Foto: John Liakos/InTime/AP/dpa
18/06/2023

ضحايا القارب ليسوا أرقام بل أشخاص حلموا بالوصول لجنة أوروبا!

كل العبارات والجمل والكلمات لا تعوّض عائلة فقدت شخصاً في حادثة غرق القارب على بعد 50 ميلاً بحرياً من اليونان. إذ غصّت وسائل التواصل الاجتماعي بالمناشدات، والصور، والأسماء. الكل يريد أن يعرف مصير ذويه. وبحسب شهود عيان موجودين في اليونان، فإن السلطات اليونانية تتحفظ على أسماء الناجين، ولا تسمح لذويهم الذين سافروا من دول أوروبية أخرى، ومنها ألمانيا، بالتواصل مع الناجين.
ومع تناقص فرص العثور على ناجين آخرين في منطقة غرق المركب، التي يبلغ عمق المياه فيها وفقاً لموقع شبيغل 5000 متر، بدأت الأسئلة التي تبحث عن إجابات، من المسؤول عن غرق المركب!؟

الناجون يتهمون خفر السواحل اليوناني والأخير يبرر

من بين الشهادات التي استمعت إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا يمكن التأكد من صحتها، إلّا أنها صادرة عن ناجين. من قال أن خفر السواحل اليوناني حاول جرّ القارب، مما تسبب بغرقه. مع أن خبر وجود القارب كان منتشراً بين السلطات اليونانية والإيطالية، إلا أن المساعدة وبحسب ما نشره موقع شبيغل تأخرت. فوفقاً للموقع خفر السواحل انطلق لمنطقة تواجد القارب حوالي الساعة الثالثة مساءً، وعُثر على القارب الساعة 11 مساءً أي بعد 9 ساعات! وبعد 40 دقيقة كانت دورية خفر السواحل على بعد 200 متراً من القارب.
ونقل الموقع عن صحيفة محلية أجرت لقاءً مع قبطان الدورية الذي رفض بحسب الموقع ذكر اسمه، أن الدورية اقتربت من القارب، لمعرفة حالته وتقديم المساعدة، ورموا حبلاً لجرّه. لكن (وهذه تبريرات غير مقنعة) وعلى بعد 200 متراً ارتفعت أصوات تطلب عدم المساعدة لأن القارب متوجه إلى إيطاليا! فهل هذا معقول! أشخاص بدون ماء شرب منذ عدة أيام يرفضون المساعدة.!
ويتابع الموقع على لسان القبطان، أن ركاب القارب، فكّوا الحبل، وتابعوا سيرهم غرباً، في حوالي 11:57 مساءً، وأن القبطان أبلغ مركز البحث والإنقاذ ورافقت الدورية القارب على مسافة 200 متراً. وفي الساحة 1:40 دقيقة توقف القارب مرة أخرى، وبدأ بالميلان ببطء. وأضاف القبطان أن حالة من الارتباك حدثت على سطح القارب، وسمع صراخاً. وبعد ذلك انقلب المركب الذي كان يحمل بحسب الشهادات بين 500 و 700 شخصاً.

الاتحاد الأوروبي يتحمل المسؤولية الأكبر

نتيجة غرق المركب، انتشلت فرق الانقاذ 79 جثة، وأنقذت حوالي 104 أشخاص، والبقية في عداد المفقودين. وهؤلاء ليسوا مجرّد أرقام. هؤلاء أشخاص حلموا في تغيير حياتهم، بعد أن فقدوا الأمل في بلادهم الأصلية. وكل شخص منهم دفع ما بين 5000 و 6000 يورو، للوصول إلى (جنة أوروبا). الله أعلم كيف أمنوا هذه المبالغ، كم خسرت عائلاتهم لتجعل منهم أملاً لها لانتشالها من جحيم الفقر والظلم في بلدانهم الأصلية. في المقابل، تسعى أوروبا لدفع 900 مليون يورو للدكتاتور التونسي ليوقف هذه القوارب! 
وماذا تفعل أوروبا، تسعى لسن سياسة لجوء جديدة. قائمة على احتجاز اللاجئين في معسكرات على حدودها، وانتقاء من تسمح له ومن لا تسمح له بالدخول إليها. ضاربةً بعرض الحائط كل الاتفاقات الدولية وكل معاهدات حقوق الإنسان.
لماذا لا يتم معاملة الجميع بنفس السوية؟ لماذا تصنفون الناس الهاربة من الحروب؟ هل القوانين لمساعدة اللاجئين أم للحد من وصولهم إلى أوروبا!؟

البيروقراطية الألمانية مسؤولة أيضاً

يقول قاسم وهو لاجئ سوري مقيم في هامبورغ ويعمل في دويتشه بوست، في لقاء مع فريق WDR4U، أن زوجته كانت على القارب. ويتمنى من الله أن يعثر عليها. وفي مطلع حديثه ذكر قاسم، أنه يحمّل المسؤولية لألمانيا بغرق زوجته. فبسبب البيروقراطية، والقوانين الغير مسؤولة، لم يستطع قاسم لم شمل زوجته التي كانت تقيم في الأردن. إذ وبحسب القوانين الألمانية، على زوجته الأمية بحسب وصفه، أن تقدم شهادة للحصول على مستوى A1 باللغة الألمانية! كشرط للموافقة على لم شملها مع زوجها!
فمن يعيد زوجة قاسم في حال لم يتم العثور عليها!؟ هل يتم وضع القوانين لمساعدة الناس، أم للتضييق عليهم!؟ متى يتم إصلاح القوانين التي وضعها هورست زيهوفر للتضييق على عمليات لم الشمل!؟ كم شخص عليه أن يغرق لنعيد النظر بهذه القوانين والاتفاقيات!؟ كل هذه الأسئلة يجب البحث عن إجابات لها وسريعاً، لأنه لعلمكم البحر لا يستطيع أن يجيب على أسئلتنا، وأن ينصاع لمناشداتنا للتوقف عن ابتلاع أخوتنا أثناء طريقهم إلى أوروبا!
الرحمة لضحايا القارب، والعار للإنسانية والعالم إذا لم يتحرك بعد أن وصل عدد الغرقى حتى شهر أيار/ مايو هذا العام 1154 شخصاً كانوا يحلمون فقط  بالوصول إلى برّ الأمان وتحسين ظروفهم المعيشية، وللهرب من المستبدين في بلادهم!