Photo: Ahmad Kalaji
19/04/2020

هل تصلح تطبيقات التعارف والمواعدة ما أفسده كورونا؟

عدم التواصل المباشر بين البشر! كانت هذه الجملة التي تصدرت إجراءات الحد من انتشار عدوى كورونا، بمثابة صفارة الإنذار لكل من النساء والرجال الذين اعتادوا التعارف من خلال تطبيقات المواعدة! أولئك الذين لا يرغبون في التقيد بعلاقة مستمرة، أو الارتباط بشريك بعينه! تشبه خديجة (38 سنة، برلين) تطبيقات المواعدة في برلين قبل كورونا بـ “حفلة لطيفة، يعزف فيها مجموعة من الهواة بتناغم تام، مجموعة من الأشخاص الناضجين، يلتقون بإرادتهم الحرة، يتفقون على شكل محدد لعلاقة قد لا تستمر لأكثر من أسبوع، حيث الكلمات اللطيفة لا تعني أية وعود، وحيث لا يتحول المرح المشترك إلى قيود تكبل أي من الطرفين، ثم فجأة ظهرت أزمة كورونا لتصبح بمثابة الشرطي الذي جاء ليفسد الحفلة، وتوقف العزف وانتهى المرح”.. لكن هل توقفت الحفلة بالفعل وانتهى المرح؟ وهل منعت الإجراءات الجديدة النساء والرجال من التعارف أو قضاء أوقات لطيفة معًا؟

مواعدة افتراضية حتى إشعار آخر

إدوارد شاب من مدينة هيسن يبلغ من العمر 39 عام، كان دائم التنقل بين المدن الألمانية بسبب طبيعة عمله، يصاحبه هاتفه المثبت عليه تطبيقات للمواعدة، وتعد هذه التطبيقات ومكالمات الفيديو بمثابة نافذة إدوارد للتواصل الإنساني بشكل عام، والمواعدة بشكل خاص، يقول: “سابقًا كنت أرى سيدتين أو ثلاث كل شهر، منذ بداية أزمة كورونا لم ألتقي بأي سيدة، لكن أعتمد على الأمور الافتراضية، فمكالمات الفيديو تتصدر الموقف الآن”. أما فيليب (44 سنة، برلين) فيرى أن الإقبال على تطبيقات المواعدة زاد بشكل كبير منذ بداية الأزمة وبمعدلات أكثر كثيرًا مما كان عليه الحال قبل تفشي الفيروس، فالجميع الآن “أونلاين” في محاولة لتعويض عدم الالتقاء المباشر، يوضح: “كنت أقوم بعمل مواعدة مرة واحدة تقريبًا كل شهر فيما مضى، الآن يمكنني أن أعيش بلا مواعدة حقيقية على الإطلاق، الأمر به مخاطرة كبيرة”، ففيليب أب لطفل عمره 7 سنوات، ولا يريد أن يعرضه لخطر العدوى، ويقوم فقط بالتعرف الهادئ على سيدات كثر حتى انتهاء الحظر، بعدها يمكنهم التلاقي.

المواعدة رغم أنف كورونا!

بسؤالها إن كانت تقوم بالمواعدة هذه الأيام، ضحكت خديجة مرددة الكليشيه الشهير لجيل الثمانينيات: “في هذه الأيام الصعبة Old is Gold، نعم أواعد معارف وأصدقاء أعرفهم منذ فترة ما قبل اندلاع الفيروس، بالطبع أنخفض عدد مرات الديتنج عما كان عليه الحال قبل كورونا، لكن لن أدع الفيروس يفسد حياتي، فأنا سيدة جميلة ومحبوبة وأحب المرح والحياة، كل ما علي فعله هو الحذر فالأصدقاء القدامى لن يخدعوني حال شكهم في الإصابة ولن يسببوا لي أي أذى”. وحول المواعدة الافتراضية، تقول خديجة بنضج مفتعل متقمصة أدوار الفنانة نادية الجندي في كل أفلامها: “كبرنا على التواصل الافتراضي”! أما عادل (33 سنة مصري يدرس ببرلين) فالأمر لديه أكثر صعوبة، إذ لا يؤمن بجدوى تطبيقات المواعدة: “لا أحب استخدام تطبيقات المواعدة، أستغرب جدًا فكرة أن أعبر عن نفسي بصورة ومقدمة تعريفية، الأمر لدي متوقف على رؤية الناس في الواقع”، يعد الأمر بالنسبة لعادل أصعب بعد انتشار الفيروس حيث القيود على التجمعات، وبالتالي يصعب عليه إمكانية رؤية فتاة والتعرف عليها بالطرق التقليدية.

هل غيّرنا فيروس كورونا؟

منذ اندلاع الفيروس وحتى هذه اللحظة، لم يتوقف رواد السوشيال ميديا عن ترديد نفس المقولة: “عالم ما بعد كورونا لن يشبه عالم ما قبلها”، البعض يتحدث عن تغير موازين القوى الدولية، البعض الآخر يطل علينا بنظريات تحليلية عن تغييرات جذرية في السلوك الاجتماعي، والبعض الآخر يكتب الجملة مصحوبة بشعور “عمق شديد” دونما توضيح! حتى أصبحت مقولاتهم محل سخرية! لكن دعونا نتساءل هنا: بعد اختبار مشاعر الوحدة وصعوبة التلاقي، هل سنعيد التفكير بنمط حياتنا فيما يتعلق بالارتباط والحب والزواج؟ فعلى سبيل المثال أخبرتني إحدى الصديقات أنها راودتها فكرة الإنجاب خلال فترة العزلة هذه!

صديق آخر قال بأنه بدأ بالبحث عن علاقة مستقرة، أما شتيفان (39 سنة برلين) فكان رده بعيدًا عن كل توقعاتي! فبعد أن تباهى بصبيانية لطيفة بوقوع الفتيات (والسيدات والحطابين في الجبال النائية والعجائز حول نار المدفئة والفلاحين في المزارع) في حبه، قال لي مستغربًا: “لن أغير أي شيء بخصوص المواعدة بعد انتهاء القيود الاجتماعية، أعتقد أن البحث عن علاقة مستقرة بعد الأزمة هو بمثابة خطوة غبية استراتيجيًا، إذ سيكون العالم مليئًا بالفتيات والنساء اللائي انفصلن عن شركائهن حديثًا، لأنه خلال الأزمة كان عليهن قضاء الوقت مع الشركاء، وبالتالي اكتشاف أنهم غير منسجمين مع بعض على الإطلاق، فقبل الأزمة كانوا يفرون دائمًا من مواجهة هذه الحقيقة بسبب الخروج للعمل! لكن خلال فترة عزل كورونا لم يكن هناك مفر من البقاء معًا واكتشاف الحقيقة، لذا بعد الأزمة سيكون هناك طلب كبير على غير المرتبطين من الجنسين، سيكون أمام كل شخص خيارات كثيرة للمواعدة مع احتمالات كبيرة للنجاح، علاوة على ذلك، معظم الناس بعد الأزمة سيكونوا مفعمين بالطاقة الجنسية المكبوتة، لذا ستنطوي المواعدة على الكثير والكثير من الإثارة والمتعة”..
إنتهى

  • ملحوظة: تم تغيير الأسماء من قبل المحرر حفاظًا على خصوصية أصحابها!