شهدت منطقة زيغن مؤخراً حملة مكثفة للجمارك في إطار الرقابة المالية على العمل غير القانوني. استهدفت الحملة شققاً ومقرّات تجارية، وصادرت وثائق محاسبة، أجهزة تخزين رقمية وأنظمة تكنولوجيا معلومات. وجهت السلطات تهماً لمديري شركة إنشاءات بالاحتيال على الضمان الاجتماعي، من خلال شراء فواتير مزورة بمبالغ لا تقل عن ستة أرقام.
خسائر ضخمة للاقتصاد الألماني من العمل غير القانوني
تكشف تقارير الجمارك عن حقيقة مقلقة، فألمانيا تفقد سنوياً مئات الملايين من اليوروهات بسبب التهرب الضريبي والعمل غير القانوني. خلال عام 2024، قدّرت الخسائر بنحو 766 مليون يورو، مقارنةً بـ 615 مليون يورو في عام 2023، بحسب ما أعلنه وزير المالية الاتحادي لارس كلينغبيل. الذي أكد أن هذه الأرقام قد تزداد مع تكثيف التحقيقات.
خطة كلينغبيل: تشديد الرقابة باستخدام الذكاء الاصطناعي
لذلك أعلن كلينغبيل، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، عن مشروع قانون جديد لتعزيز الرقابة المالية على العمل غير القانوني. يرتكز المشروع على تحليل البيانات الضخمة، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم الأنشطة المشبوهة. بالإضافة إلى تمكين تبادل المعلومات بين مكاتب الضرائب والرعاية الاجتماعية والجهات الأمنية. سيركّز التدقيق الرقمي على قطاعات معروفة بنسبة عالية من العمل غير القانوني مثل صالونات الحلاقة والتجميل والعناية بالأظافر.
ملاحقة المجرمين الماليين
أكد كلينغبيل عزمه اتخاذ إجراءات أشد ضد المجرمين الذين يحققون أرباحاً غير مشروعة. وأعلن عن استراتيجية قانونية جديدة تقوم على عكس عبء الإثبات في حالات مصادرة الأصول. ما يعني أن كل من يضبط بحوزته أموالاً أو ممتلكات مشبوهة، عليه أن يثبت قانونية مصدرها.
إخفاقات الماضي وفشل مشروع ليندنر
يأتي هذا التحرك في ظل إخفاق محاولات سابقة، أبرزها مشروع إنشاء مكتب التحقيقات الجنائية المالية الفيدرالي الذي أعلنه وزير المالية السابق كريستيان ليندنر، لكنه لم يحقق أي نتائج تذكر. وواجهت سلطات الجمارك انتقادات بسبب ضعف أداءها في مكافحة غسل الأموال رغم الجهود المتكررة.
هل “ألمانيا جنة للمجرمين” وغاسلي الأموال؟
بحسب التقديرات، تغسل في ألمانيا سنوياً ما يقارب 100 مليار يورو من “الأموال القذرة”، ويرجع المحققون ذلك إلى ارتفاع نسبة التعامل النقدي مقارنة بدول أخرى، ما يجعل من ألمانيا بيئة مثالية لغسل الأموال. ورغم مبادرات التشديد، إلا أن النجاح يبقى محدوداً.
الاقتصاد الضعيف يغذّي العمل غير القانوني
ربطت دراسة أجراها معهد البحوث الاقتصادية التطبيقية بين ضعف الاقتصاد الألماني وازدياد الأنشطة غير القانونية. فكلما تراجعت فرص العمل النظامي، اتجه البعض إلى البدائل غير الشرعية، مما يشكل عبئاً إضافياً على ميزانية الدولة.
تشير دراسات المعهد الاقتصادي الألماني إلى أن ثلثي الاقتصاد الموازي يتكون من أعمال بدون تصريح. ويلاحظ أن النسبة الأكبر من مرتكبي هذه الأعمال هم من الرجال، وغالباً من فئة الشباب، ويميلون إلى تفضيل الوظائف الأعلى دخلاً في الاقتصاد غير الرسمي.
ولاءات سياسية مثيرة للجدل
أثارت إحدى نتائج الدراسة جدلاً سياسياً، إذ تبين أن نسبة كبيرة من العاملين في الاقتصاد غير الرسمي يؤيدون الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ما قد يسبب إحراجاً للوزير كلينغبيل، في وقت يسعى فيه حزبه لقيادة حملة شاملة لمكافحة هذا النوع من الجرائم الاقتصادية.
المصدر باللغة الألمانية هنا