Photo:Amloud Alamir
08/02/2019

موقع إلكتروني وتطبيق ذكي لمواجهة الاكتئاب في ألمانيا

الاعتراف بالاكتئاب ليس بالأمر السهل، وأحياناً كثيرة لا يدرك الشخص أنه يعاني منه، فكيف حال القادم الجديد؟ هذا الشخص الذي أتى إلى بيئة جديدة ولغة مختلفة!

البعض لديه آليات مقاومة تساعد على اجتياز الأوضاع الصعبة، والبعض الآخر لا يدرك أن مفاتيح الراحة تختلف باختلاف المكان. هناك مراكز تقدم الاستشارات الطبية والنفسية، لكن العدد محدود وتشكل اللغة عائقاً آخر، لكن في 5 فبراير/ شباط 2019 اطلق برنامج المساعدة الذاتية عبر الانترنيت “أنا أحارب الإكتئاب” (iFightDepression) لمساعدة المتأثرين على فهم حالتهم بشكل أفضل.

تنبع ميزة البرنامج من امكانية تطبيقه في المنزل، أي البيئة المعتادة للأشخاص على أجهزة كمبيوتراتهم، أو عبر تطبيق على هواتفهم الذكية. واللغة العربية واحدة من 11 لغة أخرى متاحة، بحيث يمكن للمستخدم الاختيار. يُظهر البرنامج تمرينات للحياة اليومية، وتستهدف النسخة العربية بشكل خاص المهاجرين في ألمانيا، بحيث تساعد بكسر الحواجز اللغوية والعقبات العرضية. لا يمكننا القول أنه يُقدم حلول سحرية، لكنه يساعد نوعاً ما على تشخيص  حالة المشارك، ووضعه بالفئة المناسبة لحالته النفسية، بالإضافة إلى اعطائه الكثير من النصائح المفيدة.

الاكتئاب هو مرض عالمي يؤثر على أكثر من 300 مليون شخص، ويختلف عن التقلبات المزاجية العادية وردود الفعل العاطفية القصيرة الأمد إثر المشاكل اليومية. ينشأ الاكتئاب عادة عن تفاعل معقد من العوامل الاجتماعية والنفسية والبيولوجية، حسب منظمة الصحة العالمية 2017. كما أنه يؤثر على الجسم بأكمله، وعادات الأكل، وعادات النوم، والمشاعر تجاه المرء والآخرين، والأفكار.. ويمكن لأي شخص أن يعاني من الاكتئاب: رجال ونساء من كل الخلفيات، وجميع الفئات المهنية والمراحل العمرية، لكنه قابل للعلاج.

اختبار ذاتي للإكتئاب

يعتمد البرنامج على العلاج السلوكي المعرفي من خلال التمارين، على سبيل المثال، يتعلم المكتئب تنظيم نومه وكسر المواقف السلبية، وتعزيز أسلوب الحياة الصحي، وتقوية المرونة العقلية (الصمود).. وبالنسبة للمهاجرين الناطقين بالعربية، هناك دليل للنظام الصحي في ألمانيا، وتم تكييف التدريبات بشكل يتناسب مع الميزات الثقافية العربية.


يقدم البرنامج مساعدة لإجراء اختبار ذاتي، يُظهر علامات الاكتئاب، يستخدم هذا الاستبيان أيضًا من قبل الأطباء والمعالجين للفحص، وكل ذلك يتم بشكل سري. تقدم النتائج أدلة، لكنها لا تمثل تشخيصًا طبيًا، فللحصول على تشخيص موثوق، من الأفضل استشارة طبيب العائلة أو أخصائي أو طبيب نفسي. تُظهر دراسات مختلفة أن اتباع نظام غذائي صحي يمكن أن يساعد في تحسين الصحة العقلية، فإذا كنت تغذي جسمك ودماغك بشكل جيد، فأنت مجهز بشكل أفضل للتعامل مع التحديات وتحقيق الاستفادة القصوى من كل يوم. كما أن التخطيط اليومي هو واحد من الاستراتيجيات الأكثر شيوعًا التي يركز عليها المعالجون أيضًا، بالإضافة الى التواصل مع الآخرين، فغالباً ما يجد الناس الذين يعانون من الاكتئاب، صعوبة في التعامل مع أشخاص آخرين.

الانفصال نتيجة الاكتئاب

يؤثر الاكتئاب على نمط الحياة للشخص المعني، مما يتسبب أحياناً كثيرة بأعباء كبيرة على الأسرة، حيث انسحب 84٪ من الأشخاص من العلاقات الاجتماعية خلال فترة الاكتئاب، وهذا ما يؤكده تقرير “ألمانيا بارومتر الاكتئاب” الذي تم نشره من قبل مؤسسة شتيفتونغ دويتشه ديبريسنتشيفي، ومؤسسة دويتشه بان.

يدرس المسح التمثيلي مواقف وخبرات الاكتئاب بين السكان، حيث أجريت مقابلات مع 5000 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و69 عامًا من خلال لوحة تمثيلية عبر الإنترنت للسكان الألمان في أسر خاصة.. 55% منهم شهدوا الانفصال بسبب الاكتئاب. رئيس مؤسسة مساعدة الاكتئاب الألمانية البروفيسور أولريش هيجيرل يوضح أن: “العدد الكبير من حالات الانفصال هو نتيجة الاكتئاب (…) الناس الذين يعانون من الاكتئاب يفقدون دوافعهم، اهتمامهم، وهم ميتون داخليا، دون أي ارتباط بالأشخاص أو ببيئتهم، ينسحبون ويرون الحياة اليومية بالكامل من خلال نظارات سوداء، كل هذه التغيرات ذات الصلة بالأمراض لها تأثير كبير على الشراكة والعلاقات الأسرية”.

كما توجه المؤسسة الألمانية لمساعدة الأكتئاب الانتباه إلى حقيقة أن 10٪ إلى 15٪ من النساء يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، على الرغم من أنه يمكن علاجه بشكل جيد، إلا أن العديد من المصابات لا يطلبن المساعدة، أحياناً بسبب خجلهم، أو بسبب عدم الاعتراف بالاكتئاب. ويُعد الانتحار من أكثر أسباب موت الأمهات الشابات في الدول الصناعية!

علاقة النشاط البدني والنوم بالاكتئاب

نتيجة للدراسات التي أجريت مؤخراً، يمكن أن يساعد النشاط البدني لمدة 30 دقيقة يومياً بالحد من أعراض الاكتئاب، ويمكن تحقيق ذلك عبر مجموعة من الأنشطة، كالمشي إلى العمل، تسلق السلالم، البستنة، الرقص والعديد من الرياضات الأخرى. إن القيام بهذه الأنشطة البدنية المعتدلة على أساس منتظم يكون في معظم الحالات أكثر فعالية من محاولة الانخراط بصرامة في برنامج تدريبي مكثف.

يعاني معظم المصابين بالاكتئاب من اضطرابات في النوم، وفي كثير من الأحيان يرافقهم شعور بالإرهاق بشكل دائم، لذلك يميلون إلى النوم في وقت مبكر والاستلقاء خلال النهار على أمل استعادة قوتهم، لكن العكس هو الصحيح: النوم يؤدي إلى زيادة في الاكتئاب لدى العديد من المصابين، حيث يحاولوا التعويض عن طريق إنفاق مزيد من الوقت بالفراش في محاولة للعثور على النوم، في هذه الحالة من المفيد تقليل الوقت الذي تقضيه في السرير.

الجدير بالذكر أن برنامج “أنا أحارب الإكتئاب” ليس منتج طبي، ولا يعتبر وسيلة علاجية منفردة لمواجهة أي نوع من أنواع الإكتئاب، هو فقط محاولة لمساعدة مرضى الإكتئاب بمرحلة مبكرة، من العمل ذاتيًا على علاج أنفسهم بمساندة ومرافقة الأطباء والأخصائيين النفسيين.

المعلومات الموجوده على الموقع لا تُعتبر بديلاً عن العلاج الطبي المتخصص، ولا يستطيع برنامج أنا أحارب الإكتئاب من الإيفاء بهذا الغرض بمفرده، للمزيد من المعلومات اضغط هنا. أما في حالات الطوارئ، وإن كان أحد المقربين منك يعاني من أزمة حادة ويفكر بالانتحار، عليك الاتصال وطلب المشورة المجانية على الأرقام التالية:
☎ 0800 1110111
☎ 0800 1110222
☎ 116123
telefonseelsorge@diakonie.de
www.telefonseelsorge.de

 Muslimisches SeelsorgeTelefon: 030 443 509 821  أو

 أمل برلين | إعداد ومتابعة: أملود الأمير
Photo: Amloud Alamir