حديث الأحد”. سأعلق فيها على ما يحدث سواء هنا في ألمانيا أو العالم. وهي مجرد آراء شخصية، ولا تعبر بالضرورة عن آراء فريق العمل في أمل برلين..