Photo: Osama Alqass
13/02/2019

برليناليه يعرض “أغنية البجعة” للمخرجة السعودية هناء العمير

أغنية البجعة.. تعبير مجازٍ يرمز إلى آخر عمل أو جهد أو إيماءة قبل الوفاة أو الرحيل، يعود هذا التعبير إلى اعتقادٍ قديم مفاده أن البجع يقوم بالغناء قبل لحظات من وفاته بعد أن ظلَّ صامتاً طيلة حياته. فيما بعد أصبحت “أغنية البجع” مصطلح يُشير إلى الظهور المسرحي أو الدرامي الأخير، أو أي عمل أو إنجاز أخير، حيث يعي الممثل أن هذا هو آخر عرض له في حياته، لذا يبذل كل ما في وسعه ليكون أفضل ما قدم.

المخرجة هناء العمير

شاركت المخرجة هناء العمير بفيلمها “أغنية البجعة” في مهرجان السينما البرليني وقبلت تحمل المخاطرة بالقيام بلقطة طويلة مدتها 18 دقيقة، فهو مسرحية داخل مسرحية داخل فيلم، تقول العمير: “الفكرة كانت موجودة في ذهني منذ مدة، كنت أرغب بتصوير حالة الممثل عندما يكون في حالة توهج على المسرح وحالة الموت خارج المسرح، واستطاع الممثل السوري الأصل أسامة القس أن يقدم مساحات واسعة للشخصية والتي تشبهه بالواقع إلى حدٍّ بعيد” .

يصور الفيلم ممثل مسرحي كما هو في مسرحية تشيخوف، يتحدث عن نفسه ويتداعى في ذكرياته، لكن الممثل السعودي يأخذ جانب آخر، بالتحدث عن حبيبته التي تركته كونه ممثل، والجمهور الذي يطلب منه نوع آخر من الفن هو لا يستسيغه، بل يريده أن يكون مهرجاً بطريقة مبتذلة. يقوم الممثل بتأدية بعض المشاهد التي قام بتأديتها سابقاً على الخشبة مستعيتاً بالألبسة والاكسسوارات المتوفرة بالمكان ليضيء بوجوده الصالة الفارغة من الحضور والتصفيق. في النهاية، وجد بطل الفيلم لنفسه حلاً هو الموت، لكن بشكل آخر، عندما أصبح آلة يكرر نفس المعلومات بشكل جاف كمعلم رياضيات بعيداً تماماً عن حلمه، وما يحب أن يكون عليه.

بوستر الفيلم

يظهر المسرح عادة بالسينما عن بعد، لكن في هذا الفيلم تقوم العمير بجعل المشاهد يعيش حالة الوجود داخل المسرحية وأن يكون جزءاً منها، وقد يختلط أحياناً الواقع والحالة الشعورية للممثل بالمسرحية مما يشكل التباساً آنياً سرعان ما يتجلى في اللقطة الختامية المفاجئة، تضيف العمير: “الحديث عن عالمه الداخلي الذي يعيشه هذا الشخص والذي هو من الخارج شخص ميت، لكن بداخله كل تلك الشخصيات المكتومة.. وهذا يمثلنا جميعاً فالجميع لديه شخصيات متداخلة، متفاوتة في واقعنا لا نستطيع ان نعبر عنها نجدها ميتة بلا روح، لكن الروح موجودة ، هي موجودة في الداخل وتنتظر من يُخرجها في النهاية”.

مسرحية “أغنية البجعة” مأخوذة عن قصة قصيرة للكاتب أنطون تشيخوف الذي اشتهر بريادته لفن القصة القصيرة، والمسرحيات التقليدية، فهو فنان الدراما الواقعية، كتب تشيخوف 17 مسرحية في حياته، وهذه هي المسرحية الرابعة، وفي رسالة لتشيخوف بالـ 14 كانون الثاني/ يناير 1887، قال: “كتبتُ هذه المسرحية في ربع ورقة، وستمثل في 15 – 20 دقيقة”.

كما يعتقد أحد النقاد أن الممثل لتلك المسرحية يجب أن يستخدم 12 نبرة مختلفة ومتباينة من هذا الفن، ولهذا فان تمثيلها يتطلب مهارات عالية في فن الالقاء من قبل الممثل، وهنا يتحدث أسامة القس عن تجربته قائلاً: “لقد حرصت أن يكون الأداء المسرحي طاغ في العمل، وبالرغم من أن التصوير كان متعب جسديا و لكنني كنت مستمتع روحياً، أنا سعيد جداً بمشاركتي بهذا الفيلم، فهو يجمع بين المسرح عشقي الأزلي والسينما. هو حالة مسرحية متصلة، فيه معاناة الممثل المسرحي (شخصية الفلم) في ظل انقطاع تواصله مع المحيط، نتيجة الضغوط الاجتماعية الكبيرة عليه”.

يُعتبر فيلم “أغنية البجعة” المشاركة الثالثة لأسامة القس بالأفلام القصيرة، كما شارك في التمثيل غازي حمد، بالإضافة لمدير التصوير والإضاءة علاء الدين العنزاوي وستيدي كام بلال مهدي، والمخرجة الفنية تالا طرابيشي، ومن إنتاج مؤسسة الصحراء الفنية – أفلام برودكشن.

‏‎ الجدير بالذكر أن المخرجة هناء العمير قامت بإخراج فيلم وثائقي بعنوان “بعيداً عن الكلام” وفيلم قصير تحت عنوان “شكوى”، والذي حصل على العديد من الجوائز، كما حققت عملا مميزا في تجربة تلفزيونية بإخراج سينمائي بمسلسل “بدون فلتر” الذي عُرض في شهر رمضان الماضي، تحضّر العمير الآن لعملها التلفزيوني الجديد والذي سيعرض في رمضان القادم.

أمل برلين | إعداد وتقرير: أملود الأمير
Photo: Osama Alqass