Photo: Mutaz Enjila
14/02/2020

بمناسبة عيد الحب.. أيهما أجمل الغزل العربي أم الألماني؟

منذ وصولي إلى ألمانيا تشغلني لغة هذا البلد التي تمتاز بمنطقيتها ومباشرتها، وكانت تراودني أسئلة كثيرة حول اللغة والكلمات التي يستخدمها العشاق فيما بينهم وفي مجاملاتهم، وسألت نفسي ما هي الكلمات التي يستخدمها العشاق الألمان؟ وبحكم تخصصي في اللغة العربية بدأت أبحث فيها، هل يا ترى تشبه هذه الكلمات اللهجة الدمشقية مثلاً؟

بالنسبة لي ولكثيرين اللهجة الدمشقية هي لهجة الحب، وهو ما اكتشفه نزار قباني شاعر الغزل الأول في القرن الماضي، فراح يمتح من معينها فجعل سيدات دمشق سيدات لقصائده أيضاً. من هذه العبارات الدمشقية والمتداولة بكثرة “تشكل آسي” وهي بمعنى: أن المرأة تتمنى الموت قبل حبيبها أو زوجها، وأن يضع هو الآس على قبرها بيده، وكذلك كلمة “تؤبشني” وهي من القبش الذي لم أجد أصولاً لها في اللغة الفصحى، لكنها تعني بحسب المتعارف عليه، إغلاق عيون الميت، أي أن يكون الحبيب أو الزوج هو آخر من تراه عيونها وكلاهما تدلّان على الموت قبل الحبيب حتى لا تعيش لوعة فراقه، لكن إذا ما تُرجمت هذه العبارات للألمانية فهل ستلقى رواجاً بين العشاق؟ لا أظن ذلك.

ومن التراكيب الدمشقية السائدة التي تُقال خصيصاً للزوج من باب التحبب والتغزل به وتعرّفنا عليها خلال الدراما الشامية تركيب “ابن عمي” وغيرها من التراكيب المتعارف عليها بكل اللهجات “كحبيبي ونور عيوني” وعلى شاكلتها الكلمات التي تعرفونها جميعاً، كحياتي وقلبي وروحي وعيوني… إلخ، والتي يروق لبعض الألمان الذين على علاقة بالأوساط العربية استخدام بعضها، ككلمة حبيبي التي يستخدمونها بالهاء بدل الحاء، هذا الحرف الذي يصعب عليهم نطقه.

في برلين تقريباً وبكل مكان، قد تقع عينك على عاشق وعاشقة يتهامسون، ويلثمون شفاه بعضهم البعض، لذلك ظلّت هذه الأسئلة تشغل حيزاً في حياتي اليومية، حتى وقعت بين يداي مقالة تتحدث عن كلمات الغزل في اللغة الألمانية وكانت المفاجأة، فهل تتصور أيها القارئ العربي أن تسمع كلمة “حلزوني” من زوجتك أو حبيبتك؟ هل تتخيلي أيتها الزوجة العربية أن تسمعي من زوجك كلمة “فأرتي”؟

وجدت شبهاً بشكل عام بالنزوع لاستخدام الحيوانات اللطيفة للتغزل بالحبيب في اللغتين العربية والألمانية لكن هناك اختلاف في أسماء هذه الحيوانات فالألماني إذا أراد التغزّل بحبيبته يقول لها Meine Maus يا فأرتي، أو Mein Hase أي يا أرنبتي، أما الفتاة الألمانية فتدلع محبوها الألماني الممتلئ مثلاً بكلمة Bärchen والتي تعني دبدوبي – تصغير دب. كما يمن أن يقول الشاب الألماني لفتاته Schnecke، أي حلزونة! بينما الشاب العربي إذا أراد التغزل بحبيبته أو زوجته يصفها بالغزال، أو يشبهها بالقمر، وإذا أراد أن يأتي بكلمة جديدة نادها يا قطتي.

لا تقتصر كلمات الغزل في اللغة الألمانية على أسماء هذه الحيوانات لكن هناك ما تتشابه به اللغتين العربية والألمانية في الغزل، فقد تسمع عاشقاً ألمانياً يهمس لحبيبته Meine Perle، والتي تعني يا لؤلؤتي، وهو توصيف يستخدمه الشاب العربي، وأيضاً يستخدم الألمان كلمة Liebling والتي تعني حبيبي، وهناك كلمة Mein Schatz والتي تعني حبيبي، أو عزيزي أو معبودي، ويمكن استخدامها للطفل والحبيب والحبيبة وحتى للحيوان الأليف!

تزخر اللغة العربية بالكثير من الكلمات والألفاظ والتراكيب التي تدلّ على المجاملات عكس اللغات الأخرى، ربما طبيعة الحياة الاجتماعية في البلدان العربية والترابط الأسري يرفد اللغة بتراكيب محبة وتوادد لا يقتصر استخدامها على الغزل وبين العشاق، بل تستخدم في التعامل بين الناس، كأن يقول لك البائع، تفضل حبيبي، بماذا أخدمك، وهذا ما لن تسمعه من بائع ألماني على الاطلاق..

المقال بالألمانية: Diesen Artikel auf Deutsch lesen

Photo: Mutaz Enjila