Photo: Ahmad Alrifaee
20/11/2019

درسدن بين سحر المدينة وحركة بيغيدا والقادمين الجدد!

بمجرد اقتراب القطار من المحطة الرئيسية، يمكنك الشعور بهدوء المدينة، ما إن خرجت من المحطة كي أستقل الترام بدا كل شيء ساكنًا، المارة على غير عجلة من أمرهم كسكان برلين، ربما أقل عبوسًا.. أفضل عدم الاعتماد كلية على خدمة جوجل مابس في أول زيارة لي لأي مدينة ألمانية أو غير ألمانية، أحب أن أصنع حديثًا بيني وبين البشر متمنية أن يكونوا من أهل المدينة، رغم سمات التحفظ البادية على البعض إلا أنهم يسارعون للمساعدة ليس فقط بوصف الطريق بل واصطحابي إلى المحطة مع بعض النصائح حول عدم الخلط بين اتجاهات سير الترام.. حسن هذا مبشر ولكن كيف هو الوضع بالنسبة للقادمين الجدد المقيمين بمدينة درسدن؟

أين ذهب اللاجئون؟

منيت نفسي بالمزيد من المعرفة حول درسدن من القادمين الجدد المقيمين بالمدينة الذين سوف ألتقيهم في سياق تغطيتي لأحداث مؤتمر مبادرات اللجوء لعام 2019، ورغم أهمية المؤتمر واختيار موضوعات ورش العمل التي تتناول حياة اللاجئين من أكثر من جانب إلا أنه لم يكن هناك الكثير من اللاجئين، معظم الحضور كانوا من الألمان والمنظمين وأصحاب المبادرات، ربما طبيعة المؤتمر استدعت ذلك لكن مازال من المهم حضور اللاجئين وبكثافة في مثل هذه الفعاليات لأجل الاستفادة من توصيات ورش العمل، بالطبع أصحاب المبادرات يمكنهم الحديث عن تجارب اللاجئين الذين يتعاملون معهم، لكن إن كنا نتحدث عن “الاندماج” فمن المهم التأكد من حضور أكبر لأولئك الذين عليهم “الاندماج”.

بيجيدا والتحفظ!

في إطار تساؤلاتي حول المدينة وكيف تسير الأمور مع القادمين الجدد، كان يبدأ البعض معي الإجابة وقبل تناول وضع اللاجئين بجملة “بيجيدا لها تواجد كبير بالمدينة ونظموا تظاهرات الجمعة وحاولنا تنبيه الناس بألا يقتربوا من أماكن تظاهرهم”، لكن لا يلبث المتحدث برسم ابتسامة مقاومة لشعور الإحباط قائلًا: “لكن المظاهرات المضادة لتظاهرات بيجيدا تكون أعدادها أكثر بكثير”. لا عجب إذن أنني لم أرى محجبات في الشوارع لا خلال تمشيتي الصباحية، ولا رحلتي المسائية بشوارع المدينة! هذا ناهيك عن الكثير من التحفظ من قبل البعض خاصة فيما يتعلق بالحديث عن أوضاع المسلمين وما قد يتعرضو له من مواقف توصف بـ “الكراهية ضد المسلمين”، كما رفضت بعض المشاركات استخدام لفظة “الإسلاموفوبيا” لمدلولها السيء حتى وإن كان مستخدمها يحاول الحديث عما يتعرض له المسلمون من كراهية، حيث أن الفوبيا توحي بأنه هناك مرض ما يخشاه الناس.

مم يعاني اللاجئون بدرسدن؟

المتحدثون خلال اللقاء في درسدن

انتقدت سوزانا نويبرت من مبادرة Initiativkreis: Menschen würdig من لايبتسيج التعديلات على قوانين اللجوء والتي جاءت ضمن ما يسمى بـ “حزمة قوانين الهجرة” وجاء على رأس هذه الانتقادات سماح التعديلات القانونية للشرطة والقائمين على تنفيذ ترحيل اللاجئين بدخول أماكن سكنهم دونما الحاجة لإذن القاضي، كما انتقدت رد حكومة ساكسونيا على استجواب برلماني يرى أن بيوت اللاجئين وطالبي اللجوء لا تخضع لحماية المادة 13 من الدستور الألماني التي تقضي بحرمة أماكن السكن. كما انتقدت وبشدة قواعد العيش بمنازل اللاجئين التابعة للدولة فيما يعرف بـ Hausordnung حيث يصل العقاب أحيانًا لاجبار البعض على البقاء خارج المنزل لساعتين أو أكثر، وأحيانًا يكون الجو ممطرًا وباردًا، بالإضافة لاحتمالية تعرض البعض للعقاب بسبب شكوى كيدية مثلًا، فلا يوجد هناك مختص يحدد من يجب تطبيق العقاب عليه. من جانبه انتقد يورج أيشلر من مجلس ساكسونيا للاجئين التعديلات على قوانين اللجوء خاصة ما يتعلق بأولئك الذين يقعون تحت بند الوقف المؤقت للترحيل فيما يعرف بـ Duldung حيث تقل المساعدات المادية التي يحصلون عليها من الدولة إلى النصف، كما يحرمون من كل الفرص المتاحة للاندماج، كما انتقد أيضًا Abschiebungshaft حيث يتم وضع المقرر ترحيلهم في سجون لحين ترحيلهم.

لنعرف بعضنا أكثر

رغم جمال المدينة الساحر ليلًا، إلا أنه مازال هناك شيء يشوبه، فهو جمال يعلن عن نفسه بتحفظ وربما في خوف من المساس به، ورغم أن أهل المدينة لن يبتسموا إليك في الترام، إلا أنهم يسارعون في شرح معالم المدينة في نوع من الفخر بأن لديهم كل هذا السحر والهدوء، مع عرض المساعدة للحديث عن أماكن أخرى، ومع ذلك قيل لي بأن “الحياة بها صعبة على القادمين الجدد” وحتى هذه الجملة قيلت بتحفظ شديد! ربما هي مشكلة هيكلية اجتماعية لها علاقة بالعنصرية كما ذكرت إحدى المشاركات ج. ن، وربما يحتاج الناس هناك أن يعرفوا بعضهم البعض بشكل أفضل، قد تستطيع الميديا المساهمة بتقديم كلا الأطراف لبعضهم البعض..

Photo: Ahmad Alrifaee