Photo: epd-bild/ Christian Ditsch
14/10/2021

هل تبتز وزارة الخارجية الألمانية الراغبين بلم شمل عائلاتهم!

تتأخر عمليات لم الشمل لعائلات اللاجئين، مما اضطر الآلاف منهم بحسب تحقيق لموقع rbb24 إلى اللجوء للمحكمة! حتى سمحت وزارة الخارجية لعائلاتهم بالانضمام إليهم. وصل الأمر إلى وصف المحامين لشروط الوزارة بالابتزاز! في هذا التحقيق يسلط rbb24 الضوء على القضية!

ليس لدي خيار آخر!

فر اللاجئ تسفاي هايلي (اسم مستعار) من إريتريا إلى أوروبا وعاش في برلين منذ عام 2017. أراد لم شمل أسرته المكونة من زوجة وأربعة أطفال لكي لا يضطروا لخوض رحلة البحر الخطيرة. لكن عملية لم الشمل هذه تحولت إلى ملحمة بحسب وصف القائمين على التحقيق! إذ استمرت لسنوات. فرت عائلة هايلي أولاً إلى أثيوبيا المجاورة. مر عامان قبل أن يحصلوا على موعد في السفارة الألمانية هناك، وعام ثالث حيث رُفض طلب هايلي بلم شمل أسرته، لأن وزارة الخارجية كانت تشك بوثيقة زواجه، فشهادة الزواج الكنسي، الشائعة في إريتريا غير مقبولة. في تلك الأثناء اندلعت حرب أهلية في إثيوبيا، فكان هايلي خائفاً جداً على عائلته، ووصف الأوضاع هناك بـ “الجحيم”!

فرصة هايلي الوحيدة كانت تتمثل برفع قضيته إلى المحكمة. وفي جلسة المحكمة الأولى، عُرض عليه تسوية مفادها: وجوب سحب الدعوى وتحمل جميع التكاليف الإجرائية، في مقابل إصدار التأشيرات لأسرته! وافق هايلي على ذلك وعليه الآن دفع 3400 يورو حسبما ذكر للقائمين على التحقيق. وهذا المبلغ هو أكثر من ضعف ما يكسبه شهريًا في عمله بشركة بريدية. لكنه يقول “لم يكن لدي خيار آخر”!

تسوية برلين!

مثل هايلي، آلاف اللاجئين الذين تقدموا بدعاوى للم شمل أسرهم، ومن جهتهم راقب المحامون الإجراءات في كثير من الأحيان لدرجة أنهم خصصوا لهذه الإجراءات اسماً “تسوية برلين”، وبعضهم أطلق عليها “ابتزاز برلين”، حتى الآن ووفقاً للتحقيق لم تكن هذه الظاهرة ملموسة. لكن الأرقام غير المنشورة الآن من وزارة الخارجية تعطي نظرة ثاقبة لما كان يحدث بانتظام لسنوات عندما ترفض السفارات الألمانية في جميع أنحاء العالم طلبات لم شمل الأسرة.

الإحصاءات الداخلية من عام 2007 فصاعداً والتي حصلت عليها مجلة ARD السياسية “كونتراسته” وشركائها في التحقيق Ippen Investigativ ومنصة الشفافية FragDenStaat، تكشف عما يلي: (إذا أدت الشكاوى المتعلقة بلم شمل الأسرة إلى إصدار تأشيرة لاحقاً، فعادة ما يحدث هذا دون حكم، ونسبة ذلك كان في حوالي 95%، أي ما يقارب 5855 قضية). وتبين للتحقيق أن وزارة الخارجية كانت تشترط للحصول على التأشيرة “سحب الشكوى، وفي معظم الحالات تحمل تكاليف الإجراءات”!

انتهاك لحقوق الإنسان!

من وجهة نظر المحامي كرستوف توميتين، فإنه في حال “قررت وزارة الخارجية أثناء الإجراءات أن الرفض غير قانوني وبالتالي لا يمكن إجراؤه، فهذا يشكل اعتراف بحدوث انتهاك لحقوق الإنسان”! وعليه وفقاً لتوميتين، فإن السلطات هي من تتحمل تكاليف الإجراءات. ومع “تسوية برلين”، استغلت وزارة الخارجية مأزق العائلات، بحسب توميتين. من جهتها وزارة الخارجية والتي كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي على رأسها ترفض هذه المزاعم، وتقول إن القانون هو ما ينظم افتراض التكاليف الإجرائية، ولا توجد نية لأقسام التأشيرات بمنع العائلات من لم شملها.

في كثير من الحالات بحسب التحقيق، يعتبر لم شمل الأسرة حقاً قانونياً، وفي بعض الحالات هو مضمون دستورياً. بحسب الأرقام الرسمية تمنح ألمانيا وسطيًا حوالي 100 ألف تأشيرة سنوياً للم شمل الأسرة، وترفض حوالي 20 ألف طلب! وصرحت الوزارة للقائمين على التحقيق أنه توجد دعاوى قضائية في حالات قليلة فقط. ووفقاً للإحصاءات، اشتكت أكثر من 20 ألف أسرة من عام 2007، ثلثهم نجح بالحصول على تأشيرة لم الشمل.

انتظار لسنوات!

وذكر التحقيق أن أولائك الذين خرجوا فقط من المحكمة بـ”تسوية برلين” يشتكون من العواقب الوخيمة، فبحسب التقارير الواردة من المتضررين الذين تحدث معهم القائمون على التحقيق. يقول تسفاي هايلي، إنه أصيب بالاكتئاب لأنه لم يتمكن من رؤية أطفاله لفترة طويلة: “لم أكن أعرف متى ستأتي عائلتي، وما إذا كان مسموحاً لهم بالمجيء أصلاً”. وفي جلسة الاستماع الصيف الماضي، قام محاميه يوليوس إنغل بتشغيل فيديو زفاف للزوجين أمام القاضي، كدليل إضافي على الزواج. الآن فقط تحركت وزارة الخارجية، وانضمت زوجة هايلي وأطفاله الأربعة للعيش معه في برلين. بعد فترة انتظار دامت 4 سنوات!

إجراءات إشكالية!

من وجهة نظر السياسية اليسارية جانين فيسلر، فإن وزارة الخارجية تُعقّد عمداً عمليات لم شمل الأسرة! وأضافت فيسلر: “دستوريًا، هذا إجراء إشكالي للغاية، لأنه إذا انتهى بك الأمر إلى إجراء تسوية في جميع هذه القضايا، إذا صحت الأرقام، فمن الواضح أنه هناك تأكيد بأنه لا يمكن الفوز بالدعوى القضائية بحق الوزارة”.

عضوة البرلمان عن حزب الخضر لويز أمتسبرغ، والمتحدثة باسم سياسة اللاجئين بمجموعتها البرلمانية خلال الفترة التشريعية الأخيرة، رأت علامات على وجود مشكلة هيكلية! فالقرارات التي ينبغي أتخاذها على مستوى السلطة، ستتخذ بالنهاية في المحكمة! وأوضحت أمتسبرغ أن هناك حل سياسي لهذا، وهو زيادة عدد الموظفين في السفارات.

وبحسب التحقيق، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أنها اتخذت تدابير لزيادة عدد الموظفين بإدارات التأشيرات، وأنها ستستمر في القيام بذلك. ولم تقدم أي معلومات عن النطاق المحدد لهذه الخطط أو الإطار الزمني لتنفيذها.