©Mohammad Qadasi- Taiz/Yemen - pixabay.com
30/01/2019

أبرز توصيات مؤتمر برلين لمنظمات المجتمع المدني اليمنية

“تعد القوى الدولية والإقليمية الرئيسية هي المسئولة الآن عن كارثية الوضع في اليمن”، كانت هذه الجملة بمثابة ملخص ما دار في مؤتمر “تحالف منظمات المجتمع المدني اليمنية” مؤخراً في برلين والمنظم من قبل مبادرة “بوكر لتقديم المشورة حول حقوق الإنسان وقضايا الجندر”.

وقف تصدير السلاح أولًا!

يعد الضغط على الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا لوقف تصدير السلاح لأطراف الصراع في اليمن أولوية كبرى، جاكلين أندريس من مركز معلومات العسكرة في توبنجن IMI انتقدت ألمانيا والدول الأوروبية بسبب صادرات السلاح، حيث قام المركز بمراقبة السعودية والإمارات ومن قبلهم قطر بالإضافة لبعض المتورطين الآخرين كمصر والمغرب والسودان وإريتريا. أما ما أشيع عن وقف تصدير السلاح للسعودية بعد مقتل خاشقجي فوصفته جاكلين “بغير الشامل وغير الملزم قانونيًا”، كاشفة أن هناك بعض شركات السلاح الألمانية مستمرة في ذلك ولكن من خلال فروعهم خارج ألمانيا، مثل راينميتال وRWM من إيطاليا وغيرها من شركات إنتاج الذخيرة في كل من جنوب أفريقيا وسردينيا.

كما أشارت إلى استمرار ألمانيا في تصنيع أجزاء من المقاتلات الأوروبية التي يتم تجميعها في بريطانيا، بل تقوم ألمانيا بتصدير المعرفة العسكرية أيضًا مثل إرسال العديد من العاملين في شركة راينميتال إلى السعودية لبناء شركات أسلحة، كـ أندرياس شفير المدير السابق لشركة راينميتال والذي يعمل الآن مديرًا تنفيذيًا للشركة السعودية للصناعات العسكرية “سامي”. وحول ما يمكن عمله، تقول جاكلين: “المشكلة أنه لا يوجد إرادة سياسية لدى الحكومات الأوروبية وخاصة المانيا، فلو أرادوا لاستصدرت الحكومة الألمانية قانون يمنع شركات السلاح الألمانية في الخارج من توريد السلاح إلى أطراف الصراع”.

السلام يبدأ بوحدة اليمن!

الشيخ صالح محمد بن شاجع

اختلفت رؤية بعض الحاضرين من اليمن ومن خارجها لما يمكن أن تصل إليه الأوضاع في اليمن كحل للأزمة، رئيس تحالف منظمات المجتمع المدني اليمني الشيخ صالح محمد بن شاجع، بدأ توصياته في الجلسة الختامية في المؤتمر بجملتين رئيسيتين: “التأكيد على سيادة اليمن واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه وعدم المساس بها”، و”تشكيل مجلس انتقالي مدني يتم عبره التحضير لانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي”. ثم استكمل الحديث عن إعادة اعمار اليمن بدعم من الدول المتورطة في الحرب، وأعلن اللجان العاملة على الشأن اليمني، ثم شكر ألمانيا وقطر وسلطنة عمان، دونما ذكر لإشكالية اليمن الجنوبية الشمالية، وهو ما تحفظ عليه أحد أعضاء الحراك الجنوبي.

السلام يعني انفصال اليمن؟

عبد الناصر عبد الله صالح

عبدالناصر عبد الله صالح العضو في الحراك الجنوبي والمدرس السابق في جامعة دريسدن قال: “نطالب بالسلام من طرفين، الأول: الحكم الشمالي، ونطالبهم بفك الارتباط (رافضًا استخدام كلمة انفصال) وأن يعيدوا لنا دولتنا لنتعايش بسلام، والطرف الثاني: الدول المتورطة بالحرب في اليمن، فعليهم التوقف والمشاركة في إعادة إعمار الجنوب الذي قضوا على ما كان متبقيًا به من بنيته التحتية”. كما أكد على أن مجتمعي الشمال والجنوب بينهما اختلافات ثقافية كبيرة “كغلبة الطابع القبلي على المجتمع الشمالي وغلبة الانصياع للدولة وقوانينها على المجتمع الجنوبي” مؤكدًا على عدم الانتقاص من المجتمع الشمالي، كما أشار إلى ما عاناه الجنوبيون تحت حكم علي عبد الله صالح، كتسريحه للكوادر العاملة، وهدمه للبنية التحتية وتقويضه لحركة المجتمع التقدمية، حيث كانت تعمل المرأة قاضية، “في وقت حرمت فيه المرأة من المنصب ببقية الدول العربية”. وأنهى بأنه كان ليقبل الكلمة الختامية لو تم تعديلها، قائلًا: “البيان الختامي لا يمثلني”.

لا دخل للخارج بمصير اليمن

ماتياس تريتشوج

أما الصحفي الألماني المتخصص في الشأن اليمني ماتياس تريتشوج، فأكد على أن مصير اليمن يجب أن يقرره أبناءه فقط، وأن يتم ذلك من خلال عملية منظمة وإجراءات ديمقراطية تتسم بالشفافية والنزاهة، وبأن تتم عمليات السلام كلها تحت سيادة كاملة من اليمن دونما أية تأثيرات دبلوماسية أو عسكرية من الخارج: “لا السعودية ولا دول التحالف ولا الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية”، مضيفاً: “رغم أنني أتمنى لليمن أن يبقى موحداً، لكن الوحدة أو الانفصال شأن يمني خالص”، ليختم بالتأكيد على ضرورة الضغط لوقف جميع أشكال صادرات السلاح لأطراف الصراع.

الدور النسوي من الداخل والخارج

د. سمية الثور

“تعد أي محادثات أو مفاوضات لا تشمل المرأة هي محادثات ناقصة”.. بهذه الكلمات أكدت طبيبة الأسنان والناشطة الحقوقية اليمنية وعضوة منظمة “التضامن النسوي اليمني” سمية الثور، أهمية دور المرأة في محادثات السلام، وأشادت بتجربة مشاركة المرأة اليمنية خلال فترة الحوار الوطني من 2013 إلى 2014 حيث تعدى تمثيلها في الحوار 30% “ثم توقف كل شيء بعد الانقلاب الحوثي”، وتحاول سمية من خلال عضويتها بالعديد من الجمعيات مع ناشطات يمنيات أخريات أن يكن صوتًا لنساء الداخل، وشددت على دور المرأة في عمليات السلام: “المرأة هي صاحبة أكبر مصلحة من توقف الحرب والصراع”، كما تأتي أهمية عمل النساء في اليمن وفقًا لسمية، من أن المنظمات النسائية هي الوحيدة التي يمكنها العمل هناك الآن، حيث يقتل الناشطين المعارضين للحوثي في الشمال حتى لو قاموا بعمل خيري، وفي الجنوب تقوض ميليشيات الإمارات العربية عمل الرجال في المجال الإنساني، وهو ما أعطى المرأة فرصة للعب دور كبير أسمع أصواتهن في الداخل والخارج، خاصة رابطة أمهات المعتقلين والمختفين قسريًا.

دور المجتمع المدني والإعلام في عملية السلام

وحول التمثيل الحكومي الرسمي في المؤتمر قالت مديرة مبادرة بوكر لتقديم المشورة والقائمة على تنظيم المؤتمر ماريون بوكر: “قمنا بإعلام وزارة الخارجية الألمانية، لكننا أردنا أيضًا أن يكون الدور الرئيسي في عملية السلام للمجتمع المدني اليمني بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني من الخارج من أجل مساندتهم وإيصال صوتهم والقيام بالضغوط اللازمة في الخارج”.

ماريون بوكر

وعولت بوكر على أهمية التواصل حيث قامت بتأسيس موقع إلكتروني خاص باليمن (www.peace-for-yemen-now.de) مطالبة وسائل الإعلام بالتوقيع على الالتماس المنشور في الموقع من أجل سلام اليمن. وحول ما تنتظره المرحلة القادمة، قالت بوكر: “سنستمر في بناء الشراكات بين منظمات المجتمع المدني، حيث شاركت 7 منظمات ألمانية في هذا المؤتمر، وسنقوم أيضًا بالتواصل مع المنظمات العاملة تحت خطة عمل 3025 لأنها واحدة من أوسع الشبكات التي لديها قناعة بأن عملية السلام في اليمن يجب أن تُقاد بالمقام الأول بواسطة المجتمع المدني اليمني، وليس بواسطة ذوي الأيادي الدموية وسادة الحروب، ثم لدينا العامل المهم وهو الإعلام، حيث سيتم تنظيم ورش عمل للمنصات الإعلامية المختلفة حول أهمية اليمن، لنخبرهم عن طبيعة الوضع وتنوع الحياة والناس في المجتمع اليمني وخططهم واستعدادهم للسلام بعيدًا عن الصور النمطية حول رغبة اليمنيين في الحرب، وكل ذلك من خلال لجنة التواصل.. ثم هناك لجنة حقوق الإنسان والتي تهتم بإيصال المساعدات الإنسانية ومن قبلها الضغط لفتح المطارات، ثم اللجنة القانونية المختصة بملاحقة المتورطين ومجرمي الحرب”.

أمل برلين| إعداد وتقرير: أسماء يوسف
Photos: Asmaa Yousuf
Featured photo’s: Mohammad Qadasi- Taiz/Yemen – pixabay.com