Photo: Amal, Berlin
08/03/2017

لا تخرج قبل أن تقول Bitte!

يشدد أصحاب “وصفة الاندماج السحرية” على أهمية كلمة Bitte الألمانية في حالات التساؤل والشكران والغفران والنكران و”كان ياما كان”! كنوع من اللباقة في سياق الحديث، وهي كلمة تتجاوز معانيها عدد حروفها، فيمكن أن تكون: تفضل وعفواً وشكراً ولو سمحت، ورجاءاً، وعلى الرحب والسعة، ومن فضلك، ومن أنتم؟.. لا، هذه الأخيرة للقذافي!.

على العموم نحن أيضاً في قاموس مفرداتنا الفصحى والعامية الكثير من الكلمات التي يمكن اعتبارها كالـ Bitte الألمانية، مثلا: دخيل عينك، زكاتك، تسلملي، بعد إذنك، بمعيتك، شكراً، العفو، تفضل، شرّف، على عيني، حبيبنا… إلخ. قال أحد رواد الاندماج: “كلمة Bitte تعادل الحضارة الألمانية!”، وبقي يردد Bitte Bitte Bitte حتى طالت لحيته! قلت له في سري: “يا صديقنا المندمج، من كان لا يقول Bitte حسب معناها هناك في بلاده، والله لن يقولها هنا ولو وقفت على رأسك!”.

للأمانة، بالفعل معظم الألمان الذين التقيتهم وألتقيهم يستخدمون كلمة Bitte كثيراً في حديثهم، وغالباً تأتي لأعيد قول جملة أو كلمة لم يفهموها!، لكن بالمقابل هناك آخرون وإن كانوا قلائل لا يستخدمونها، مثلاَ في إحدى المرات كنت ذاهباً لا أذكر إلى أين، انتظرت في موقف الحافلات، وصل الباص، سألت سائقه عن اسم محطته التالية فقال: Was؟ “يعني ماذا لكن بنبرة عالية”، بصراحة نسيت وقتها اسم المحطة ونسيت وجهتي، وتلعثمت وقلت له شكراً باللغة العربية، وغادرت الحافلة أتلفت حولي كقطٍ يلاحق ذيله!.

على أي حال عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، حدثنا الصديق “المندمج” أنه تعذب قليلاً قبل اعتياده استخدام الـ Bitte في كلامه، وقال أنه كتبها على المرآة، والجدران، والأبواب والبراد والوسائد والطراقات، وفي الأمطار وفي أضواء السيارات “بالإذن من نزار قباني”!.. لكن المهم وبعد عقوده الطويلة في ألمانيا، صار يقولها أكثر من الألمان أنفسهم!

هناك أمل، فقد كشفت لي كاتبة ألمانية عن وصفة الـ Bitte السحرية، وهي وصفة للأسف لن تنجح مع الذين فاتهم الأوبان! أقصد القطار، لكن بالتأكيد ليس قطار علي عبد الله صالح!.. المهم قالت الكاتبة إن الأمهات والأباء الألمان يتجاهلون طلب طفلهم على مائدة الطعام مثلاً، إذا لم يقل Bitte أريد كذا!.. فجأة تذكرت ابن أخي وكيف يفتح زمور الإطفائية إن لم تعطه والدتهُ ما يريد! والمشكلة أنه يحصل على مراده ويبقى الزمور يعمل!
لذلك في الختام “رجاءاً” بالعربي، لا تخرج قبل أن تقول Bitte!

عبد الرحمن عمرين | أمل برلين
*
صورة الغلاف تصميم الكاتب