Bild von S. Hermann & F. Richter auf Pixabay
29/04/2022

الطلاق في أوساط العائلات اللاجئة.. ظاهرة أم حاجة؟

الكثيرات من النساء اللاجئات، استطعن أخذ حقهنّ في ألمانيا، كون المجتمع ينصر حقوق المرأة ويدافع عنها في حال تعرضت للاضطهاد أو التعنيف.

حياة جديدة خالية من العنف والإهانة

من هذه القصص، قصة (أم طارق) الفتاة العشرينية وربة المنزل التي عانت من العنف اللفظي والجسدي على يد زوجها، ورغم دراية الأهل بذلك! لم يكن بمقدورهم فعل أي شيء لابنتهم، بسبب فقرهم وعدم قدرتهم على تحمل مصاريفها وأولادها في حال طلاقها.

عندما وصلت أم طارق إلى ألمانيا تنفست الصعداء بعد تحملها عناء السنوات الماضية، فما كان منها إلا أن طلبت الطلاق بعد أن ضربها زوجها لأسباب واهية كعادته، لتحتفظ بالأولاد ولتبدأ حياةً جديدةً بعيدةً عن الضغوط النفسية والقهر والكبت.

ضحايا من الرجال

لا نستطيع أن نلقي اللوم كله على الرجال، فهناك نسبة قليلة منهم دفعوا ثمن قدومهم إلى ألمانيا بخسارة أولادهم، كون زوجاتهم فسرّن المجتمع المتحرر تفسيراً خاطئاً، وغدون يفعلن ما يشأن دون أخذ أي اعتبار لاحترام الزوج والحياة الزوجية، منها على سبيل المثال الرجل الخمسيني خليل. ح، الذي حرم من ولديه بعد فترة قصيرة من وصوله إلى ألمانيا.

ويوضح خليل قائلاً : “بعد وصولنا إلى ألمانيا تعرّفت مطلقتي على شاب عشريني يصغرها سناً ونشأت بينهم علاقة حب كان هذا الحب المسمار الذي دقَ في نعش علاقتنا الزوجية وعندما أجبرتها على عدم اللقاء به طلبت الطلاق، ليصدر قرار من دائرة رعاية الصغار والقاصرين (Jugendamt) بأحقيتها برعاية الأطفال ووصايتها لهم”.

حاول خليل مراراً وتكراراً الحصول على موافقة من الجهات المعنية ليلتقي بأولاده، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، فأصيب بإحباط كبير وأصبح يزور طبيب نفسي وليقرّر بعدها مغادرة ألمانيا والسفر إلى تركيا والاستقرار هناك.

الطلاق حاجة وليس ظاهرة!

المعالجة السلوكية وخبيرة علم النفس الاجتماعي ميرفت عطايا، أوضحت أن الطلاق حاجة وليس ظاهرة كما هو متداول في الأوساط الاجتماعية، حيث يقرر أحد الطرفين الانفصال عن الآخر بناء على أسباب إما جذرية أو سطحية حسب الحالة الاجتماعية والنفسية، وهذا ما أثبتته الدراسات.

فحتى أواخر القرن الماضي، كان أمر الطلاق حكراً على الرجل في سوريا، فلا تستطيع المرأة أن تقرر مصيرها بنفسها، فالمرأة في مجتمعنا تُعد كـ “متاع البيت”! ويمكن للرجل أن يستغني عنها كيفما يشاء وفي الوقت الذي يريده، خاصةً إذا كانت الزوجة تنتمي لعائلة فقيرة، فالمجتمع السوري هو “مجتمع ذكوري”، ويُعد الزوج هناك صاحب القرار أولاً وأخيراً، ويمكنه أن يقرر مصير زوجته ويطلقها أو يتزوج عليها، فهناك ظلم واقعي على المرأة السورية، بحسب عطايا.

القوانين الأوربية لحماية المرأة

وتؤكد عطايا قائلة: “يزول الاضطهاد بحق المرأة السورية في حال انتقالها إلى مجتمعات ديمقراطية تصون حقوقها وتحفظ كرامتها، لذلك عندما تأتي مع عائلتها إلى بلد أوروبي كألمانيا، فإن تشريعات وقوانين البلد المذكور تمنع ضربها وتأنيبها وايذائها لفظياً أو جسدياً، ويعاقب الزوج بالسجن والحرمان من الأبناء في حال قيامه بأي سلوك عدواني تجاه زوجته”.

وتضيف عطايا: “في ألمانيا على سبيل المثال يعد البيت ليس ملكاً للزوج بل للزوجة والأطفال، وفي حال حصول خلاف كبير، لا يحق للرجل طرد امرأته من البيت (كما هو الحال في البلدان العربية) بل العكس صحيح، يجب على الزوج الخروج من البيت والبحث عن سكن آخر، فيمكن القول أن المرأة السورية المضطهدة وجدت في ألمانيا ملاذاً آمناً لها، تستطيع أن تمارس حقها بالتعليم والاندماج دون أيةَ منغصّات تذكر”.

الحقوق والواجبات وتقسيم الأدوار

وتتابع عطايا: “يمكن التقليل من حالات الطلاق في ألمانيا من خلال معرفة الحقوق والواجبات لكلا الطرفين، فيجب على الرجل أن يحترم زوجته ويعتبرها شريكة حياته، ويتشارك معها بتحمل المسؤولية داخل البيت وخارجه، ويجب على المرأة أن تعطي فرصة للرجل كي يثبت وجوده بالمجتمع الجديد، بأن يعمل بجد ويبني عشه الزوجي، فينأى الرجل عن أية عادات بالية، ويبتعد عن التسلط والعنجهية، كما تنأى المرأة عن الحجج والذرائع الواهية، عندها سيجني كلا الطرفان ثمار العلاقة الزوجية الناجحة ويربّوا أولادهما في أجواء إيجابية”.

  • إعداد: عدنان كدم
    Bild von S. Hermann & F. Richter auf Pixabay