©Asmaa Yousuf
22/06/2018

نلتقي لمزيد من الاحترام.. مشروع للتقارب بين اليهود والمسلمين

إلياس وآندر أثناء النقاش مع التلاميذ

يبدأ كلاً من الإمام المسلم آندر شين، والحاخام اليهودي إلياس. د، بوضع مجموعة من الصور وقصاصات الورق التي تحمل عبارات من تعاليم الإسلام أو اليهودية، أو معلومات تاريخية عنهما، ثم يضعون ثلاث أوراق كبيرة عليها كلمات: (الإسلام – اليهودية – كلاهما)، ثم يسألوا التلاميذ فرز القصاصات على هذه الأوراق الكبيرة.. من هنا يبدأ نقاش وحوار لا نهاية له بين التلاميذ والحاخام والإمام، ليتضح أن الأطفال ينقصهم الكثير من المعلومات حول الديانتين، هذا ما يحدث في كل زيارة مدرسية يقوم بها أندر وإلياس ضمن نشاطات مشروع (نلتقي لمزيد من الاحترام)  Meet to respect، أمل برلين رافقت الإمام والحاخام في إحدى زياراتهما لمدرسة friedenauer-gemeinschafts وهي المدرسة التي شهدت بداية العام حادثة الاعتداء على طفل يهودي بكلام معادِ للسامية، ما اضطر والداه لنقله من المدرسة خوفًا عليه.

يمكننا محاربة الكراهية

قصاصات اختبار المشروع

يوضح الحاخام إلياس سبب انضمامه لمشروع meet2respect بأن مثل هذه الاجتماعات تتيح المزيد من التعارف بين أبناء الديانتين، وهذه اللقاءات من شأنها أن تُري التلاميذ كيف أن الحاخام والإمام يمكنهم العمل معًا والتحدث حول كل شيء وبالتالي يعلم الأطفال أنه من الممكن أن يعيش الجميع في سلام بغض النظر عن الدين ووجهة النظر التي يتبناها كل طرف. وحول كون الصراع العربي الاسرائيلي أحد أسباب بعض الهجمات المعادية للسامية في مدينة مثل برلين قال إلياس: “المشكلة هنا في التعميم وهذا ما يجب علينا أن ننتبه إليه، فأنا ولدت في ألمانيا لأب مغربي وأم بولندية، وبالتالي ليس كل اليهود إسرائيليين، بالضبط مثلما هو الموقف حال قيام أحد المسلمين بعمل إرهابي، فهذا لا يعني أن كل المسلمين إرهابيين، ويجب علينا أن نوضح لأبناءنا شيئًا عن حقيقة الصراع هناك، ولا أدري إن كانت المدارس هنا تقوم بذلك أم لا”.

الأطفال المسلمين لا يعرفون الكثير عن الإسلام!

كلاهما.. إحدى قصاصات اختبار المشروع

لاحظ الإمام آندر من خلال زياراته للمدارس أن الأطفال بشكل عام يعرفوا القليل عن اليهودية والإسلام، والعديد من الأطفال المسلمين لا يعرفوا الكثير عن الإسلام، ولديهم تساؤلات جمة. ويعبر آندر عن دهشته بسبب الأعمال المعادية للسامية التي ترتكب والتي يشوبها العنف الجسدي، كما حدث مؤخرًا مع المعتدي على مرتدي الكيبا، قائلًا: “نعرف من التاريخ الإسلامي أن المسلمين واليهود عاشوا معًا في سلام وصداقة، أعرف أن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يسبب مشكلة كبيرة، لكن علينا أن نفرق بين السياسات الاسرائيلية وأتباع الدين اليهودي. بعض النساء المسلمات اللاتي ترتدين الحجاب، وبعض الرجال اليهود الذين يرتدون الكيبا، يتعرضون أحيانا للإساءة.. هذه الأمور دفعتني بقوة للمشاركة بالمشروع”.

المدرسة لا تعوض دور الوالدين

مدير القسم الابتدائي في مدرسة friedenauer-gemeinschafts آكسل يونكر قال أن مدرستهم لديها الكثير من مشروعات التعددية والتواصل مع الآخر، فمعظم طلابهم ليسوا من أصول ألمانية، ويتحدثوا لغات مختلفة، كما ينحدرو من خلفيات دينية وثقافية متعددة. وعبر يونكر عن إعجابه بمشروع (نلتقي لمزيد من الاحترام)  Meet to respect وكيف أن حاخام وإمام يذهبان سوية للمدارس لتوعية الطلاب، لكنه أوضح أن المشروعات ليست كل شيء، فالأهل عليهم مسؤولية كبيرة، معبرًا عن أسفه لأن الكثير من الآباء لا يحضرون الاجتماعات المدرسية، والبعض منهم غير مهتم بالتعليم أساساً.

وحول كيفية التعامل مع ممارسات الطلاب غير المقبولة قال يونكر: “في بعض الأحيان يأتي التلاميذ من مدارس أخرى لأنهم فعلوا أمرًا خاطئًا هناك، وعندما يقوموا بفعل نفس الشيء مرة أخرى هنا، لا يمكننا ببساطة طردهم فالتعليم الأساسي إلزامي في ألمانيا، كما لا يمكننا مراقبة ما يقارب ألف تلميذ، لذا من المهم استجابة الآباء والأمهات لدعوات المدرسة المتكررة لحضور الاجتماعات والفعاليات والانشطة المختلفة المعنية بالتلاميذ وعائلاتهم”.

بداية القصة

عام 2012 تعرض دانيال للضرب في الشارع بينما كان يسير مع ابنته البالغة من العمر 7 سنوات آنذاك، وكان وقتها يشارك في برنامج للقادة تنفذه منظمة Network with Responsibility مع قيادات دينية أخرى، فتحدث في الأمر مع الإمام فريد، وقررا ضرورة عمل شيء، من هنا جاءت فكرة مشروع (نلتقي لمزيد من الاحترام)  Meet to respect عام 2013.

سوزانا كابيه مديرة المشروع

استغرقت الإعدادات للمشروع بعض الوقت، وبحلول عام 2015 انطلق العمل، هكذا أوضحت مديرة المشروع سوزانا كابيه حول كيفية البدء وأضافت: “ننجز 35 زيارة في العام بمعدل زيارة كل أسبوع تقريبًا، ونحن ممولون من حكومة ولاية برلين، وتحديداً وزارة الثقافة والشئون الدينية، لكنه تمويل محدود، لذا نقوم بسؤال المدارس تقديم التبرعات، فأنا أأمل بجعل عمل ممثلي الديانات المشاركين في المشروع وكأنه عمل بنصف دوام، فالتطوع وحده لن يكون كافيًا مقارنة بالجهود المبذولة”.

في نهاية حديث كابيه لأمل برلين، دعت كل البرلينيين للمشاركة في فعالية المشروع القادمة، حيث سيقوم 5 أئمة و5 حاخامات، بجولة على الدراجات يوم الأحد القادم 24 يونيو/ حزيران الجاري. لمزيد من التفاصيل والمشاركة على الرابط التالي: جولة معًا بالدراجات في شوارع برلين.

مدير المدرسة وإحدى المربيات مع الإمام والحاخام

أمل برلين | إعداد وتقرير: أسماء يوسف
Photo: asmaa Yousuf