يتوافق شهر مارس مع فرض الحجر الصحي منذ خمس سنوات في أوروبا للحد من تفشي جائحة كورونا. وكنا قد شاهدنا علـى شاشات التلفزيون عواصم العالم الكبرى فارغة من المارة. ومشاهد مخيفة حولتها إلى مدن أشباح. في 22 مارس 2020 أغلقت جميع المتاجر والشركات والمدارس لاحتواء فيروس كورونا القاتل. وبدأ العمل بنظام Home Office الذي غير رؤية الشركات حول ضرورة تواجد الموظفين في مكان العمل طوال الوقت من عدمه. حتى بعد مرور خمس سنوات ما يزال البعض يعمل عن بعد. امتد تأثير الحجر الصحي حتى بعد انهائه فكان على الجميع الالتزام ارتداء الكمامات الواقية لشهور طويلة. ثم بدأ شهر رمضان في نهاية أبريل 2020 مما أجبر المسلمين على إلغاء تجمعات الإفطار الكبيرة التي اعتادوا عليها والإفطار منفردين. كيف كان رمضان في ألمانيا قبل خمس سنوات؟
إغلاق المطاعم والإفطار في المنزل
كان من الصعب على المسلمين عدم الإفطار في تجمعات كما اعتادوا خلال شهر رمضان. أُغلقت المطاعم والكافيهات ما أثر على أصحاب تلك الصناعة وعرضهم إلى أزمات مادية كبيرة. قدمت الحكومة حزمة مالية لرفع الضغط عن أصحاب المطاعم ودعمهم مادياً لعدة أشهر. خلال شهر رمضان جرت العادة أن يلتقي الأصدقاء والمعارف في المطاعم للإفطار ضمن مجموعات كبيرة، لكن ذلك لم يكن متاحاً منذ خمس سنوات. كان هناك خدمة استلام الطعام (تيك اويه) وكان على المطاعم اتخاذ تدابير السلامة وعدم السماح للعملاء بالدخول. فوضعوا لافتات تطلب منهم الانتظار في الخارج والحفاظ على مسافة متر ونصف بين كل شخص وآخر.
الصلاة في المساجد مع الحفاظ على مسافة تباعد
وكان هناك ضغط لإعادة فتح دور العبادة من مختلف الديانات. وفي منتصف رمضان سمحت السلطات للمرة الأولى بصلاة الجمعة داخل المساجد ولكن مع اتباع قواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. كما كان على المصلين أن يحضروا سجادة الصلاة ولم يكن من المسموح استخدام المرحاض او الوضوء داخل المسجد. يقول الإمام قريشيي رئيس مسجد الأمة الباكستاني في هانوفر إن المسجد يتسع لـ 350 شخصاً ولكن بسبب القيود المتبعة لم يتمكن سوى 81 شخصاً فقط من أداء صلاة الجمعة حينها. لذلك حرصوا على إقامة الصلاة ثلاثة مرات. وكان على المصلين التسجيل مسبقاً ليتمكنوا من حضور الصلاة. وقبل جائحة كورونا اعتاد القائمون على إدارة المسجد على تقديم وجبات إفطار لـ 150 شخصاً، لكن خلال عام 2020. لم يستطيعوا فعل ذلك.
بينما بدأ الإمام عمر دمير – الذي اعتاد على تقديم درسه الأسبوعي بعد صلاة الجمعة في المسجد– أن يحوله إلى التعليم عن بُعد عبر الإنترنت. فبعد شهرين من الإغلاق قرر أن يستكمل التواصل مع أفراد الجالية المسلمة عن طريق البث المباشر وقد أتاح ذلك للمزيد من الأشخاص من خارج هانوفر الحضور أكثر من أي وقت مضى.
العمل كطبيب وقت جائحة كورونا
زادت نوبات عمل الدكتور عاطف عبد الحي، طبيب أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى هانوفر. فكان عليه أن يعمل 12 ساعة بدلاً من 8 ساعات بالرغم من أن تخصصه بعيد عن الجهاز التنفسي والرئة. خلال شهر رمضان 2020 كان يضطر أحياناً بسبب مواعيد الدوام أن يتناول وجبة الإفطار والسحور سوياً في المستشفى. ارتداء جميع معدات الحماية عند فحص المرضى كان يشعره أكثر بالعطش خلال فترات الصيام. لم يستطع الطبيب أن يتناول وجبات الإفطار مع أي من أصدقائه ودائما كان يأكل بمفرده. فتعامله الدائم مع المرضى وضعه في خطر الإصابة بالمرض وكان عليه تجنب الاختلاط بمعارفه.
سبعة ملايين حالة وفاة بسبب الكورونا
أدى فيروس كوفيد-19 شديد العدوى إلى توقف الحياة الاجتماعية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم. وقد تسبب في وفاة ما يقرب من سبعة ملايين شخص على مستوى العالم. أما في ألمانيا فقد توفي 187 ألف شخص. انتهت القيود المتعلقة بفيروس كورونا في أبريل/ نيسان 2023 بما في ذلك إلزام ارتداء قناع الفم والأنف في بعض المرافق. ولكن المرض المُعدي لم يختفِ بل ما يزال الناس يصابون بالفيروس الذي يتغير باستمرار. ولكنه أصبح الآن أقل خطورة بالنسبة لمعظم الناس. ويعاني الكثيرون من الآثار المتأخرة أو ما يسمى بمرحلة ما بعد كوفيد، ولكنهم يعانون أيضاً من أضرار اللقاح.