Bild: Fabian Sommer/dpa
07/03/2023

الجنسية الألمانية.. لا للبيروقراطية نعم لتحقيق الحلم!

عندما دافع المستشار الألماني أولاف شولتز العام الماضي عن عزم حكومته تسهيل منح الجنسية للجاليات المهاجرة. لم يكن يعلم ربما أنه سيثير بخطوته تلك جدلاً واسعاً بين أوساط الأحزاب المعارضة! لما رأته فيها نوعاً من أنواع “الجذب للهجرة غير الشرعية” من جهة، وبين جموع المهاجرين وفرحتهم بها من جهة أخرى، فما هي حقيقة الحال والمآل؟ ما هو الهدف من هذه الخطوة؟ وإلى أي مدى يتم التطبيق على أرض الواقع؟

ألمانيا.. “أرض الأمل” بالنسبة للعديد من المهاجرين!

هكذا سمّاها المستشار الألماني، وكذلك أيّده خبراء تقييم التنمية الاقتصادية الشاملة في ألمانيا، مؤكدين أن خطط التجنيس والإصلاحات الحكومية المطروحة، من شأنها أن تُعزز اندماج الأجانب القاطنين والعاملين في البلاد. كما أنهم رحّبوا بفكرة الإسراع بعملية تجنيس المهاجرين، لما سيكون لها من دورٍ في تحفيز اللاجئين للعمل بدأبٍ أكبر، خاصةً في ضوء التغيير الديموغرافي والنقص المتزايد بعدد العمال والموظفين الماهرين، إضافةً إلى تشجيع قدوم الكفاءات الأخرى إلى البلاد، مع التأكيد على ضرورة تقليل العقبات البيروقراطية!

الحاجة أم التجنيس!

وبقراءةٍ متأنية لواقع الاقتصاد الأول في أوروبا، نجد أنه مُثقل بتركيبةٍ سكانية تسيطر عليها الشيخوخة بنسبة كبيرة، وتفتقر للعمّال في مجال الصحة والطاقة وقيادة التحوّلات الرقمية. ولعلّ هذا هو الدافع الأكبر لتسريع وتسهيل عمليات التجنيس واستقطاب العمالة الماهرة. ففي وثيقة قُدّمت سبتمبر الماضي، قدّرت الحكومة الألمانية النقص في العمالة الماهرة بنحو 240 ألفاً بحلول العام 2026.

صدى فرحة الحصول على الجنسية في الشارع العربي

يقول أبو محمد. ز، القادم من سوريا منذ ثماني سنوات: “قبل صدور القرار العام الماضي، قدّمت أوراق أبنائي الثلاثة في شهر أيار/ مايو، بعد أن أتمّوا دراسة ست سنوات بالمدارس الألمانية، ولحسن الحظ، فقد كانت الموظفة المسؤولة عن ملفهم نشيطة ومتفهّمة، فتمّت الإجراءات بسهولة ويُسر، وحصلوا على الجنسية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من نفس العام”.

يتابع أبو محمد: “للأسف، لم أحصل أنا وزوجتي على الجنسية بعد، فنحن لم نستوفِ كافة الشروط المطلوبة وأهمها الاستقلال المادي التام عن إعانة الدولة، لكنّي على يقين بأن الأمور تسير للأفضل، وسعيدٌ جداً بما حققه أبنائي من تطور في هذا البلد، فقد استطاعوا مؤخراً المشاركة بالانتخابات، وهم يشعرون بأنهم صاروا جزءاً من نسيج المجتمع الألماني”.

 جواز السفر الألماني.. فانوس علي بابا السحري!

من جهته، قال يزن. م، الشاب الفلسطيني القادم من سورية: “فخورٌ أنا بما قدّمتُ وحصلت، فقد اندمجت منذ البداية في المجتمع الألماني، وانخرطت بالأعمال التطوعية مع بعض المؤسسات الألمانية، وعملتُ في أحد المطاعم بعد إتمامي اللغة الألمانية، ثم سجّلت في جامعة هومبولت البرلينية لأدرس علم الاقتصاد الذي أحب، أنا الآن في السنة الثالثة، حاصل على الجنسية الألمانية ولله الحمد، تعاملاتي المادية فيما يخص العمل والقروض صارت أسهل، وقادر على السفر إلى أي بلد أريد، ففي يدي مصباح علي بابا السحري (قال ضاحكاً) جواز السفر الأقوى في العالم!”

ماذا بعد الحصول على الجنسية الألمانية؟

يعتقد البعض أنه بمجرد الحصول على الجنسية الألمانية سيكون هناك هجرة جديدة لبلادهم. تقول أم خالد، القادمة من دمشق منذ ستة أعوام: “لدينا رغبة قوية أنا وزوجي بالعودة إلى سوريا بعد حصولنا على الجنسية الألمانية، فلا أخفيكِ.. نحن نحترم هذا البلد الذي استقبلنا ووفّر لنا ما لم نكن نحلم به في بلدنا، ولكن لا يمكنني أن أكون مطمئنة على مستقبل أطفالي في مجتمع لا يشبهنا، وأعتقد أننا سنكون في أمان أكبر وسط مجتمعنا الشرقي، فالأمور الحياتية هنا كما ترين أصبحت أكثر تعقيداً، خاصةً تربية الأولاد والعمل، إضافةً إلى ازدياد رفض بعض العنصريين وجودنا بينهم”.

تسهيلات يمنحها جواز السفر الألماني

من جهتها، قالت غيداء، القادمة من حلب: “لقد أعطاني قرار السيد شولتز أملاً.. مللنا فعلاً من البيروقراطية والمماطلة بدراسة ملفاتنا. قدّمتُ جميع الأوراق المطلوبة منذ عام تقريباً، وآمل في ردٍ سريع من الموظف المسؤول”.

وتتابع: “شخصياً، أستبعد فكرة العودة كلّياً إلى بلدي في الوقت الحالي، لكني أنتظر الحصول على الجنسية الألمانية بفارغ الصبر، لكي أتمكن فقط من زيارة أهلي وأصدقائي، وأيضاً لتسهيل أمور سفري ومشكلات الحصول على التأشيرة السياحية التي غالباً ما أواجهها كحاملة جواز سفر سوري”.

آلافٌ من المجنسين كل عام!

وسط ارتفاع عدد المجنسين السوريين الجديد في البلاد إلى أرقام قياسية مقارنةً بما حققته الجنسيات الأخرى من الدول العربية أو البولنديين والبلغار والأتراك، يَفترض الخبراء أن مجموعة الأشخاص المؤهلين للحصول على الجنسية ستستمر في النمو نتيجة للإصلاحات المخطط لها، فحتى الآن، يتم تجنيس حوالي 8 آلاف شخص في برلين كل عام!

وأنتم، ما رأيكم؟ ارووا لنا تجاربكم مع رحلة الحصول على الجنسية الألمانية..

  • إعداد وتقرير: خلود فاخرة