Quelle: dpa
30/12/2024

الملياردير الأمريكي أيلون ماسك يعتبر حزب AFD “خلاص ألمانيا”!

في خطوة أثارت انقسامًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية، نشر الملياردير الأمريكي أيلون ماسك مقالًا في صحيفة  “Welt am Sonntag” وصف فيه حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) بأنه “آخر شرارة أمل لألمانيا”. بينما اعتبر البعض هذا المقال تعبيرًا عن حرية الرأي، رأى آخرون فيه تدخلًا خارجيًا قد يُقوض الأسس الديمقراطية في البلاد.

انتقادات سياسية واسعة وأصوات المعارضة ترتفع

أثار مقال الملياردير الأمريكي عاصفة من الانتقادات داخل المشهد السياسي الألماني، تحديدًا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر. الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي ماتياس ميرش، قال: “هذا التصرف يعد خطرًا كبيرًا على ديمقراطيتنا. تقديم منصة لحزب يميني متطرف يعزز التطرف ولا يخدم المصلحة العامة”. من جهته، رأى مدير حملة حزب الخضر، أندرياس أودريتش، أن ماسك يستخدم منصاته للتأثير على النقاش الديمقراطي في ألمانيا. وأضاف: “مثل هذه المحاولات تمثل تهديدًا مباشرًا لقيمنا الديمقراطية. إنها ليست سوى استغلال خطير للنفوذ الرقمي”.

انقسام داخلWelt بين حرية التعبير والمبادئ الصحفية!

الجدل لم يتوقف عند أروقة السياسة، بل امتد إلى صحيفة “Welt” نفسها. إذ استقالت رئيسة قسم الرأي إيفا ماري كوجيل، احتجاجًا على نشر المقال، مشيرة إلى أن “الصحافة لا يمكن أن تكون أداة للدعاية السياسية”. في المقابل، دافع رئيسا التحرير، أولف بوشاردت وجان فيليب بورجارد، عن النشر. وأوضح بورجارد قائلاً: “تشخيص ماسك لبعض التحديات صحيح، لكن اعتبار حزب البديل الحل الوحيد لإنقاذ ألمانيا خطأ جسيم”.

ما وراء ألمانيا: أجندة ماسك الأوروبية

تحركات ماسك السياسية لم تقتصر على ألمانيا. ففي بريطانيا، قدم دعمًا ماليًا لحزب الإصلاح بقيادة نايجل فاراج، بمبالغ تصل إلى 100 مليون دولار. وفي إيطاليا، انتقد القضاء علنًا لدفاعه عن سياسات الهجرة التي تتبعها جورجيا ميلوني، متسائلًا عبر منصته X “هل ما زالت إيطاليا ديمقراطية أم أنها أصبحت تحت حكم قضائي استبدادي؟”. هذه الممارسات المتكررة تطرح تساؤلات حول تأثير ماسك على الديمقراطيات الأوروبية، لا سيما مع قدرته على استخدام منصته الرقمية للترويج لآرائه السياسية.

تأثير ماسك: بين الواقعية والطموح المفرط

وفقًا لعالم السياسة فولفغانغ شرودر من جامعة كاسل، “ماسك لا يخلق مؤيدين جدد لليمين المتطرف، لكنه يرمز لشريحة من المجتمع تطمح إلى تغيير جذري”. الشرائح التي تستهدفها آراؤه ليست بالضرورة جديدة على الأفكار اليمينية، لكنها ترى فيه شخصية قادرة على تحقيق هذا التغيير. شرودر أشار أيضًا إلى أن “ماسك يجسد الانقسام. فبالنسبة للبعض، هو منقذ يرسم طريقًا جديدًا؛ وللبعض الآخر، هو خطر يهدد النظام الديمقراطي”.

منصة X وتأثيرها في تشكيل الرأي العام

تلعب منصة  “X”، التي يمتلكها ماسك، دورًا محوريًا بالتأثير السياسي. مع أكثر من 200 مليون مستخدم نشط يوميًا، توفّر له المنصة قوة هائلة للترويج لآرائه. وتشير تقارير إلى أن خوارزميات “X” قد تميل إلى تعزيز ظهور الحسابات التي تتماشى مع توجهات ماسك، ما يثير تساؤلات حول الحيادية الرقمية. وبينما يُلاحظ أن تأثير ماسك المباشر يقتصر على شريحة تشترك مسبقًا في رؤاه، فإن إعادة مشاركة محتواه من قِبل حسابات واسعة الانتشار تضاعف من وصوله لجمهور جديد. منصة “X” بذلك تُصبح نموذجًا يُظهر كيف يمكن دمج النفوذ المالي والرقمي لإحداث تأثير سياسي غير تقليدي، ما يضع الديمقراطيات أمام تحديات غير مسبوقة.

التحديات القانونية: ماذا يسمح لماسك؟

قانونيًا، يتمتع ماسك بحماية حرية التعبير في ألمانيا، بشرط عدم تجاوزه قوانين التحريض أو التشهير. كما توضح صوفي شونبيرجر، خبيرة قانون الأحزاب. وتفرض قيود صارمة على الدعم المالي للأحزاب السياسية. إذ يحظر على أي شخص خارج الاتحاد الأوروبي تقديم تبرعات تتجاوز 1000 يورو للأحزاب. هذا يعني أن تأثير ماسك المالي المباشر على حزب البديل من أجل ألمانيا محدود. بينما يظل تأثيره الرقمي موضع نقاش واسع.

بين حرية التعبير والمسؤولية السياسية

السؤال المحوري يبقى: هل يمثل ماسك نموذجًا للدفاع عن حرية التعبير، أم أنه يهدد استقلالية القرار السياسي؟

تحركات ماسك تكشف عن خطوط رفيعة تفصل بين حرية التعبير والتأثير غير المشروع. في وقت تصبح فيه المنصات الرقمية أدوات قوية لإعادة تشكيل المشهد الديمقراطي.