Photo: Asmaa Yousuf
28/03/2020

على هامش العزلة.. اشتياق للعناق واكتساب عادات صحية!

“لم يعد بإمكاني أن أحتضن بابا وماما لإنني أخشى أن أتسبب لهم بأي أذى، قمت بزيارتهم فتبادلنا عبارات السلام والترحاب مع الحفاظ على مسافة مناسبة، بالنسبة لي هذا لقاء بارد حتى لو كانت الكلمات دافئة والمشاعر واضحة، أنا أحب التلامس والأحضان، الظروف الحالية حرمتني من حقي في الاختيار بشكل عام، وهو ما يشعرني بالعجز”. تقول السيدة السكندرية آية زايد واصفة كيفية تأثير الحجر بمدينة الأسكندرية على حياتها.

أعادة تقييم الأولويات

آية زايد

أكثر ما يخيف آية أننا أمام عدو لا يمكننا رؤيته موجود على جميع الأسطح “وبين قبلات وأيدي أحبتنا”، سيظل الحبس حبس حتى لو كان داخل منزلًا بها كل سبل الرفاهية: “أشعر أننا محاصرين داخل أسوار الوطن وهو ما يعني أننا فقدنا رفاهية الفرار”. كما تفتقد آية وهي أم لثلاثة أطفال روتينها اليومي الذي كانت تبدأه بعد ذهاب الأطفال للمدرسة حيث لم يعد يمكنها المداومة على المشي الصباحي. وفيما يتعلق بما أمكنها الاستغناء عنه هذه الفترة تقول آية: “العزلة كانت فرصة لإعادة تقييم الأمور، إكتشفت أنه يمكننا الإستغناء عما كنا نراه مستحيلا من وجبات جاهزة، تسوق، قهوة ستاربكس، ماكدونالدز، مطاعم حتى المدارس استغنينا عنها وعدنا لتدريس اطفالنا بأنفسنا، والأطفال تخلوا عن رفاهيات كتير اثبتت اننا نقدر على العيش من غيرها واننا أقوى منها”، وترى آية أنها بالفعل كانت تهدر الكثير من الأموال خلال الفترة الماضية: “حتى جاء فيروس مجهري ليثبت لي أن كل ما أمكنني امتلاكه لا قيمة له، وأن أهم ما يمكن امتلاكه الآن هو جسم سليم وعقل مازال قادرًا علي التفكير ونفس هادئة تطمئني في ظل هذا الجنون”. وفي النهاية أكدت آية بأنها تبتعد قدر الإمكان عن الانسياق لجنون الفزع وتحاول الاستفادة من فترة العزلة لإعادة اكتشاف ذاتها من جديد، ولتقييم أولوياتها.

عادات غذائية جديدة

أمامة السافي

ومن الإسكندرية إلى تونس، حيث تراقب مصممة الإكسسوارات أمامة السافي تغيراتها ومحاولات تكيفها مع إجراءات الحظر، تقول أمامة: “قبل أزمة كورونا كانت عاداتي الغذائية سيئة للغاية، لم أكن أهتم بالتغذية الصحية وكنت أتناول الكثير من الوجبات السريعة والمكسرات المليئة بالأملاح، لكن الآن وحفاظًا على صحتي غيرت عاداتي الغذائية تمامًا فأصبحت الخضروات مكون أساسي في غذائي، أنا أمنح نفسي فرصة أخرى للتعود على سلوكيات غذائية أفضل”.

لن نعود كما كنا

وتضيف أمامة أن الحظر أجبرها على التخلي عن بعض العادات التي كانت بمثابة إدمان بالنسبة لها: “لم أتخيل نفسي أجلس بالمنزل لمدة يوم أو يومان دون تناول القهوة بالخارج ورؤية الصديقات”، وتصف أنها في في بداية الحظر كانت قلقة ومتوترة لكنها تعودت: “في البداية شعرت أنني في سجن ولكنني تعودت بل أصبحت أوفر ثمن القهوة”. وفي محاولة منها للاستفادة من وقتها بدأت أمامة في بث مقاطع فيديو لايف تقوم من خلالها بالحديث حول موضوعات مختلفة، بالإضافة للبدء في ممارسة الرياضة بالمنزل وتعلم الرقص الشرقي. وحول استمرارية العادات الجديدة تقول أمامة: “أتوقع بعد انتهاء الأزمة ورفع الحظر ستبقى معنا الكثير من هذه العادات المكتسبة خلال الأزمة”.

كوكب برلين الفارغ!

جونر ديموث

الآن نتوقف في محطتنا الأخيرة لليوم، وهي برلين، المدينة التي لم تخلو زاوية فيها من حفلة هنا ومناسبة هناك، فإن لم تكن من محبي الحفلات، هناك النقاشات السياسية والاجتماعية التي كانت تزدحم بها جداول المنظمات التابعة للأحزاب وغيرها. يقول جونر ديموث (طبيب بيطري): “أفتقد بشدة لعبتي المفضلة تنس الطاولة، كما أفقتد الفعاليات التي كنت أواظب على حضورها في دوائر مختلفة، كالفعاليات المنظمة من جانب جامعة برلين الحرة، أو نقاشات المنظمات التابعة للأحزاب السياسية في برلين، لم أعد أتحرك كثيرًا كالسابق”. دائمًا ما يفكر ديموث في معضلة الحرية والصحة، يمكنه قيادة الدراجة بعض الشيء الآن في شوارع المدينة: “برلين أصبحت ككوبٍ خالٍ”.. لم تتغير عادات ديموث الصحية لا قبل ولا مع الأزمة: “كنت آكل بشكل صحي ومازلت أفعل ذلك، كنت لا أشرب الكحول كثيرًا ومازلت محافظًا على ذلك الشيء”، إلا أنه اكتشف شيئًا جديدًا في برلين: “إكتشفت أن برلين فيها عدد كبير من أفراد الشرطة رغم أن المتعارف عليه أنه لا يوجد عدد كافٍ من أفراد الشرطة بالمدينة، لأنه لا أحد يحب أن يصبح ضابط شرطة! لكنني اكتشفت أن عددهم كبير عندما جاءوا لي وطالبوني بالذهاب للمنزل بينما كنت أمارس الرياضة في الحديقة”.