©Asmaa Yousuf
13/01/2019

برلين لا تنسى.. 100 عام على اغتيال روزا لوكسمبورج

“أي نظام يبنى بشكل مستمر على المذابح الدموية يتجه إلى الإضمحلال، فليسد النظام في برلين.. أيها الحمقى، نظامكم مبني على الرمال.. وغدًا ستندلع الثورة مرة أخرى، ولإخافتكم سوف تعلن الثورة بأبواق مستعرة: كنت ومازلت وسأكون”.

هذا آخر ما قالته السيدة روزا لوكسمبورج قبل أيام من اغتيالها، موجهة رسالتها للاشتراكيين الديمقراطيين الذين آثروا الطريق الإصلاحي التدريجي، ورفضوا الثورة في وقت كان الطريق الجذري الراديكالي هو الأقرب لما أرادته لوكسمبورج وشركائها، كانت رسالتها موجهة لما قام به أعضاء “فريكوربس” من ممارسات عنيفة ضد الحركات العمالية في ألمانيا وفي ظل سكوت تام من الاشتراكيين الديمقراطيين.

cof

الأمطار التي لم تتوقف عن الهبوط منذ الصباح الباكر، لم تمنع المشاركين من كافة الأعمار عن التوافد إلى ساحة النصب التذكاري، منهم من يحمل شعارًا اشتراكيًا وأخرى تحمل لافتة كتب عليها: “لن ننسى كارل” وأم شابة ومعها رضيعها، وزوجان يحملان طفليهما.. فتيات لا يتجاوزن السادسة عشرة يوزعن إحدى مجلات الشباب الاشتراكية، نشطاء بيئة من أوروبا وأفريقيا.

cof

لم تقم الثورة التي بشرت بها لوكسمبورج، لكن اليوم وفي الذكرى المئوية لاغتيالها ورفيقها في عصبة عصبة سبارتاكوس كارل ليبكنيشت، ضمت المنصة الرئيسية في الساحة المحيطة بالنصب التذكاري للاشتراكيين في منطقة فريدريشفيلد، متحدثين من أماكن مختلفة حول العالم، من نيبال وبنجلاديش وفرنسا وتوجو وكوريا الجنوبية وغيرها الكثير.

cof

كيف لا وهي من حاربت الإمبريالية وعادت الحرب العالمية الأولى، وأعلنت رفضها الصريح للنزعات القومية منذ أن كانت تعيش في بولندا، حيث ولدت في 5 مارس 1871، وهو ما ظهر بمعارضتها لفلاديمير لينين بعد ذلك فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها، كما عارضت ما رؤية لينين أن الحزب الشيوعي يجب أن يكون الأداة لتحقيق ديكتاتورية البروليتاريا، وإرتأت في ذلك مفسدة للديمقراطية التي هي بالنسبة لها الوسيلة الوحيدة للوصول لحكم البروليتاريا.

إنها قائدة الجناح الراديكالي في الحركة العمالية الألمانية، والتي لم يستطع أعدائها إسكاتها والقضاء على تأثيرها حتى بعد القبض عليها، سوى بسحق مؤخرة رأسها برشاش وإلقاء جثتها بقناة لاندفير في برلين، وذلك في 15 يناير/ كانون الثاني 1919، على يد عصابة فرايكوربس (ميليشيات تبقت من الحرب العالمية الأولى وشكلت فيما بعد العمود الفقري للجيش النازي) وفي حكم الاشتراكيين الديمقراطيين.

في 25 يناير/ كانون الثاني دُفن رفيقها كارل ليبكنخت مع 31 من الرفاق الاشتراكيين في مقبرة فريدريشفيلد بموكب كبير، دون روزا لوكسمبورج، حيث لم يكن عُثر على جثمانها حتى ذاك الوقت.

oznor

في يوم 13 يوليو/ تموز عام 1919 دُفن رفات قيل أنها جثة روزا لوكسمبورج بجانب كارل ليبكنخت، وهو ما شكك فيه أخصائي التشريح في مشفى الشاريتيه د. ميشائيل تسكوس منذ حوالي عشرة أعوام، حيث افترض ان إحدى الجثث الموجودة في مشرحة المشفى والتي تجرى عليها التدريبات، قد تعود لروزا لوكسمبورج، لكنه لم يستطع أن يثبت ذلك.

©Asmaa Yousuf

لا يهم الآن أين يستقر جسد روزا لوكسمبورج، في مقبرة فريدريشفيلد أم في قاع قناة لاندفير أم في بطون الأسماك، أم في المشرحة، ما يهم أن أفكارها انتشرت حول العالم؟

أمل برلين| إعداد وتقرير: أسماء يوسف
Photo: Asmaa Yousuf