تُجري روسيا وبيلاروسيا مناورات عسكرية مشتركة تُعرف باسم مناورات “زاباد 2025″، وهي تثير اهتماماً وتساؤلات واسعة في الأوساط الدولية. ورغم أن هذه المناورات تجري بشكل دوري، إلا أن ظروفها الحالية في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا تضفي عليها أهمية خاصة. وتثير مخاوف من أن تكون أكثر من مجرد تدريب عسكري روتيني.
لماذا تثير هذه المناورات قلق الغرب؟
تعد مناورات “زاباد” بمثابة استعراض للقوة العسكرية الروسية، إذ تشارك فيها أعداد هائلة من القوات والأسلحة، بما في ذلك الطائرات والمدرعات وأنظمة الدفاع الجوي. يرى بعض المحللين أن هذه المناورات تهدف إلى إرسال رسالة ردع للغرب، خاصةً في ظل التوترات المتزايدة بين الناتو وروسيا. كما أن توقيتها وموقعها، على الحدود مع دول الناتو، يثير قلقاً من إمكانية استخدامها كذريعة لتصعيد عسكري.
ألمانيا و”زاباد 2025″: موقف حذر
تتابع ألمانيا، شأنها شأن الدول الأوروبية الأخرى، مجريات مناورات “زاباد 2025” عن كثب. فبينما تسمح اتفاقية “فيينا 2011” لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بإرسال مراقبين عسكريين لمثل هذه المناورات، فقد قررت ألمانيا عدم إرسال أي مراقبين. يعزى هذا القرار إلى عدة عوامل، أهمها أن الوضع الحالي لا يسمح بالتعاون مع روسيا في هذا الإطار. وترى برلين أن إرسال مراقبين قد يفهم على أنه تطبيع للعلاقات. وهو ما يتعارض مع موقفها الرافض للسياسات الروسية في أوكرانيا. بالإضافة لأنه لم يعد هناك أي ثقة بين برلين وموسكو، خاصةً بعد أن أظهرت روسيا سلوكاً عدوانياً تجاه الدول المجاورة. وبالتالي، فإن حضور المراقبين الألمان لن يكون مجدياً في ظل غياب الشفافية من الجانب الروسي. كما أن ألمانيا ترسل رسالة واضحة إلى روسيا مفادها أنها لا توافق على هذه المناورات، وأنها تعتبرها تهديداً محتملاً للأمن الأوروبي.
هل تخفي المناورات أهدافاً أخرى؟
يطرح البعض تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لمناورات “زاباد”. فبينما تعلن موسكو ومينسك أنها تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية، يرى محللون آخرون أنها قد تكون جزءًا من خطة أوسع. فالوجود العسكري الروسي المكثف على الحدود مع أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق، إضافة إلى المناورات، يثير مخاوف من أن تستخدم هذه القوات في هجوم جديد أو في أعمال عسكرية أخرى.
كما يشير بعض المراقبين إلى أن المناورات قد تستخدم كغطاء لعملية حشد عسكرية سرية، والمعروف بـ”التعبئة الخفية”. فمن خلال إشراك أعداد كبيرة من الجنود والاحتياطيين في المناورات، يمكن لروسيا أن تزيد من قدراتها القتالية دون إعلان التعبئة بشكل رسمي، وهو ما قد تستخدمه في حال قررت توسيع عملياتها العسكرية.
تعد مناورات “زاباد 2025” حدثاً عسكرياً بالغ الأهمية، يتجاوز كونه مجرد تدريب عسكري. فهي تعكس التوترات الجيوسياسية الراهنة، وتظهر العزم الروسي على استعراض القوة، في الوقت الذي تثير فيه مخاوف من احتمال أن تكون مقدمة لعمليات عسكرية جديدة. ويبقى الموقف الألماني برفض إرسال مراقبين مؤشراً على مدى التوتر وعدم الثقة السائد بين روسيا والغرب.
Bild von Jens Büttner/dpa