Foto: Privat
11/08/2022

فيكي: العمل الحر يخلق الفرص والمواقف تصنع الشخصية!

مثل أغلب الشباب في لبنان، كانت فيكي تتوق إلى الهجرة وتأسيس حياتها في بلد أكثر استقراراً وفرص أفضل للعيش الكريم من بلدها الأم الذي عانى من الحروب والمشاكل الاقتصادية. تعتقد فيكي أن الصدف والظروف علاوة على اختياراتها العقلية الصحيحة ساعدتها في شق طريقها، وجعلتها تنتقل من مرحلة إلى أخرى، وتحقق أهدافا كانت تطمح وتحلم بالوصول إليها.

الألمانية لغة مرهفة وجميلة!

منذ الطفولة كانت محظوظة بالدراسة في مدرسة للراهبات حيث تعلمت اللغة الفرنسية، وأقبلت على قراءة الأدب الفرنسي بشغف، وزرعت داخلها حب نصوص الأدب، قبل أن تنتقل في سن الـ 15 عاماً إلى مدرسة حكومية لتخفيف عبء الالتزامات على كاهل الأسرة. في العام 2007 أنهت الدراسة الجامعية في الترجمة الفرنسية بالجامعة اللبنانية، والتحقت بدراسة الترجمة الفورية لكنها خلال هذه الفترة التقت شريك حياتها، وتزوجت قبل أن تُكمل الدراسة. وعلى الرغم من أن تعلٌم الألمانية يُمثل عائقاً كبيراً أمام الكثير من المهاجرين الذين يجدون صعوبة في الاندماج، والحصول على فرصة عمل، إلا أن فيكي ترى في الألمانية لغة مرهفة وجميلة، وقادرة على التعبير عن المشاعر، ولم تجد صعوبة في تعلمها لأنها كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في دراستها خلال المرحلة الجامعية، وأتقنت قبلها اللغة الإنجليزية.

الترجمة المحلفة

بعد ثلاث سنوات من الدراسة تخرجت من المعهد ولديها طفلان، ولم يكن من السهل الحصول على فرصة عمل لا سيما أنها ترى نفسها غير جيدة في البحث عن وظيفة جديدة، كما تقول! في العام 2014 بدأت مشوارها العلمي والوظيفي وعملت كمترجمة محلفة في المحاكم وعدد من دوائر الدولة الرسمية. تقول فيكي: “العمل الحر استمر قرابة 4 سنوات إلا أنه لم يوفر الاستقلالية والأمان الوظيفي، خاصة في مجال مفتوح، وفيه منافسة شديدة”.

وخلال البحث عن العمل في السفارات والقنصليات قرأت عن وظيفة قصيرة المدى لمدة ستة أشهر في إحدى وزارات الدولة، وتقدمت لاختبارات القبول، وتمكنت من الحصول على الوظيفة. سعادة كبيرة غمرت فيكي، وشعور بالإنجاز والنجاح، وفرحة تحقيق خطوة هامة في حياتها، مما جعلها تبدأ العمل متوترة وخائفة من الفشل لكن سرعان ما زادت ثقتها بنفسها، وبنت علاقات جيدة مع كل موظفي دائرتها، وتحولت الوظيفة المؤقتة إلى دائمة.

العمل الحر أكثر انفتاحًا

تعمل فيكي غالباً في الترجمة التحريرية، أو الترجمة الفورية خلال مرافقتها لوفود وشخصيات هامة، وتسافر كثيراً في رحلات عمل، وساعدتها وظيفتها لنصف دوام على الانطلاق بالعمل الحر بشكل أكبر ومجالات أوسع لاسيما مع المنظمات المدنية. وترى فيكي أن العمل الحر فيه انفتاح وحيوية وبناء علاقات بشكل دائم ويجعلها تتعرف على شخصيات جديدة، علاوة على أنه يخلق فرص عمل.

رُب ضارة نافعة!

12 عاماً عاشتها فيكي في ألمانيا جعلها تعيش مراحل من التقلبات وتحب جوانب كثيرة فيها وتعلمت الكثير من الأشياء التي أفادتها في حياتها، وتعتقد أن الحصول على العمل كان أكبر التحديات التي واجهتها في ألمانيا لكنها جعلتها تمتلك شخصية قوية واستطاعت التخلص من الخوف، وطرق أبواب جديدة في الحياة. ولم تشغل زحمة العمل فيكي عن إعطاء الأولوية لحياة العائلة، وعلى الرغم من سلبيات انتشار فيروس كورونا، إلا أنه وفر لها وقتاً أطول للبقاء مع الأسرة. استطاعت أن تحقق كثيراً من طموحاتها، وأن يكون لها عائلة متماسكة، وصداقات واسعة لكن الحنين إلى لبنان والأهل لا يتوقف، وتتمنى دائماً أن يكونوا بالقرب منها.

“المواقف تجعل الإنسان صلباً وقادراً على إثبات نفسه وتعزيز ثقته بها، والحياة تصقل شخصيتك وتجعلك أقوى وأكثر استقلالية”.. بهذا تؤمن فيكي ومنه تنطلق.