Photo: social media
06/05/2022

الجريمة بمنطقة التضامن.. والعزاء في ألمانيا بعد سنوات!

تحت عنوان (سوريون يتعرفون على أحد أفراد الأسرة في مقطع فيديو)، نشر موقع tagesschau مادة استقصائية أعدها إريك بيريس وسامي حداد، حول عائلة سورية تقيم حاليًا بمدنية ماينز الألمانية، رأت بالمقطع المصور المتداول على منصات وسائل التواصل، ابنهم المفقود منذ سنوات، ولحظة إعدامه ميدانيًا على يد شبيحة الأسد بمنطقة التضامن قرب دمشق!

إنه هو!

يوم الجمعة الماضي، تلقى عمر وسهام صيام مكالمة حيث يعيشان الآن بمدينة ماينز، أخبرهم المتصل أنه تعرف على ابنهم المفقود منذ سنوات، في مقطع فيديو متداول على الإنترنت! عمر وسهام، اللذان هربا من سوريا إلى ألمانيا عام 2016، شاهدا الفيديو المقصود عدة مرات، ولم يعد لديهما أي شك بمصير ابنهما المفقود وسيم!

بكنزة بيضاء وبنطال جينز أزرق، ظهر وسيم وهو يُقاد معصوب العينين، إلى حفرة في زقاق مهجور بدمشق. الأم سهام صيام قالت لـ SWR: “كان يرتدي هذه الملابس بالضبط في ذلك الوقت، بالإضافة إلى سترة زرقاء وقميص”. تعرفت الأم على ابنها من خلال صوته أيضًا! سمعته في الفيديو يسأل المسلح عن الاتجاهات.

أمريكا تدين مجزرة التضامن

أثار الفيديو ضجةً وغضبًا عارمًا على وسائل الإعلام العربية وشبكات التواصل الاجتماعي منذ نشره، ويظهر فيه عشر عمليات إطلاق نار في أقل من سبع دقائق بمنطقة التضامن التي تقع جنوب دمشق. سُجل الفيديو في 16 أبريل/ نيسان 2013. ووفقًا لبحث أجراه المعهد الهولندي لأبحاث الإبادة الجماعية (NIOD)، ينتمي الجناة لما يعرف بـ “قوات الدفاع الوطني” والمخابرات السورية.

وزارة الخارجية الأمريكية نددت في بيان صحفي بالفظائع، وبالمجزرة الجلية التي ارتكبت، وقالت إنها مثال مروع آخر على الرعب الذي عانى منه الشعب السوري لأكثر من عقد من الزمان.

ذهب ولم يعد!

عائلة صيام تعيش الآن في مدينة ماينز، فبالإضافة إلى الوالدين، يقيم العديد من أشقاء وسيم بالمدينة أيضًا. وكان الراحل وسيم، (متزوج ولديه ابنتان)، اختفى دون أي أثر في 14 أبريل/ نيسان 2013، أي قبل يومين من حصول “مجزرة التضامن”.

قبل اختفائه، استخدم وسيم شاحنته الصغيرة لنقل الدقيق من مطحنة إلى مخبز تديره الدولة بمنطقة التضامن. وفي 14 أبريل/ نيسان، اضطر وسيم لاجتياز عدة حواجز بالمنطقة. وقالت والدته: “آخر مرة اتصلت به كانت حوالي الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر. قال إنه أفرغ الطحين ويستعد للعودة بالسيارة. كان يتحدث بالفعل بصوت قلق! بعد عشر دقائق لم أتمكن من التواصل معه مرة أخرى”.

ابتزاز العائلة دون تطمينات!

بعد ذلك لم يكن هناك أي أثر لوسيم، قال الأب عمر صيام وأضاف: “لاحقًا اتصلنا بأحد قادة مليشيات الشبيحة الذي يسيطر أبناؤه على عدة حواجز في المنطقة، وجاء الرد بأن وسيم أفرغ الطحين ثم غادر إلى منزله”. وتعتبر ميليشيات الشبيحة سيئة السمعة من القوى المقربة لدى نظام الأسد، والتي يستخدمها بشكل منهجي ضد المعارضة.

باءت محاولات الأب لمعرفة مصير ابنه وسيم بالفشل، وفي بعض الأحيان كان يُطلب منه مبالغ نقدية كبيرة دون تقديم أي معلومة حول مكان ابنه أو أنه ما يزال على قيد الحياة! في عام 2014، رأى الأب أخيرًا الشاحنة التي قادها ابنه وسيم باليوم المشؤوم، كانت متوقفة عند نقطتي تفتيش للأجهزة السرية في يوم واحد! في ذلك الوقت، أعطاه هذا الأمل في أن ابنه ربما يكون على قيد الحياة، وأنه محتجز لدى المخابرات.

العزاء المتأخر.. مشاعر لا توصف!

منذ نهاية الأسبوع الماضي، يأتي أقارب العائلة إلى شقتها الصغيرة في مدينة ماينز، ليعبروا عن تعازيهم لعائلة صيام. وقالت الأم: “أشعر وكأنني في غيبوبة. بالكاد أستطيع وصف مشاعري”. حتى يومنا هذا، لا يفهم والد وسيم سبب موت ابنه، لأنه لم يكن ناشطًا سياسيًا أبدًا! ويضيف: “نشك في أنه كان مشتبهاً به كفلسطيني سني من حي اليرموك، الذي يقع جنوب غربي التضامن”. يشار إلى أن بشار الأسد، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية، دأب على قصف مخيم اليرموك بشكل متكرر.

الشبكة السورية المستقلة لحقوق الإنسان

فاضل عبد الغني من الشبكة السورية المستقلة لحقوق الإنسان، التي توثق بشكل منهجي الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد، قال إن وصف الأسرة موثوق وأضاف: “بالنظر إلى القصص الأخرى التي نعرفها، فهذه القصة دقيقة ومعقولة”. ومع ذلك، فهو يقدر أن ما حدث مرتبط باعتقال وإعدام تعسفيين: “أعتقد أن الأسرة التي صدمت من هذا العمل الهمجي تبحث عن تفسير محدد. لكن لا يوجد! حدث ذلك لأن الأسد أراد تدمير المجتمع والتمرد ضده بأي ثمن، ولهذا أرهب الناس حتى لا ينضموا إلى التمرد”.

حددت الشبكة السورية المستقلة لحقوق الإنسان حتى الآن ستة من الضحايا من خلال بحثها الخاص. وقضية وسيم صيام واحدة منها. وقال عبد الغني: “نحاول إبلاغ العائلات بمصير أحبائهم وإدراج المعلومات في الإجراءات الجنائية الدولية المحتملة”.