Photo: Dietrich Flechtner - EPD
22/08/2020

هل أنجزت ألمانيا ما وعدت به المستشارة عام 2015؟

“سننجز ذلك” أو بالألمانية “Wir schaffen das”، عبارة قالتها المستشارة الألمانية قبل خمس سنوات وبالتحديد في يوم 31 آب/ أغسطس 2015، في إشارة إلى قدرة ألمانيا على استيعاب حوالي مليون لاجئ جاؤوا إليها بعد هذا التصريح! هذه العبارة جلبت سيلاً من الانتقادات الداخلية والأوروبية للمستشارة ولسياسة “الأبواب المفتوحة” التي انتهجتها في التعامل مع أزمة اللجوء، لكن العبارة نفسها هي التي لاقت استحسان جميع المهاجرين إلى ألمانيا.

هل استطاعت ألمانيا أن تنجز ذلك وتنجح في هذا التحدي؟

لمعرفة ذلك أمل هامبورغ أجرت لقاءات مع بعض القادمين الجدد في ألمانيا وكانت الأجوبة متنوعة ومتعددة، فمنهم من وجد أن ألمانيا نجحت، ومنهم يعتقد أن النجاح حالف الحكومة الألمانية “سياسياً”، ومنهم من يعتقد أن ألمانيا تحتاج للمزيد من الوقت لتحقق المكاسب وتنجز ما وعددت به! الصحفي قاسم القاسم العامل بالمجال الاجتماعي بمدينة بون غرب ألمانيا، يعتقد أن الحكم بشكل مطلق أن المانيا ومن خلفها المستشارة الأمانية أنجيلا مركل فشلت بقضية اللاجئين أو نجحت ليس صحيح بل الأمر هو نسبي إلى حد ما.

البيروقراطية سبب الفشل في ألمانيا!

يضيف القاسم أن بعض اللاجئين ساعدوا في تحقيق ما وعدت به ميركل من خلال الفرص التي اتيحت لهم وأصبحوا فاعلين بالمجتمع من خلال الدراسة الجامعية أو الالتحاق بتدريب مهني أو حتى العمل، بينما يوجد قسم آخر من اللاجئين مازال يحاول الحصول على فرصة تساعده للاندماج بالمجتمع الألماني، وانتقد القاسم البيروقراطية الألمانية واصفاً أياها أنها قتلت نجاح العديد من اللاجئين، وبالتأكيد البيروقراطية قتلت نجاح الحكومة الألمانية بما يتعلق بقضية اللاجئين “إذا اعتبرنا ألمانيا حققت وعدها في هذه القضية، فإن البيروقراطية استطاعت أن تفشل محاولات الحكومة واللاجئين على حد سواء”!

البصمة واتفاقية “دبلن” ضد اللاجئين!

أعداد الذين وصلوا إلى ألمانيا كانت كبيرة، ومع ذلك فإن ألمانيا نجحت في دمجهم بالمجتمع ومنحتهم العديد من المزايا، بهذه الكلمات بدأ الشاب السوري لؤي حديثه معنا، وتساءل لماذا لم تعطى الفرصة للجميع: “أنا متواجد في ألمانيا منذ ست سنوات، لدي عقد عمل لكنني لم أحصل على الإقامة، فأنا من الذين تركوا بصمتهم في هنغاريا مكرهين، ومازالت لعنة البصمة ترافقنا إلى الآن، كثير من المنطوين تحت قانون دبلن ظلموا، وهنا تأتي المفارقة فهذا القانون وجد لتتحمل جميع الدول الأوروبية مسؤولياتها باستيعاب اللاجئين وليس لإجبار اللاجئين على الإقامة بدول لا تختلف بشيء عن دول العالم الثالث”!

نجحت ألمانيا ولكن كيف؟

يعتقد الشاب السوري جيفارا أمين أن إنقاذ اللاجئين من الموت غرقًا هو قمة النجاح الذي حققته الحكومة الألمانية وعلى رأسها المستشارة أنجيلا ميركل: “هم بالتأكيد فعلوا ذلك وأنقذوا اللاجئين من الغرق في البحار، لكن ماذا فعلت الحكومة الألمانية لمن ترك بصمة في دول شرق أوروبا، ألمانيا تعرف جيداً أن اللاجئ يجبر تحت تهديد السلاح على طلب اللجوء، ومع ذلك يطلب منه العودة إلى أول دول أوروبية بصم فيها”.

ويسرد الشاب السوري معاناته ويقول إنه ولد في ألمانيا مرتين، أول مرة عندما سمع جملة المستشارة ميركل “سننجز ذلك” والثانية عندما استطاع العودة إلى ألمانيا عام 2018 بعد مغادرته إياها مكرهاً، ويضيف: “أجبرت على مغادرة ألمانيا ربيع عام 2018 وعدت إلى بلغاريا حاملا معي خيبة أملي بألمانيا، كنت اتوقع أنها نجحت وأنجزت مهامها الأنسانية، إلا أن قرار ترحيلي خيب آمالي ولولا أنني لم أحصل على عقد عمل لما استطعت العودة إلى ألمانيا، نعم ستنجح أو نجحت ألمانيا، لكن على حساب ترحيل آلاف اللاجئين”!

نجاح دون فشل!

للاندماج قوانين تكاد أن تكون خيالية حتى الألمان في بعض الأحيان لا يفهموها، خالد حنيظل شاب سوري درس الهندسة في الجامعات السورية، يعتقد أن النجاح والفشل وجهان لعملة واحدة، فما يمكن وصفه بالنجاح يعتقده الأخر فشل، وللنجاح عدة أوجه، ومنها الجانب الاقتصادي والخدمي، ألمانيا حققت الكثير في هذا الشأن، أما الفشل فحاله كحال النجاح، كما نجحت ألمانيا اقتصادياً، يعتقد خالد أنها فشلت بتطبيق أو بإحداث قوانين جديدة لمراعاة الفئات العمرية جميعها، ومن وجهة نظره أن ألمانيا طبقت قوانين الاندماج على كل الفئات العمرية بنفس السوية، وهنا لاحظ الجميع الخلل في عملية الاندماج وتعلم اللغة الألمانية، بالإضافة إلى ضعف برامج التأهيل والتدريب العملي، ما جعل تحقيق المستشارة صعباً.. على حد وصفه!

من سوريا يتابع ما تنجزه ألمانيا!

كل العيون عام 2015 كانت تراقب الطريق الواصل إلى ألمانيا، يقول بشر أحمد صحفي سوري يسكن في مدينة إيسن: “بذلك العام كنت في سوريا، شاهدت صور آلاف اللاجئين العالقين على الحدود، وصور الطفل آلان وغيره من السوريين وهم يغرقون في البحر أثناء محاولتهم الفرار من قصف نظام السوري، ترسّخت في أذهاننا حينها مقولة أن السوريين يقتلون في كل مكان، نحن في سوريا وهم في الطريق إلى أوربا، عندما سمعت مقولة المستشارة تمنيت أن تنجح في استقبال السوريين وبالفعل نجحت. عام 2018 هُجرّت من بلادي قسرياً واستقبلتني ألمانيا عام 2019، نعم باعتقادي نجحت ألمانيا باستقبال اللاجئين ودمجهم بالفعل، ونجحوا هم بدورهم أيضاً بالانخراط بالمؤسسات التعليمية وسوق العمل الألمانية”.

Photo: Dietrich Flechtner – EPD