هل مازلنا نتذكر من هم في سوريا؟ كيف يتدبر الناس هناك أمورهم نتيجة ما يحيط بهم من أنواع القهر والعذاب التي يتعرض لها الشعب السوري، هذا ما يحاول أسبوع مدى الثقافي القيام به من تنشيط لتلك الذاكرة وتفعيل سبل المساعدة. والذي بدأ يوم السبت الماضي
من ضمن مشاريع مدى وأهدافها هو دعم الكتاب والفنانين الذين يعيشون في الداخل السوري، فكانت فكرة معرض الفن التشكيلي “وحدن” ومعرض “يا ساكنين البال” وهو معرض لقصص المعتقلات السوريات وأعمالهن اليدوية بالإضافة لمعرض الكتاب العربي الأول في برلين، ومعرض للأعمال اليدوية الجلدية للاجئات سوريات في برلين.
يقول الناشر صافي علاء الدين عضو في منظمة مدى للثقافة والتنمية الفكرية: “اخترنا عنوان وحدن، لأن السوريين بقوا وحدهم، يقاتلون وحدهم بعد أن تخلى عنهم المجتمع الدولي، لكن لن يبقوا وحدهم بعد هذا المعرض، لأننا سنستمر بمتابعتهم بطريقة ما، وسنكون المنصة التي يستطيعوا أن يعرضوا من خلالها أعمالهم، والذين هم في الواقع أهلنا وأصدقائنا والناس الجميلين”.
استطاعت منظمة مدى احضار 65 عمل لثمانية فنانين وفنانات من سوريا إلى برلين بالرغم من صعوبة الحصول على موافقات وتصريحات لإخراج تلك الأعمال من سوريا، وبالرغم من الكلف العالية لتأمين وصولها بسلام. أي لوحة تباع يذهب ثمنها لدعم الفنان في الداخل ليستمر في مسيرته الفنية.
كما قامت منظمة مدى بتوجيه دعوة لكافة الفنانين المتواجدين بالداخل السوري للتواصل، حيث ستقوم بتنظيم معارض أخرى في الأشهر القادمة لإيصال تلك الأعمال للجمهور الألماني والسوري.
أما معرض المعتقلات السوريات “يا ساكنين البال” وهو عبارة عن قصص مجموعة من الصبايا، بعضهن مازلن في سجن عدرا وبعضهن مختفي، هو محاولة لإيصال أصواتهن، وتذكير الناس بهن وبأناتهن.
يقول الصحفي أنور بدر أحد أعضاء منظمة مدى: “لدينا توثيقات لاعتقالهم من خلال المنظمات الدولية والمنظمات الحقوقية، أما السجينات المتواجدات عند باقي الأطراف لم يتم الاعتراف بوجدهن أو لا يوجد شيء موثق لوضعهن حتى هذه اللحظة”.
حصلت المنظمة من خلال وسيط في تركيا على تلك الأعمال وقامت بترجمة قصص النساء لتوصل أصوت من اختفوا في السجون.. يضيف بدر: “عن طريق بعض السيدات اللواتي استطعن زيارة السجينات وقمن بجلب بعض الأعمال اليدوية التي صنعت بأيادي المعتقلات، وسنقوم ببيعها هنا وبعث تلك الأموال لأهالي تلك النسوة وأسرهم ليكون شكلاً من أشكال الدعم ومد يد العون لهن بتصريف منتجاتهن هنا”. هناك حوالي 150 قطعة من مشغولات النساء.
كما أشار السيد أنور بدر الى مسابقة مدى للإبداع الأدبي السوري والتي انطلقت فكرتها بالتزامن مع أسبوع مدى الثقافي، حيث تم تعيين الفئة العمرية دون 35 سنة وأن يكون عملهم الأول. وتم توزيعها في خمسة حقول للإبداع الكتابي، بالمسرح والرواية والقصة والقصة القصيرة وأدب الأطفال والشعر. والقيام بهذه المسابقة للأدب السوري ستكون فرصة لدعم الشباب ومساعدته بشق طريقه. وستكون هناك مكافأة نقدية ودرع تكريمي من منظمة مدى بالإضافة لطباعة الكتاب في برلين. المسابقة بالتعاون ما بين منظمة مدى والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير بالإضافة لدار النشر لافيت، وفي الخطوة الثانية ترجمة تلك الأعمال إلى الألمانية واللغات الحية الأخرى.
يتضمن أسبوع مدى الثقافي معرض “الكتاب العربي” الأول من نوعه في برلين، وهو محاولة لخلق مركز توزيع الكتب العربية في برلين، ومن ثم ينطلق لأماكن أخرى. يتضمن المعرض العديد من الأعمال الإبداعية لكتاب عرب، وكتب مترجمة للغة العربية، وكتب نقدية وكتب تاريخية، بالإضافة لمجموعة من المعاجم الفلسفية.
يقول مدير دار نشر لافيت صافي علاء الدين: “أي سوري كان يمتلك مكتبة في بلده وقد خسرناها نتيجة الأحداث في سوريا، هي فرصة لإعادة بناء مكتباتنا. أولادنا بحاجة لهذه الكتب ليبقوا على تواصل مع ثقافتهم وتاريخهم”.
المشارك الأخير في هذا الأسبوع هو معرض “لاجئات يصنعن الفن” و الذي تقوم به مجموعة من اللاجئات السوريات المقيمات في برلين بعرض منتجاتهم اليدوية الجلدية. وتتم دعوتهن ضمن نشاطات “مدى” بشكل دوري لتتمكن تلك النسوة من بيع منتجاتهن.
سيستمر المعرض لمدة أسبوع، بينما النشاطات ستكون لثلاثة أيام، متضمنة الموسيقا الشرقية ومشاركات لثمانية كتاب للقصة القصيرة، بالإضافة لقراءات شعرية وحفلات توقيع لبعض الكتب. المعرض عبارة عن تظاهرة للثقافة السورية في برلين لتكون مؤثرة وقادرة على ترك صدى واسع.. قد تكون “مدى” هي الجسر لعبور تلك الأفكار وايصال رسائل السوريين للمجتمع الأوروبي والألماني.
بعض الصور للوحات المعرض
أمل برلين | تقرير وتصوير: أملود الأمير
Photo: Amloud Alamir