لطالما استخدم الكثيرون كلمة “اندماج” كمرادف لكلمة “ذوبان”، فلكي تكون مندمجًا في مجتمع ما، عليك الذوبان، ما وضع بعض الأشخاص من القادمين حديثًا إلى مجتمعات أخرى تحت ضغط محاولة التعبير عن مظاهر هذا الذوبان، وهنا بدأ بعض النشطاء يصفون هذا المعنى للإندماج بالسطحية متحدثين عن قيم أخرى مثل تبادل الخبرات والثقافات بين كل الأطراف.
إندماج يعني الوصول إلى الخدمات في المجتمع
حكومة برلين كان لها رأي آخر، حيث قام مفوض الاندماج في حكومة المحلية أندرياس جيرمازهاوزن باتباع خطة مختلفة، فقد بدأ من فكرة أن الاندماج يعني إتاحة الفرصة للقادمين الجدد للوصول إلى الخدمات المتاحة في المجتمع البرليني وعلى قدم المساواة مع المواطنين، مثل الصحة والتعليم والوظائف وغيرها، وبالتالي يجب إزالة العقبات وحل المشكلات التي تعترض هذا الوصول كي يكون هناك شيء يمكن تسميته “إندماج”.
مساعدة مفوض الاندماج إيمكا يورتسكا قامت بشرح طريقة عمل اللقاءات التي تتم في كل أحياء برلين قائلة: “يتم تجميع نتائج هذه اللقاءات والحوارات مع العاملين في منظمات المجتمع المدني، ووضعها تحت تصنيفات أساسية تمثل المشكلات التي تعيق القادمين الجدد عن الوصول إلى الخدمات في المجتمع، ثم يتم رفع هذه البيانات والمعلومات إلى مجموعات العمل لدراستها ومحاولة إيجاد حلول لهذه المشكلات”.
ومن مبنى بلدية “شتيجليتس تسيليندورف” تنقل لكم أمل برلين بعض رؤى المشاركين في لقاء “الإندماج في الحوار” وأهم المشكلات والحلول المقترحة.
الرعاية الصحية والمعاملة اللائقة أهم المشكلات
منظم الفعاليات الاجتماعية ومدير إحدى جلسات النقاش شتيفان فرولوف قال في اللقاء: “يعاني القادمون الجدد العديد من المشكلات، أهمها وفقًا للمشاركين مسألة تعرض القادمين الجدد أحيانًا لمعاملة غير لائقة في الدوائر الحكومية من قبل بعض الموظفين، وذلك قد يكون بسبب اللغة أحيانًا، ورأينا أن الحل يكمن بتدريب هؤلاء الموظفين” وأضاف فرولوف: “يعاني اللاجئين في منطقة شتيجلتس تسيلنيدورف مشكلة الوصول للرعاية الصحية الكافية خاصة أولئك الذين يعانون أمراضًا نفسية جراء ما عايشوه في بلدانهم وخلال رحلتهم، أضف إلى ذلك مشكلات تمويل منظمات المجتمع المدني التي تقوم بتقديم الخدمات للقادمين الجدد”.
مفاهيم جديدة للإندماج بحلول 2027
قام مجموعة من المشاركين في الحوار بتقديم رؤية لحل مشكلة الفهم الخاطئ لمفهوم الاندماج في خلال 10 أعوام.. الناشطة الألمانية أنجلينا شتيركن قامت بتقديم بعض الشرح حول ما انتهى إليه النقاش، ويمكن تلخيصه في النقاط التالي:
1- ضرورة أن ينطلق الحديث على الإندماج من مفهوم التعددية، بمعنى أن الإندماج لا يشمل فقط القادمين الجدد ولكن يشمل كل فئات المجتمع التي تجد صعوبة في التعايش.
2- نقل الاندماج بمعناه الحالي إلى مفهوم “التضمين” بمعنى أن يتم مشاركة هؤلاء الذين يتم إقصائهم وأن يشعروا بأنهم جزء من المجتمع ككل، وأن تصبح لديهم القدرة على المشاركة بما فيها المشاركة السياسية. وبخصوص هذه النقطة انتهى نقاش المجموعة إلى أنه بحلول 2027 يجب أن يتاح للجميع فرص المشاركة السياسية من خلال التصويت وغيره من الأمور.
3- تحتاج المنظومة التعليمية إلى بعض التغييرات، خاصة فيما يتعلق بالمدارس، حيث يجب توفير الكفاءات متعددة الثقافات خاصة بين طاقم المدرسين، ومن الضروري أن يستطيعوا التحدث بأكثر من لغة خاصة مع صعوبة تعلم اللغة الألمانية في البدايات. وأكد المشاركون على نفس النقطة فيما يتعلق بالدوائر الحكومية أيضًا.
4- أن يصبح المجتمع أكثر إنفتاحًا وقبولًا وتعاطفًا وتسامحًا مع الناس الذين يأتون من خلفيات ثقافية مختلفة.
5- أهم مشكلة يعاني منها القادمون الجدد هي إعادة التوطين مع كل ما يصاحبها من مشكلات في فهم اختلاف الاجراءات ما بين الأحياء المختلفة في برلين وهذا مزعج للغاية، خاصة مع صعوبة فهم مستوى اللغة التي تكتب به المستندات، لذا اقترح المشاركون مستوى أبسط من اللغة.
الاندماج يعني المساواة بين كل الناس
وحول مفهومها للإندماج قالت مفوضة الإندماج في حي “شتيجلتس تسيليندورف” لورا الخطيب، “الإندماج بالنسبة لي يعني المساواة بين كل الناس الذين يعيشون في الحي، بمعنى أن يكون لديهم جميعًا نفس الحقوق ونفس فرص المشاركة في المجتمع وأن يمكن الجميع بنفس القدر من الوصول إلى الخدمات والتسهيلات المتاحة والمطلوبة، وذلك بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو نوعهم أو ميولهم الجنسية أو حتى وقت وصولهم إلى ألمانيا”.
جدير بالذكر أن مثل هذه اللقاءات ستسمر بعد انتهاء عطلة عيد الميلاد في أحياء برلين الأخرى.
أمل برلين | تقرير وتصوير: أسماء يوسف
Photo: Asmaa Yousuf