مشروع جديد ونافذة أخرى للأمل تفتحها أكاديمية إيبسو في كل من برلين – تورينجيا – هامبورغ، من خلال تدريب أشخاص لهم خلفية مهاجرة ليصبحوا مستشارين نفسيين واجتماعيين، ويقدموا المساعدة بدورهم لللاجئين والمهاجرين الآخرين بلغتهم الأم سواء على الإنترنت أو شخصيا للناس الذين مروا بأزمات، ويعانون من الإجهاد النفسي، أو الذين تعرضوا لصدمات نفسية.. التشاور مع مستشار (إيبسو) يساعد هؤلاء الأشخاص على حل التوترات الشخصية والأسرية والبدء في العيش بشكل أكثر إبداعا وإيجابية.
يستمر التدريب لمدة 12 شهراً، ثلاثة أشهر منها تدرس بشكل نظري، وتسعة أشهر من التطبيق العملي تحت إشراف الأكاديمية، توفر فيها منظمة إيبسو للأشخاص المناسبين والمتحمسين ولديهم خلفية هجرة أو لاجئين تعليمهم، وفق المراجع العلمية على كيفية إسداء المشورة النفسية والاجتماعية.
تم تطوير طريقة إيبسو للتشاور في عام 2004، وتم تقييمها وتكييفها بشكل منهجي في مختلف البلدان منذ ذلك الحين،ةوقد تأسست منظمة إيبسو في عام 2008 كمنظمة غير ربحية مسجلة في ألمانيا.
تدريب ما يزيد عن 90 مستشار من جنسيات متعددة
تذكر صوفي كورتينبروكر المشرفة على برنامج التدريب، كيف قامت الدكتورة إينغل ميسمال بتأسيس المشروع بعد زيارتها لأفغانستان وإحساسها بضرورة العمل على الجانب النفسي للمتضررين من الحرب الأفغانية، ولكن من الضروري ردم هوة التواصل إن كانت ثقافية أو لغوية بين الأشخاص والاستشاريين ومن ثم تطورت الفكرة، تقول كورتينبروكر: “الهدف من هذا المشروع هو استعادة اعتماد الناس على الذات في أسرع وقت ممكن، و تقديم المساعدة للناس على مساعدة أنفسهم”.
وتضيف كورتينبروكر:” نفكر حالياً بفتح مراكز جديدة لنا في النمسا وفي بعض البلدان الأوروبية، لنقل تجربة إيبسو لأوسع نطاق ممكن. يمكن للأشخاص فوق 25 سنة أن يحصلوا على هذا التدريب بغض النظر عما كانوا يعملوا به سابقاً، فيمكن للمعلمين أو الناشطين في مجال حقوق الإنسان أو الأطباء أو العاملين الاجتماعيين التقدم لهذا التدريب، فهو مفيد لمن يرغب بأن يتابع كاستشاري نفسي أو حتى لتمكين الأفراد من انجاز العمل المنوط بهم بطريقة أفضل، التدريب باللغة الإنكليزية وسنقوم فيما بعد القيام به باللغة الألمانية أيضاً، ليكون جزءا من عملية الاندماج التي نسعى لها جميعاً”.
عملية التعليم في إيبسو تتكون من المعرفة النظرية، والتدخلات النفسية والاجتماعية العملية، والخبرة الذاتية، فضلا عن التطبيق العملي كما يتم تقديم الدعم النفسي والاجتماعي بأكثر من 15 لغة.
تجارب لبعض الأشخاص الذين استفادوا تدريب إيبسو
أحمد الشهابي أتى منذ سنتين الى ألمانيا، ويعمل الآن كمستشار في إيبسو بعد أن أنهى البرنامج التدريبي في شهر نيسان الماضي. أحمد الفلسطيني، والمقيم سابقاً في لبنان، استطاع ان يتفهم المخاوف ويدرك المشاكل التي يعاني منها اللاجئين المتواجدين على أرض جديدة، مستفيداً من تجربته الخاصة. عمل أحمد سابقاً مع منظمات تدعم اللاجئين في بلدان كلبنان وإيطاليا، بينما الآن هو أحد المستشارين في إيبسو كير.. يقول أحمد: “نتعاون مع منظمة نجدة ناو، ومنظمة لمسة ورد، مما يسهل لنا الوصول للأشخاص المقيمين بالمخيمات في لبنان. ويمكننا من التواصل معهم وتقديم الدعم النفسي لهم، عن طريق جلسات عبر السكايب، بعد أن يتم حجز المواعيد من خلال موقعنا (www.ipso-ecare.com)، و في سوريا نتعاون منذ ثلاثة شهور مع منظمة أطباء بلا حدود في قرية أطمة التابعة لمدينة إدلب، والمشروع سيشمل كل المناطق السورية قريباً”.
استشارات نفسية بلغات عدة وبمختلف دول العالم
يستطيع الشخص تحديد موعد حسب رغبته، إن كان يريد استشاري أو استشارية للعمل معه، كما يمكنه أيضاً اختيار التوقيت بنفسه حسب جدول المواعيد. وتستغرق الجلسة الاستشارية 45 دقيقة. وفي مركز العناية إيبسو الموجود بمنطقة شونييبرغ في برلين، ساعات الاستشارة مفتوحة يوميا بين 9:00 صباحاً و حتى 17:00مساء، بحيث تكون الإستشارة وجهاً لوجه، أو عن طريق التواصل عبر الإنترنيت.
ويقدم حاليا 40 مستشارا من 17 بلدا المشورة النفسية والاجتماعية باللغات التالية: العربية، الكردية، الفارسية، الدارية، الروسية، الصومالية، الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، البولونية، كما أن المزيد من اللغات متاح عند الطلب. كما يتم تقديم المشورة النفسية والاجتماعية حالياً في مختلف مراكز إيواء اللاجئين في جميع أنحاء برلين.
مشاكل الناس تختلف لكنها تنتج عن توتر داخلي
تقول منال طريشي احدى الاستشاريات المتواجدات في مركز إيبسو برلين: “أن تكوني متفاعلة مع ناس تنتمين لهم، أن تمتلكي إمكانية التأثير والتغيير بالآخرين لتجعليهم يشعروا بشكل أفضل هذا شيء مهم، كما أن المشاكل التي يعاني منها الناس تختلف حسب الأماكن، ففي سوريا المعاناة تكون من نتائج الحرب وآثارها الجسدية أحياناً والمادية أحياناً أخرى مرخية بظلالها على العلاقات العائلية، أما في لبنان المعاناة من التمييز والفقر في أرض ليست هي أرضك أجدها أصعب، وفي ألمانيا يعتقد الناس أن قمة المشاكل لديهم هي في إيجاد بيت، أو الحصول على إقامة، غافلين النظر عن الكثير من التوتر المتخفي داخلهم”.
أما أحمد السيجري الذي انضم إلى إيبسو منذ عامين، وهو من الدفعة الأولى التي تخرجت كاستشاريبن، ويعمل الآن عن طريق الإنترنيت في إيبسو كير. عمل السيجري سابقاً مع منظمات لدعم اللاجئين في سوريا، و كان مسؤولاً عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وقام ببعض البرامج التعليمية الخاصة بهم يقول: “أنهيت التدرب هنا، وكان مفيداً لي، لقد درست ارشاد نفسي في سوريا وأجد العمل هنا، فرصة جيدة للمتابعة بنفس اختصاصي.. التجربة غنية جداً”.
أمل برلين | تقرير : أملود الأمير
Photo: Amloud Alamir+Ipso