“بعد فحص الأشعات المقطعية بالكمبيوتر تبين وجود كسور في عظمة الأنف والحاجز الأنفي وكسر في الجهة الأمامية من الجمجمة، بالإضافة لكسر بالضلع الحادي عشر من الجانب الأيمن، وهذا قد يحدث تغييرات مهمة فيما يتعلق بسبب الوفاة، ما يدل على تعرض أوري جالو للعنف الجسدي، وذلك عقب القبض عليه واحتجازه بمركز شرطة مدينة ديساو في 7 يناير 2005، وبما أن تقرير طبيب الشرطة الذي تم ما بين 9:15 و9:30 لم يذكر أي من هذه الإصابات، وبما أن أوري جالو كان مقيدًا من أطرافه الأربعة إلى مرتبة مضادة للنار، إذن فمن الواضح أن الإصابات التي تم الكشف عنها تسبب فيها طرف خارجي غير جالو، ويبدو أنها وقعت ما بين الساعة 9:30 صباحًا إلى الساعة 12:05 مساءًا وقت اندلاع الحريق. كما أن دائرة الجناة المحتملين محدودة للغاية فهي تقتصر فقط على الأشخاص الموجودين داخل مركز شرطة ديساو والذين يمكنهم الوصول إلى الزنازين بمنطقة الاحتجاز”.. بروفيسور دكتور بوريس بوديلا، التقرير الإشعاعي بتاريخ 18 أكتوبر 2019، من المستشفى الجامعي من جامعة جوته في فرانكفورت.
كان ذلك بمثابة جزء من تقرير جامعة فرانكفورت الذي سلم إلى اللجنة الدولية المستقلة حول وفاة أوري جالو، وقد عرض أمس ضمن فعالية لمبادرة تخليد ذكرى أوري جالو، ووفقًا لنتائج الفحص الجديدة، يجب إعادة فتح القضية مرة أخرى.
أسئلة بلا إجابات
أثار التقرير الجديد بعض الأسئلة لدى اللجنة الدولية المستقلة حول وفاة جالو، فهناك تساؤلات علمية، إذ جاء بالتقرير أن الأنسجة الرخوة حول العظام المصابة كانت ملتهبة، ما يعني أن كسور عظام الأنف حدثت بينما كان جالو على قيد الحياة، وبأنها نتجت عن طرف خارجي، فجالو كان مقيدًا، مما يقلل من أهمية الفرضية القائلة بأن العظام المكسورة حدثت نتيجة الدمار الذي لحق بالجثة أثناء نقل جالو بعد الوفاة. كما أن هناك تساؤلات بخصوص الترتيب الزمني للأحداث التي قادت لموت جالو، فوفقًا للتقرير، إذا كان جالو أصيب بينما كان على قيد الحياة، فهذا يعني أنه عانى نزيفًا بالأنف وآلامًا شديدة، وبالتالي أظهر احتياجه للمساعدة الطبية ولم يحصل عليها، كما أنه كان مقيد من أطرافه الأربعة ونائمًا على ظهره مما يجعله في وضعيه تعرضه للاختناق بدمائه! التساؤلات الأخيرة والأكثر حرجًا تتعلق بأن التقرير الأخير كُتب بناءًا على صور الأشعة المقطعية وصور من وقت الوفاة عام 2005، ما يعني أن المادة الأساسية التي بني عليها التقرير كانت متاحة منذ بداية المحاكمة، بالإضافة لتقريرين آخرين من بروفيسور د/ كليبر في يناير/ كانون الثاني 2005، وبروفيسور د/ براتسكه 2005 ولم يتم استغلال هاذين التقريرين، لتنتهي اللجنة إلى أنه إما أن هذه التقارير لم تكن مفهومة علميًا أو تم تجاهلها!
وفاة جالو بين الحقيقة والخيال
“يظهر التقرير انخفاض مستويات هرمون الكوريتزول (الضغط) في دماء جالو، كما يظهر نقص في سائل الرئتين، وهو ما ينفي النظرية القائمة على فرضية أنه أشعل النار بنفسه” كان هذا مما جاء في بيان المبادرة أمس، فهذه النظرية تفترض أن الضحية أشعل النار بنفسه واحترق بسرعة حتى وصلت النار لأنفه ثم دار حول نفسه بسرعة، وبالتالي زادت ألسنة اللهب في الغرفة ومات على الفور، “حتى بافتراض صحة أنه بينما كان مقيدًا استطاع أن يفعل كل ذلك، فحركته السريعة من شأنها أن تزيد مستويات هرمون الكوريتزول، وهو ما لم يحدث، ويجب التحقيق حول احتراقه بينما كان ميتًا بالفعل أو فاقدًا للوعي”.
الولاعة المفقودة
وإذا ما أضفنا “عدم منطقية رواية الولاعة، حيث بني قرار محكمة ناومبيرج على افتراض أن ولاعة أخرى كان يمكن أن تكون داخل الزنزانة ولكنها فقدت بعد الحادث، وهو افتراض يثير العديد من التساؤلات، فمن جهة لم يكن هناك دليل على وجود ولاعة أخرى” وذلك ما أكدته محامية جالو جابريل السيدة هاينكه في مقابلة تليفزيونية سابقة بأنه لم يكن هناك لا صور فيديو ولا صور عادية لوجود أي ولاعة أخرى. كما تلقي هذه الافتراضية الكثير من الشك حول نزاهة تحقيقات الطب الشرعي، كما أنه إذا اعتمدت المحكمة على فرضية أنه كان هناك ولاعة أخرى ثم اختفت بعد الحادث دون أن يلاحظها أحد، فمنطقي جدًا أنه كان هناك ولاعة أولى تم إدخالها دون أن يتم ملاحظتها أيضًا.
هل هناك تضليل في عرض الحقائق؟
تقول الرواية الرسمية لشرطة ديساو بأن جالو قام بالحصول على ولاعة بطريقة ما، ومن ثم أحرق نفسه، وهو ما رفضته اللجنة الدولية المستقلة حول وفاة جالو، كما أنه بإحدى جولات المحاكمة في أبريل عام 2017، ذكر المدعي العام فولكر بيتمان في مذكرة بملف القضية أن جالو “كان ميتًا أو في حالة عجز تام وقت اندلاع الحريق”، وهو ما زاد من الشكوك حول أسباب الوفاة، خاصة وأنه تم إبعاد بيتمان بعدها عن القضية، كما قضت محكمة نامبيرج الإقليمية الأسبوع الماضي بأنه لن يتم فتح القضية مرة أخرى، لأجل ذلك ستتجه كل من المبادرة واللجنة الدولية إلى رفع قضية أمام المحكمة الدستورية الألمانية العليا لإعادة فتح التحقيق في وفاة أوري جالو. يذكر أن قضية جالو ليست الفريدة من نوعها في ديساو، حيث سبقها قضايا شبيهة في عامي 1997 و2002. كما هناك أيضًا قضية الصينية يانجي لي 2016 حيث كان والدا المتهم بقتلها واغتصابها ضابطي شرطة، وثارت الشكوك حول الدفع بالأدلة في اتجاهات محددة.
من هو أوري جالو؟
ولد أوري جالو عام 1968 في سيرياليون، وغادرها عام 2000 بسبب الحرب إلى ألمانيا طالبًا اللجوء السياسي، تم رفض طلبه، لكنه بقي يعيش في ديساو، وفي 7 يناير/ كانون الثاني 2005، قُبض عليه بينما كان بطريق عودته للمنزل في أحد شوارع ديساو، واتهم بالسكر وتجارة المخدرات، ليحترق بعدها بساعات قليلة في زنزانة الاحتجاز.
Photo: epd – Christian Ditsch