يتقاطع الجميع بمخاوفه هذه الفترة من انتشار العدوى، لكن لكل منا آلياته وطريقة تعاطيه مع الحالة ونحن في منازلنا الخاصة! لكن كيف يتعاطى مع الأمر الذين مازالوا يقيمون في مراكز ايواء اللاجئين؟ حيث يفتقد الشخص للخصوصية المطلوبة في مثل هذه الأزمات..
ضرورة مراعاة كبار السن
تقول ميرا عثمان والمقيمة منذ ثلاث سنوات في (هايم) بمدينة مينشن: “الهايم مكون من أربع طوابق، لايوجد تعقيم، فقط تنظيف للحمامات، ونقوم نحن بتنظيف المطبخ. الوضع مخيف فالتنظيف غير كاف بهذا الشكل، من الجيد لدي حمامي الخاص بالغرفة، ولا أطبخ حالياً في المطبخ المشترك مخافة أن أصاب بالعدوى، وأنا سيدة كبيرة بالعمر وأعتقد أنني من الفئة الأضعف في مواجهة الفيروس كورونا”.. أتت السيدة عثمان إلى ألمانيا مع زوجها، لكنها الآن تعيش وحيدة في غرفتها فقد توفي زوجها بعد أن بقي بالمشفى لعشرة أشهر في غيبوبة، تقول: “أتيت مع زوجي لكنه فارق الحياة بعد أن خضع لعملية، قام بها الأطباء لوضع قسطرة قلبية له، لكنه دخل بكوما لعشرة أشهر، ليموت بعدها، أعتقد أن هناك خطأ طبي قد حدث”.
استطاعت عثمان والتي تبلغ من العمر 60 عاماً أن تجد منزلاً لها، لكن الوقت تأخر فقد تم رفض طلبها بالانتقال من الهايم بعد أن بدأ الحجر الصحي، تقول: “كنت على وشك الانتقال إلى بيت خاص، لكن خرج تعميم من الدولة يمنع أي انتقال إلى اشعار آخر، على الرغم من أني أجد أن الأمر أكثر أماناً لسيدة بعمري وجودها في منزل مستقل، على البقاء هنا كون معطيات التنظيف والتعقيم محدودة هنا، واحتمال التعرض للإصابة بالكامب أكبر بكثير”. عملت ميرا عثمان كمهندسة كهربائية في حلب، لكنها الآن مقيدة في جدران غرفتها ليس بيدها حيلة لمواجهة انتشار العدوى، خاصة أن عدد الإصابات في مدينتها مرتفع جداً بالمقارنة مع المدن الأخرى الألمانية الأخرى.. تقول: “على الجهات المسؤولة الاهتمام أكثر بوضعنا والعمل على حمايتنا خاصة أن جهاز المناعة لدينا نحن الكبار في العمر أضعف من الباقين، ولدينا العديد من الأمراض”.
أوجه الشبه بين كورونا والبيروقراطية الألمانية!
في حين أن عبد الكريم الشامي/ اسم مستعار 34 عاماً والقادم من سوريا قبل 5 سنوات يتشارك غرفة مع زميله في سكن مسبق الصنع يضم 6 أشخاص يتشاركوا الحمام والمطبخ، في حين أن الهايم الموجود بالمنطقة الشمالية (شليسفيغ هولشتاين) لديه العديد من المنازل المسبقة الصنع تضم العديد من العائلات مع أطفالها بالاضافة إلى العازبين. لايجد الشامي أن الحكومة الألمانية جدية في تعاطيها مع هذا الوباء المنتشر بسرعة، خاصة أن الأعداد تتزايد دون توقف، ويشابه بين البيروقراطية الألمانية و فيروس كورونا، فهما من سيقضيان عليه في هذه الغربة. ويضيف: “أخاف من كارثة قادمة، على الحكومة تحمل مسؤوليتها بالتعقيم وتوفير الكمامات والكفوف والمعقمات للناس، فهي حتى الآن مفقودة. وفي حال استمر انتشار الوباء ولم تعد هناك أماكن للحالات الجديدة، ماذا سيحل بنا؟ هل من المسموح أن نموت هكذا؟ الهايم ممتلئ بالسكن الجماعي، فإن حدثت اصابة هنا ستؤدي إلى كارثة، خاصة أنه لا توجد أماكن كافية للمصابين في المستشفيات”.
يعود الهايم الذي يقطنه الشامي لمدينة هامبورغ خدمياً والمعروفة بغلاء أسعار ايجاراتها يقول: “ليس لدي المال الكافي لأدفعه لسمسار لأحصل على سكن مستقل، لذا أنا مضطر للبقاء هنا”. ينتقد الشامي عمل الجهات المسؤولة في الهايم فهي لم تقدم سوى بعض البروشورات الارشادية عن كيفية التعقيم، وكيف يتم الحجر الصحي في حال وجود أعراض. يقول: “أحاول عدم الاحتكاك مع الآخرين، وهذا أمر يصعب تحقيقه في سكن مشترك على الرغم من أننا نقوم بتعقيم الحمام كلما دخلنا إليه، حتى الآن لا توجد اصابات، لكن مخاوفي مرتفعة”.
احتمال الإصابة بالفيروس في المساكن الجماعية مرتفع!
أما محمد عزيز بكار والمقيم في هايم في بوتسدام، صنع معقماً بنفسه بعد ان ضاق ذرعاً من ايجاده في السوق، يقول: “قمت بصناعة المعقم الخاص باليدين بنفسي، حيث اشتريت جيل صبار وزيت له رائحة الورد وكحول من الصيدلية وقمت بتركيبهم بنفسي، بعد أن شاهدت الطريقة عبر في الانترنيت”. يحوي الكامب الذي يقيم به بكار مايقارب 90 شخصاً بين عائلات وعُزاب، وفي طابقه وحده هناك 14 عائلة، لكنه يقيم وحده في الغرفة، يقول:”ليس كافياً أن تمنع الإدراة الزيارات من الخارج، لكن يمكن للمقيمين هنا الذهاب خارجاً دون مراعاة مسافة الآمان الشخصي، بالاضافة إلى أن الأطفال دائماً يلعبون في الخارج وفي الممرات ولا تتم السيطرة عليهم، وبالتالي خطر انتقال المرض في هذه الأرجاء مرتفع جداً”. يضيف بكار إلى أن عدد حالات الاصابة في بوتسدام ليس مرتفعاً، لكن يبقى الأمر مخيفاً، فمن يدري عدد الأشخاص الذين كانوا على تماس مع المصابين!
أتى بكار البالغ من العمر 25 عاماً إلى المانيا قبل ثلاث سنوات وحتى الآن لم يحصل على الاقامة بسبب بصمته في اليونان، وتم تأجيل التعاطي مع ملفه قانونياً نتيجة أزمة كورونا كباقي الملفات المعلقة في محكمة بوتسدام. يقول: “أتمنى أن ينتهي هذا الوضع ونعود لحريتنا بالخروج وأن نستطيع العمل، ففي الفترة الأخيرة سمحوا لي بالعمل منذ 7 أشهر، ما جعل تحسين وضعي أمراً ممكناً، أما الآن فقدت فرصة العمل”.
دعوات لإتخاذ مزيد من إجرارءات الحماية للاجئين
وقد عُزل مركز لإيواء اللاجئين يضم 600 طالب لجوء في بلدة غيلدرسهايم الفرانكونية السفلى بسبب فيروس كورنا، حيث أصيب سبعة سكان وموظف خارجي بالفيروس، حسب ما أعلنت عنه حكومة فرانكونيا السفلى نهاية الأسبوع الماضي على صفحتها في فيسبوك. كما سيتم إيواء المصابين في مبنى منفصل، ولا يُسمح لهم بمغادرة المكان، ويتم تطبيق تدابير مماثلة بالنسبة للبقية مع استبعاد حركة الزوار ومراقبة من الأمن للإمتثال لقواعد الحجر الصحي. في حين دعا تحالف لمنظمات حقوق الإنسان إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية اللاجئين من فيروس كورنا من الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات، وضرورة توفير سكن مناسب فالمئات من الأشخاص يعيشون في أماكن ضيقة مع رعاية طبية محدودة بالمرافق التي تديرها الولايات الفيدرالية.
Photo:Rolf Zoellner-EPD