في دراسة حديثة أعدتها مؤسسة برتلسمان المستقلة، كشفت نتائج مقلقة حول كيفية استخدام الأموال التي تدفعها الدولة لمراكز العمل في ألمانيا. أشارت الدراسة إلى أن أكثر من 10 مليار يورو من أموال دافعي الضرائب مخصصة سنوياً لهذه المراكز. إلا أن غالبية هذه الأموال لا تذهب نحو توفير فرص العمل للمواطنين. بل تذهب نسبة كبيرة منها إلى إدارة المراكز نفسها!
الأموال وإعانة المواطنين ومراكز العمل
مراكز العمل في ألمانيا، التي تلعب دوراً حيوياً بتقديم الدعم للأشخاص الذين يتلقون “إعانة المواطنين” (Bürgergeld)، حصلت على أكثر من 10 مليار يورو في عام 2024. وعلى الرغم من أن هذه الأموال تهدف إلى مساعدة المركز للعثور على وظائف جديدة للعاطلين عن العمل، إلا أن الدراسات تشير إلى أن ما يصل إلى 70% من هذه المبالغ تنفق في إدارات المراكز بدلاً من تخصيصها للتوظيف الفعلي!
زيادة التكاليف الإدارية
في السنوات العشر الأخيرة، شهدت التكاليف الإدارية للمراكز زيادة كبيرة بنسبة 39%، حيث ارتفعت من حوالي 4.7 مليار يورو إلى 6.5 مليار يورو، في حين أن الأموال المخصصة لدعم التوظيف ظلت ثابتة تقريباً عند 3.8 مليار يورو. وأشار رومان وينك، خبير سوق العمل في مؤسسة برتلسمان، إلى أن هذه الأرقام تكشف عن عدم وجود تركيز حقيقي على تحسين فعالية مراكز العمل. إذ لا توجد شفافية في كيفية تأثير التمويل على النجاح الفعلي للتوظيف.
انخفاض الاندماج في سوق العمل
ومن المقلق أيضاً أن الدراسة كشفت عن انخفاض نسبة الاندماج الناجح للأشخاص في سوق العمل بعد تطبيق نظام بدل المواطنين. حيث انخفضت هذه النسبة بحوالي 6%، ما يثير تساؤلات حول فعالية النظام بتحقيق أهدافه.
إصلاحات مقترحة
من أجل تحسين الوضع، اقترح مؤلفو الدراسة تشديد العقوبات على المستفيدين الذين لا يلتزمون بمتطلبات مراكز العمل. مثل غيابهم عن المواعيد أو رفضهم العروض الوظيفية. كما أشاروا إلى أهمية تفعيل المشاركة الفورية للمستفيدين من الأموال، فور تقديم طلباتهم، لتجنب حدوث ركود طويل في حالات البطالة.
العمل غير المعلن بين المستفيدين
واحدة من القضايا الأخرى التي تم تسليط الضوء عليها هي ظاهرة العمل غير المعلن بين المستفيدين من “إعانة المواطنين (Bürgergeld)”. إذ لاحظ الخبراء أن المستفيدين غالباً ما يتجنبون العمل الرسمي بسبب فقدان العديد من الامتيازات. مثل بدل السكن والبدل الإضافي للأطفال، بمجرد أن يحصلوا على عمل. وبالتالي، ينتهي الأمر بالعديد منهم إلى تجنب التسجيل في الأعمال القانونية لأن العوائد ستكون أقل من استحقاقات الدعم المالي.
مقترحات جديدة لتحسين الوضع
للتغلب على هذه المشكلة، دعا الخبراء إلى تعديل طريقة حساب المزايا الاجتماعية بحيث لا تخصم بشكل كامل إذا حصل الشخص على عمل قانوني. وهذا يشجع المستفيدين من الانتقال بسهولة إلى سوق العمل دون أن يخسروا كل الدعم المالي الحكومي.
التكاليف المحتملة للتحسينات
في حال تنفيذ هذه التعديلات بشكل فعّال، تشير الدراسة إلى إمكانية توفير ما يصل إلى 3.5 مليار يورو سنوياً من مدفوعات التحويلات. بالإضافة إلى جمع 1.3 مليار يورو إضافية في الضمان الاجتماعي و350 مليون يورو في ضريبة الدخل. هذا من شأنه أن يسهم بتحسين النظام الاجتماعي وتوفير المزيد من الفرص للمستفيدين من نظام “إعانة المواطنين” للانخراط في سوق العمل بشكل مستدام.
لقراءة المقال الأصلي في اللغة الألمانية، اضغط هنا.