Photo: Samer Masouh
17/02/2020

ناديا عبد الهادي: ألمانيا بحاجة لتقييم موقفها من اليمن!

يسمى باليمن السعيد، لقب لم يعد له مكان في واقعنا المعاصر، فمن أين تأتي السعادة لبلد مزقته الحرب، وأصبح مسرحاً لتصفية الحسابات بين الدول النافذة في المنطقة، ومرتعاً للجماعات الإرهابية، وبات جزءاً من شعبه يعاني المجاعة والعوز والتهجير.. باختصار اليمن السعيد أصبح اليمن الحزين بكل ما تحمله الكلمة من معنى! ناديا عبد الهادي ناشطة حقوقية ومحاضرة في الشأن اليمني، التقيناها في أمل برلين وجرى بيننا الحوار التالي:

كيف تصفين لنا الوضع الحالي في اليمن؟

الوضع الحالي في اليمن معقد جداً، فدول الخليج التي كانت تتدخل ولكن بطريقة غير مباشرة في الشئون اليمنية، إلا أن تدخلها في الوقت الحالي أصبح تدخل عسكري، هذا التدخل العسكري بدأ بصراع بين السعودية من طرف، وقوات الحوثي المدعومة من إيران من طرف آخر، تطور الوضع وأصبح الصراع الآن يمكن ان نسميه صراع ايراني قطري سعودي إماراتي، خاصه بعد الخلاف السعودي القطري، كل هذا ادى الى تعقيد الوضع العسكري ونشوء اطراف داخليه متناحره كل طرف يحمل اجندات لبلد خارجي على أرض اليمن. اضافه ايضا الى الحصار البري البحري الجوي الذي فرضته دول التحالف على اليمن أمام مرأى ومسمع من العالم ادى ذلك كارثة إنسانية كبيرة من مجاعه وامراض من المفترض انها انقرضت من العالم .

بعد خمس سنوات حرب ومجاعه وأمراض وسبعمائة مليار دولار أنفقتها السعودية لإنهاء سيطره الحوثي وإعاده شرعيه الرئيس هادي، لم نرى إلا أن الحوثي ازداد قوه وسيطر على المناطق الشمالية حيث الكثافة السكانية، أما الجنوب فقد نشأت ميليشيات المجلس الانتقالي بدعم من الإمارات من أجل الإنفصال عن اليمن الموحد. ظلت اليمن بالنسبه للسعودية حديقة خلفية وليست دولة جوار، بلد نظامه جمهوري يزعج مملكة آل سعود، فطبيعي أن تنشأ جماعه من داخل اليمن تبحث عن دولة داعمة لها ضد الجارة الكبرى ولن تترك إيران هذه الفرصة فانتقل الصراع السعودي الايراني الى أرض اليمن وبأيادي يمنية ودماء يمنية للأسف .

ما هو المطلوب من الاتحاد الأوربي بشكل عام وألمانيا خاصةً بالنسبة للصراع في اليمن؟

ألمانيا تعتبر أكثر دوله في الاتحاد الاوروبي لها علاقه مباشرة مع اليمن، بالرغم من المساعدات الإنسانية التي تقدمها ألمانيا لليمن عن طريق الـ GIZ وNGOs، إلا أنها للاسف أغفلت او تغافلت عن الدور السياسي الباني للسلام، مازالت ألمانيا تتعامل مع الحوثيين كسلطة أمر واقع دون ان تبذل جهد للضغط عليهم من اجل وقف الصراع، ولا زالت ألمانيا تتعامل مع الفاسدين المقيمين في فنادق الرياض على انهم حكومة، بل وتستضيفهم دائما! مازالت ألمانيا تعتبر جماعة الحوثي جماعة اقلية مضطهده بينما الواقع هو العكس.

لم تدرك المانيا أن الاطراف المتقاتله لا تريد وقف الحرب، فالحرب بالنسبه لهم مكسب وفائدة! للأسف لا أحد ينظر لطرف ثالث غير مشارك في القتال ولكنه الصوت الأقوى الآن الذي لا يريد أن تستمر الحرب، يبحث عن من يسمعه ويدعم مواقفه، فهل يا ترى تدرك ألمانيا التي سبق وأن عانت من الحرب العالمية، وعانت من المجاعة والأمراض، انه اذا استمرت الحرب في اليمن، فسيكون هذا البلد قنبلة موقوته سيطيح بالمنطقه؟ هل ستدرك ألمانيا ودول الاتحاد أن اليمن السعيد سيكون البلد الأول المصدر للإرهاب؟ ساعتها ستدرك ألمانيا أن إمكانية الحل ستكون مستحيله، فإذا أردنا فعلا سلام حقيقي مستدام فلن يكون إلا بتعرية كل الأطراف والضغط عليها بعقوبات دولية ووقف تصدير السلاح والذي مازالت ألمانيا تصدره الى دول التحالف الى الآن، فالحقوق الانسانيه لا تتجزأ، على ألمانيا ان تتبنى الطرف الثالث وترفع صوت السلام ووقف الحرب.

يوجد جاليات يمنية في كافه الولايات الألمانية، هل لكِ أن تخبرينا ما يميز هذه الجالية اليمنية؟

الجالية اليمنية تعتبر من أفضل الجاليات من حيث التحصيل العلمي، فكل الذين أتوا الى ألمانيا هم طلاب اليمن المبتعثين الذين تفوقوا في التعليم ثم انخرطوا في سوق العمل واستقروا بمختلف الولايات الالمانية، تهدف الجالية لاقامة نشاطات ثقافية اجتماعية خاصة في المناسبات والاعياد، فالبرغم من الخلافات السياسية بين أبناء الجالية بسبب الوضع الراهن في اليمن، إلا انهم بمجرد التقائهم واقامة نشاطاتهم مع ابنائهم يتناسوا كل هذا الخلاف والاختلاف ويقضوا أوقاتهم بكل حب واخوة، وهذا هو وجه اليمن الحقيقي التعايش وتقبل الآخر.

  • يذكر أن السيدة ناديا عبد الهادي، مدرسة لغة ألمانية وحاصلة على إجازة بالعلوم السياسية والأدب الألماني من جامعة بوتسدام.