يبدو أن المستشار الألماني ميرتس كان، كحالنا جميعاً، آخر من يعلم أن هجوماً عنيفاً ستشنّه الولايات المتحدة الأمريكية على إيران تلك الليلة. ففي تطور مفاجئ، قرر رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب شنّ غارات جوية على منشآت نووية إيرانية دون إبلاغ الحلفاء الأوروبيين مسبقاً. ولم تعلم برلين بالأمر إلا بعد بدء التفجيرات، ما أثار تساؤلات حول التنسيق بين واشنطن وشركائها في الناتو، وكذلك حول تأثير هذا التصعيد على الأمن الأوروبي والألماني.
الإخطار في اللحظات الأخيرة
وفقاً لمصادر حكومية، لم تعلم ألمانيا بالهجوم الأمريكي إلا عند بدايته، حين تواصلت واشنطن عبر قنوات عسكرية وسياسية. في تلك اللحظة، أُبلغ المستشار فريدريش ميرز بالتصعيد عبر مركز إدارة الأزمات العامل ليلاً، ما يعكس ضعف التواصل المسبق مع حلفاء مهمين.
أوروبا تفشل في مساعي الوساطة
حتى ساعات قليلة قبل الضربة، كانت أوروبا تحاول تفادي التصعيد. وفشل وزير الخارجية الألماني، بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، في إقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ما أفسح المجال للتصعيد الأمريكي.
اجتماع طارئ في برلين بقيادة ميرتس
ودفع مجلس الوزراء الأمني الألماني لعقد اجتماع صباح الأحد لبحث الموقف. فحضر بعض المشاركين إلى مقر المستشارية ، بينما انضم آخرون عبر خطوط آمنة. لكنّ ميرتس اكتفى بتجديد دعوته إيران للبدء فوراً في مفاوضات مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وشدد على الحلول الدبلوماسية، وسط مخاوف من رد فعل إيراني قد يفاقم التوتر.
تقييم أولي للدمار
وأشارت الحكومة الألمانية إلى أن أجزاءً كبيرة من البرنامج النووي الإيراني قد تضررت، بينما يواصل الخبراء تحليل صور الأقمار الصناعية لتحديد مدى الخسائر. ورغم التوتر، لم تسجّل تهديدات فورية داخل ألمانيا، إلا أن الأجهزة الأمنية في حالة تأهب قصوى.
مخاوف داخلية في ألمانيا
حذّرت السياسية إيرين ميهاليك (حزب الخضر) من تصاعد التهديدات داخل ألمانيا، لا سيما تجاه الجاليات اليهودية والمنشآت الأمريكية. كما دعت إلى مراقبة دقيقة للأمن الداخلي واستعداد حكومي للتجاوب مع تطورات الوضع الدولي. بينما يخشى زعيم الحزب اليساري ، يان فان أكين، من تدهور وضع السكان في إيران عقب الهجمات. “هناك خطر من أن يصعّد النظام الضعيف القمع داخلياً”.
انقسام سياسي داخلي بشأن الهجوم
وفي حين يدعو ميرتس إلى موقف أوروبي موحد، تتباين الآراء ويبدو الانقسام السياسي الداخلي واضحاً من خلال التصريحات. ففي الوقت الذي وصف فيه نائب رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديمقراطي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي يورغن هاردت الهجوم بأنه خطوة متوقعة بعد رفض طهران التفاوض، معتبراً أنه سيؤخر البرنامج النووي الإيراني ويعزز أمن إسرائيل والغرب.
يخشى رولف موتزينيش الرئيس السابق للمجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، من تفاقم الحروب وزعزعة الاستقرار في المنطقة عقب الهجوم الأمريك. و يحذر من تداعيات خطيرة. وأكد أن التصعيد سيؤدي إلى مرحلة من الحروب وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وانتقد قرار ترامب السابق بإلغاء الاتفاق النووي وواصفاً الموقف الأوروبي بأنه فشل دبلوماسي.
المصدر باللغة الألمانية هنا