Cover photo from the source
30/10/2019

هل يضفي الاحتضان الدولي الشرعية على اللجنة الدستورية السورية؟

بعد عامين من العمل، عُقدت اليوم الجلسة الافتتاحية لإجتماعات اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا في مقر الأمم المتحدة بسويسرا. أكد بيدرسون بكلمته أن اللجنة وجدت بناءً على المبادئ الأساسية التي تشمل احترام وحدة وسيادة سورية، وأن الدستور ملك للسوريين وحدهم وهم الذين يقرون دستورهم. مضيفاً أنه سيتم العمل على بقاء لجنة مناقشة الدستور موثوقة. عدد المشاركين 150 شخصاً، والحضور النسائي بنسبة 30%، حيث قال بيدرسون :”حرصنا على مشاركة واسعة للنساء في لجنة مناقشة الدستور”.

الشرعنة الدولية لا تمنح شرعية لعملية دستورية داخلية

لكن الخبير بالشؤون القانونية الدكتور ناصيف نعيم والذي التقينا به في برلين، يتحفظ عن كون اللجنة الدستورية لم تُعين فقط على أساس الخبرة القانونية، وإنما بناء على الحسابات السياسية، فما مدى شرعية تلك العملية التي هي تنفيذ للقرار 2254 الذي ينص على عملية سياسية ؟ يقول نعيم: “هناك اشكالية كبيرة بأن اللجنة عُينت تعييناً وليست منبثقة عن مجلس منتخب، لم يكن الانتخاب أساسي لتشكيل المجلس التأسيسي، هذه اشكالية، بالاضافة إلى أن الحكومة السورية طرف معترف به دولياً، لكن هذا لايتحقق لجميع أطرف المعارضة وهي اشكالية أخرى. فالشرعنة على المستوى الدولي لا تضفي شرعية على عملية دستورية داخلية”، ويضيف: “كان عند بيدرسون وفريقه توجهاً بأن يجلبوا خبراءً من العالم بالقانون الدستوري، لكن صلاحيته مشكوك فيها ليقررفي هذه المسائل، فهو ينفذ البرنامج الذي وضع في سوتشي والذي كان تحت الرعاية الروسية والمنبثق من توافق ثلاثي الأستانة -روسيا،ايران، تركيا”

صلاحيات رئيس الدولة

خاطب بيدرسون المشاركين بأن على عاتقهم تقع عملية الاصلاح الدستوري مشيراً الى أن التاريخ يُعلم أن أفضل المساعي الدستورية لا تضمن تطور الدولة، لكن الدستور السيء سيؤدي حتماً لانحلال الدولة، وأكد بيدرسون: “أن دساتير البلاد لاتُكتب إلا بيد شعبها، وحان الوقت لبدء العمل سوية، أنا لن أقول لكم ولا فريقي ماهو الصحيح في الدستور، الأمم المتحدة موجودة لتيسير العمل والدعم المستمر للعملية السياسية السورية”

تحدث د.نعيم لأمل برلين عن بعض القضايا التي ستواجه اللجنة للتوافق عليها قائلاً: “لا أعتقد أن الدستور الجديد سيغير من شكل النظام ليكون برلمانياً وإنما سيبقى نظام نصف رئاسي بوجود رئيس ونائب رئيس مع البرلمان هذا من الناحية التقنية.. من ناحية أخرى، خاصة بعد العملية العسكرية التركية هناك حديث في الأروقة، عن الفيدرالية أو اللامركزية السياسية، وفي تصوري ستبقى هناك سلطة ادارية ذات صلاحيات واسعة حسب القانون 107، كما أن هناك قوى كثيرة كانت مصرة على علمانية الدولة وهي مسألة على درجة عالية من التعقيد، اذا نظرنا الى بيان سوتشي في النسخة الأولى كان فيها أن سوريا دولة علمانية ولكن بعد مدة سُحبت كلمة علمانية وبدلت بدولة غير دينية”.

شكل الدولة السورية.. بين المركزية والفيدرالية!

يتحدث د.نعيم عن حالات التشرذم في سورية، ويطرح عدة تساؤلات: “لدينا وضع خاص في الشمال السوري، ووضع خاص في ادلب، الغرب السوري أيضاً والمناطق مابين اللاذقية وحتى دمشق، أيضاً لها وضع خاص. كيف يمكن اعادة بناء الدولة السورية؟ هل علينا أن نأخذ الحقائق الموجودة على الأرض السورية ونحولها الى دستور وأن نربطها بمسائل متعلقة بالادارات الذاتية أو البعد اللامركزي بشكل عام؟ أم أن نتجه نحو اللامركزية الادارية بشكلها القائم حالياً عبر المحافظات؟ فهل يجب أن تُلغى المحافظات، خاصة ان حدودها قد تغيرت مع الزمن بسبب الوقائع، فالموقف من الفيدرالية فيما سبق تختلف عمّا أراه اليوم. فهل ستكون سورية دولة اتحادية تقوم على أقاليم أم أنها دولة تقوم على اللامركزية الادارية الموسعة؟ علينا الانتظار لنرى كيف والى أين ستجري الأمور”.

وكان أحمد نبيل الكزبري رئيس الوفد المدعوم من النظام السوري قال في الجلسة الافتتاحية: “نؤكد أن أي نقاش نجريه هنا وأي عمل نسعى لإنجازه نستند فيه على الالتزام بسيادة واستقلال وطننا ورفض أي شكل من التدخل الخارجي، يجب أن يكون حوارنا سورياً – سورياً خالصاً وبدون أي شروط مسبقة، وما سينتج عن حوارنا هو ملك للشعب السوري الذي من حقه وحده إقراره”.

يعتقد الخبير القانوني أنه من الأمور التي ستثير جدلاً كبيراً في كتابة الدستور الجديد هي مسألة صلاحيات رئيس الجمهورية، يقول نعيم: “من المهم متابعة عمل اللجنة فهل ستلغى صلاحيات رئيس الدولة باصدار مراسيم قوانين، أم ستلغى صلاحيات رئيس الجمهورية بحل في مجلس الشعب، بتصوري الصلاحيات ستبقى ومن الصعب بالنسبة للحكومة السورية أن تقبل أي تغيير بهذا الجانب خاصة أنها هي التي -انتصرت- في الحرب”.

مستقبل سوريا مقارنة بالماضي الألماني!

في حين أن وفد المعارضة يعول على ضرورة العمل المشترك، حيث قال هادي البحرة رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية: “آن الآوان لندرك جميعاً بأن النصر هو في تحقيق العدل والسلام وليس في انتصار طرف على طرف، بعد 8 سنوات مؤلمة، عازمين على البحث عن أوجه التشابه بدلاً من الاختلافات. يحدونا الأمل لإنجاز ما عجزنا عنه سابقاً، القرارات الجماعية التي سنأخذها الآن ستشكل مستقبل أولادنا”.

كما أشار البحرة إلى أن المهمة الماثلة أمامهم صعبة، وقارن بين ماجرى في الحرب العالمية الثانية والتي تسببت بدمار 60% من ألمانيا، وبين الدمار في سوريا اليوم والذي تصل نسبته إلى 65%. وأضاف أن :”أكثر من نصف الشعب بين نازح ولاجئ، وعدد القتلى وصل إلى المليون نتيجة الأعمال العسكرية، وعدد المعاقين وصل لعشرات الآلاف، في حين أن الاقتصاد السوري يحتاج الى 20 عام ليتعافى”.

وكان بيدرسون أكد بالقول: “هذا العمل يجب أن ترافقه خطوات أخرى لبناء الثقة.. وسيواجه الجميع التحديات ولكن بوجود اللإرادة ستكون هذه بداية فصل جديد في حياة سوريا”.

  • صورة الغلاف للخبير بالشؤون القانونية الدكتور ناصيف نعيم

Photo: Cover photo from the source