رغم التحديات التي تفرضها الهجرة على اللغة الألمانية، يؤكد باحثون أن هذه التحديات لا تشكل تهديدًا أو تمهيدًا لاندثارها، بل على العكس، يمكن أن تسهم في استقرارها وانتشارها، مع تزايد أعداد من يتعلمونها ويتحدثون بها. وقالت عالمة اللغويات ريتا فرانشيسكيني، مديرة مشروع كتاب “الألمانية في أوروبا”، إن “اللغة الألمانية يمكن أن تتوسع عبر المدارس الجيدة وكذلك عبر القادمين الجدد”.
الألمانية في 15 دولة أوروبية
في الدول الأساسية الناطقة بالألمانية مثل ألمانيا والنمسا وسويسرا، تواجه اللغة صعوبات بسبب التعددية اللغوية، سواء بفعل تأثير الإنجليزية أو الهجرة. ومع ذلك، تبقى الأرقام إيجابية؛ إذ تشير إحصاءات عام 2024 إلى أن أقل من 15% من الأسر في ألمانيا تستخدم لغة غير الألمانية داخل البيت، ما يعني أن الألمانية ما تزال حاضرة بقوة.
تُستخدم الألمانية في 15 دولة أوروبية، وتعد لغة رسمية في سبع منها. ووفقًا لفرانشيسكيني، يمتد نطاقها من جنوب الدنمارك حتى شمال إيطاليا، ومن شرق بلجيكا حتى نهر الفولغا في روسيا. وأضافت: “إنه انتشار هائل، ولا توجد لغة أوروبية أخرى تمتعت تاريخيًا بمثل هذا الامتداد”. ويبلغ عدد الناطقين بها كلغة أم نحو 95 مليون شخص، فيما يتحدث بها نحو 30 مليونًا كلغة ثانية، لتكون بذلك ثاني أكثر لغة أوروبية بعد الروسية.
تراجع في أوروبا الشرقية
لكن هذه الحيوية ليست متساوية في كل مكان؛ ففي أوكرانيا وبولندا وتشيك ومنطقة الفولغا الروسية، تتراجع الألمانية تدريجيًا مع تناقص أعداد الناطقين الذين ينقلونها للأجيال الجديدة. ويبرز في المقابل النموذج الروماني، حيث فُتحت المدارس الألمانية أيضًا أمام غير الناطقين بها، ما أتاح للغة اكتساب متحدثين جدد.
وشدد الباحثون على أهمية استمرار دعم اللغة عبر مؤسسات مثل معهد غوته، رغم تقليص ميزانياته، إضافة إلى الدور الوسيط المهم الذي يقوم به “خدمة التبادل الأكاديمي الألمانية” (DAAD).
ويُعد الكتاب رابع تقرير عن وضع اللغة الألمانية، صادرًا عن الأكاديمية الألمانية للغة والأدب واتحاد الأكاديميات، وهو متاح مجانًا على الإنترنت للتحميل.
