تخيّلوا أن تبدأ نهاركم بفتح بريدكم الإلكتروني لتجدوا رسالة تحمل بياناتكم الشخصية، مرفقة بتهديد صريح بضرورة دفع 35 يورو، وإلا ستُستخدم تلك المعلومات ضدكم. أو ربما تكتشفون لاحقاً سحب مبلغ من حسابكم البنكي دون أن تكونوا قد أجريتم أي عملية شراء.
هذه المواقف ليست مشاهد من فيلم تشويق، بل هي سيناريوهات يومية يعيشها كثيرون في ألمانيا في زمن الإنترنت، إذ أصبحت السرعة والتكنولوجيا ركيزة حياتنا المعاصرة. غير أنّ الوجه المشرق للتطور الرقمي، بما يقدّمه من مزايا وسهولة في التواصل والمعاملات، يخفي في طياته أيضاً مخاطر جدية. فالتقنيات ذاتها التي تسهّل حياتنا قد تتحول إلى أدوات بيد المحتالين، الذين يستغلون ثغرات النظام الرقمي لابتزاز الأفراد أو سرقة أموالهم.
اختراق الحساب البنكي الشخصي!
زميلتي الصحفية تامريكو شوشياشفيلي كانت ضحية لعملية احتيال إلكتروني متقنة. فعند مراجعتها لحسابها البنكي عبر الإنترنت، لاحظت سحب مبالغ مالية عبر PayPal رغم أنها لم تقم بأي عملية شراء. وتقول شوشياشفيلي: “تواصلت مباشرة مع البنك للاستفسار عن المبلغ المسحوب، وأكدت لهم أنني لم أقم بأي عملية دفع عبر PayPal. وبعد أيام عديدة وملاحقة الموضوع، قام البنك بإرجاع المبلغ.”
عمليات خصم احتيالية تجاوزت مليار يورو!
بحسب بنك Sparkasse، تزايدت التحذيرات في الآونة الأخيرة من عمليات احتيال مرتبطة بسحوبات غير قانونية عبر PayPal. وأوضح البنك أن المحتالين يستغلون هذه الثغرة للتلاعب بالعملاء، فيتلقّى كثيرون مكالمات من أشخاص ينتحلون صفة موظفي البنك. هؤلاء يزعمون أنهم بصدد التحقق من عمليات خصم مزعومة باسم PayPal، ويطلبون من العملاء إلغاء المعاملات وتأكيدها عبر TAN (رقم تأكيد المعاملات). لكن في الحقيقة، تتحول هذه البيانات مباشرة إلى المحتالين، ما يمنحهم وصولاً غير مشروع إلى الحسابات البنكية.
وفقاً لموقع Focus Online، كشفت تقارير عن ثغرة أمنية في PayPal تسببت في عمليات خصم احتيالية تجاوزت مليار يورو، ما دفع البنوك الألمانية إلى حظر الخصم المباشر بشكل جماعي. وقد تضرر بالدرجة الأولى تجار مثل Otto الذين تأخرت مدفوعاتهم نتيجة الحظر. وأكدت PayPal الاضطراب، مشيرة إلى أنها تعمل مع البنوك لمعالجة المعاملات المتأثرة. كما نصحت عملاءها بمراجعة حساباتهم والحذر من رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية.
احتيال رقمي ورسوم وهمية!
في خضم تزايد أساليب الاحتيال الرقمي، وجدت نفسي شخصياً ضحية لموقف يوضح كيف يمكن لتفصيلة صغيرة أن تتحول إلى متاهة مرهقة. تلقيت رسالة إلكترونية تطالبني بدفع 35 يورو بدعوى إلغاء عقد تأمين سفر. بالفعل كنت قد سعيت لإلغاء عقد حقيقي، لكن أثناء البحث على “غوغل” دخلت على رابط بدا للوهلة الأولى تابعاً للشركة اسمه “Termination Experts”. أدخلت بياناتي قبل أن أكتشف أنني في موقع وسيط، وليس الموقع الرسمي. لاحقاً، أرسلت طلب الإلغاء مباشرة للشركة الصحيحة، وتلقيت تأكيداً منهم.
منظمات غير ربحية لحماية المستهلك
غير أن الشركة الوسيطة التي دخلت إليها بالخطأ طالبتني برسوم إدارية بلغت 35 يورو، بحجة تكاليف الطباعة والإرسال. رغم أنني لم أستفد من أي خدمة ولم تكن هناك معلومات واضحة عن الرسوم مسبقاً. هذا التفصيل البسيط تحوّل إلى مصدر إزعاج امتد لأيام من المراسلات. عندها لجأت إلى Verbraucherzentrale، وهي منظمة ألمانية مستقلة لحماية المستهلك، حيث نصحوني باستخدام نموذج اعتراض قانوني متاح عبر موقعهم وإرساله بالبريد كخطوة رسمية للطعن بالطلب.
شركة محتالة وتحذيرات عديدة!
وبعد البحث عن الشركة الوسيطة، تبين أنها شركة تبدو وكأنها تساعد على إلغاء العقود، لكنها في الواقع فخ يوقع المستهلكين في تكاليف خفية. فبعد الاستخدام يتفاجأ العملاء بفواتير مرتفعة، بينما غالباً ما يستمر العقد الأصلي.
كما تحذر حماية المستهلك التابعة لجمعية العمال (AK) من موقع “Termination Experts” وتنصح بإلغاء العقود مباشرة من خلال الموقع الرسمي للشركة!

