Bild: Junge Liberale Niedersachsen
20/02/2025

علي أبو حمود وسباق الانتخابات في ألمانيا!

في أقل من عقد، انتقل من كونه لاجئاً يبحث عن الاستقرار، ليصبح مرشحًا بالانتخابات الألمانية عن حزب FDP. وصل علي أبو حمود إلى ألمانيا قادمًا من سوريا عام 2015، ولم يكن يتخيل أنه سيقف يوماً ما على منصات السياسة، ليناقش قضايا الهجرة، الاقتصاد، والاندماج، ليس كمتابع، بل كسياسي فاعل، يشغل مناصب قيادية داخل حزبه، ويسعى للمساهمة بتشكيل مستقبل ألمانيا.

دراسة ولغة وتأسيس

رحلته لم تكن سهلة، لكنها كانت مزيجاً من الطموح، المثابرة، والعمل الجاد. من دراسة الإعلام في سوريا، إلى دراسة العلوم السياسية حاليًا في جامعة Hagen، ومن تحديات اللغة والاندماج، إلى قيادة مشاريع سياسية تُعنى بالمهاجرين والاقتصاد، استطاع علي أن يصنع لنفسه مكاناً في المشهد السياسي الألماني. واليوم، بصفته نائب رئيس حزب FDP في منطقة Goslar، ومؤسس ورئيس دائرة العمل الوطنية للهجرة والاندماج في منظمة “Junge Liberale”، وعضو في قيادة المنظمة الشبابية للحزب في ولاية Niedersachsen، استطاع إثبات، أن المهاجرين قادرون ليس فقط على التكيف، بل على التأثير وصناعة القرار.

رحلة الهجرة.. تحديات البداية وطموح المستقبل

حين قرر علي مغادرة سوريا عام 2015، كانت وجهته الأولى تركيا، ومنها إلى أوروبا، بحثًا عن الأمان والحرية. لم تكن الرحلة سهلة، وكان التحدي الأكبر بالبداية، هو العثور على دورة لغة تلائم طموحاته. رغم ذلك، يؤكد أن تجربته لم تختلف كثيراً عن تجارب آلاف السوريين الآخرين، لكنه تمكّن من تجاوز العقبات بسرعة، بفضل التزامه بالتعلم والعمل التطوعي، وهو ما ساعده بشكل كبير على الاندماج في المجتمع الألماني. “أكره الاستسلام السريع والشكوى المتواصلة”، يقول علي، مضيفاً أن إدراكه لطبيعة الحياة الجديدة في بلد مختلف ثقافياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ساعده على تجاوز صعوبات الاندماج. ولعبت الطبيعة الريفية للمنطقة التي يعيش فيها دوراً محورياً في تسريع عملية الاندماج، حيث استطاع تكوين شبكة علاقات قوية من خلال أنشطة مجتمعية مختلفة.

من مواطن إلى سياسي: لماذا الحزب الديمقراطي الحر؟

لم يكن لعلي في البداية اهتمام مباشر بالانخراط في السياسة الألمانية، رغم متابعته للأحداث السياسية العالمية، خاصة ما يتعلق بالثورة السورية. إلا أن القضايا المرتبطة بالهجرة واللجوء حفّزته على التفكير بشكل أعمق في دوره داخل المجتمع الجديد.

يقول علي: “لم يكن القرار سهلاً، فالمشهد السياسي الألماني معقد ويضم خيارات متعددة. لكنني وجدت أن حزب FDP الأقرب إلى رؤيتي، لأنه يعتمد نهجاً ليبرالياً وسطياً. ويركّز على تسريع اندماج اللاجئين والمهاجرين في سوق العمل. إضافةً إلى دعم الاعتراف السريع بالمؤهلات الأجنبية، وتحسين سياسات الهجرة عبر نظام أكثر كفاءة”.

يرى علي أن حزبه يؤمن بالاقتصاد الحر، ويهدف إلى تقليل الضرائب، وتحفيز بيئة استثمارية جذابة، وهي عوامل يعتقدها ضرورية لضمان نمو اقتصادي مستدام. من موقعه كنائب رئيس الحزب في منطقته، يركّز علي على تطوير سياسات اندماج قائمة على مبدأ “Fördern und Fordern” – أي الجمع بين الدعم الفعّال للمندمجين والالتزام بسياسات صارمة ضد التطرف أو عدم احترام القيم الديمقراطية الألمانية. كما يولي اهتماماً خاصاً لقضايا الاقتصاد، ويدعو إلى تخفيف البيروقراطية، وتحفيز الاستثمار، وتسريع الرقمنة في ألمانيا.

كيف يتفاعل المجتمع الألماني مع السياسيين من خلفية مهاجرة؟ وهل هناك فرص متكافئة للسياسيين من أصول مهاجرة؟

رداً على سؤالنا حول شعوره بالانتماء لألمانيا أو لسوريا، أكد علي أن جذوره سورية، إلا أنه أكد على مستقبله في ألمانيا. “لا أشعر بازدواجية، حياتي هنا، وسوريا تبقى جزءاً من هويتي، لكنها ليست المكان الذي أرى فيه مستقبلي السياسي أو المهني”. وشدد على أهمية تقييم السياسيين بناءً على كفاءتهم وإنجازاتهم، وليس على أصولهم. أما عن تقبّل المجتمع الألماني لسياسيين من أصول مهاجرة، فيؤكد أن التحديات ما تزال قائمة، لكن الأمور تتحسن تدريجياً.

ألمانيا بحاجة لتغيير حقيقي!

لا يخفي علي طموحه في الوصول إلى مواقع أكثر تأثيراً في السياسة الألمانية. لكنه يرى أن الأهم هو إحداث تغيير حقيقي. “ألمانيا بحاجة إلى نموذج أكثر كفاءة في إدارة الهجرة، على غرار النظام الكندي. حيث يتم التركيز على استقطاب الكفاءات، وتنظيم الهجرة بآليات واضحة وسريعة”. كما أنه من دعاة تسريع رقمنة الخدمات الحكومية، معتبراً أن ألمانيا يمكنها الاستفادة من تجارب دول مثل الإمارات، حيث يمكن للمواطنين إنجاز معظم معاملاتهم إلكترونياً بكفاءة عالية.

إلى جانب ذلك، يؤمن علي بضرورة خلق بيئة استثمارية تنافسية لرواد الأعمال، عبر تقليل البيروقراطية وتقديم حوافز ضريبية، وهو ما يراه مفتاحًا للنمو الاقتصادي المستدام.

رسالة إلى الشباب السوري في ألمانيا

“الصبر والمثابرة هما مفتاح النجاح”، بهذه الكلمات يوجّه علي نصيحته للشباب السوريين الطموحين في ألمانيا، مضيفاً أن التكيّف مع المجتمع الجديد لا يعني التخلي عن الهوية الأصلية. بل الاستفادة من التجربة لخلق حياة جديدة قائمة على العمل والاجتهاد.

لو عاد الزمن إلى 2015.. هل ستسلك نفس الطريق؟

“دون شك، نعم”، يجيب علي بحزم، مشيراً إلى أن الأوضاع في سوريا لم تكن تتيح للشباب أي أفق حقيقي للمستقبل. ويضيف: “في ظل نظام قمعي، واحتلالات متعددة، لم يكن أمامي خيار آخر سوى البحث عن حياة جديدة، وهو ما فعلته”.

Amal, Berlin!
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.