عام 2021، قاد المستشار الألماني أولاف شولتس الحكومة الائتلافية “إشارة المرور”، والتي ضمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر. أظهرت هذه الحكومة بالبداية رغبة قوية في إحداث تغييرات إيجابية تعزز التقدم الاقتصادي والسياسي. لكن التحديات كانت أكثر تعقيدًا مما توقعه البعض. ومع بدء حرب أوكرانيا، أصبح شولتس مضطرًا لتوجيه السياسة الخارجية والأمنية بشكل غير مسبوق عبر إنشاء صندوق خاص لدعم الجيش.
نقطة تحول.. الأزمات المتتالية!
في الوقت الذي حاول فيه شولتس تقريب وجهات النظر المختلفة بين شركاء الائتلاف، انخفضت شعبيته وسط تصاعد الخلافات حول سياسات الميزانية والاقتصاد. واشتد الصراع بعد حكم المحكمة الدستورية عام 2023 الذي ألغى أجزاء من الميزانية، ليؤدي ذلك إلى توتر مستمر بين الأطراف. في حين كانت رغبة حزبي الخضر والاشتراكي الديمقراطي في زيادة الاستثمارات لمواجهة التغير المناخي والأزمات الاقتصادية، كانت رؤية الحزب الديمقراطي الحر تركز على الحفاظ على الانضباط المالي، رافضًا فكرة الاستدانة الجديدة.
الأزمة الاقتصادية وانهيار التحالف
تفاقمت الخلافات بخصوص الميزانية لعام 2025 مع زيادة التضخم وضعف الاقتصاد. ما جعل شولتس يتبنى سياسة تقشفية، لكن الأوضاع ساءت بعد اقتراح وزير المالية كريستيان ليندنر تعديلات جذرية في السياسة الاقتصادية. منها إلغاء ضريبة التضامن عن الأثرياء، ووقف التشريعات المناخية الجديدة. اعتبر شولتس هذه المقترحات تهديدًا لرؤية الحكومة، ليعلن نهاية التحالف واستبعاد ليندنر من الحكومة.
ماذا بعد؟
مع خروج الحزب الديمقراطي الحر، أعلن شولتس نيته تمرير بعض القوانين الأساسية، مثل إصلاحات الرواتب وتحسين الصناعات الوطنية، حتى نهاية العام. ومن المتوقع أن يطرح المستشار الثقة بحكومته أمام البرلمان في يناير/ كانون الثاني المقبل، في خطوة تهدف إلى استباق انتخابات مبكرة. يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تداعيات اقتصادية تزيد حالة عدم الاستقرار، خاصةً في ظل توقعات بدخول ألمانيا في ركود اقتصادي آخر.
دور ألمانيا العالمي في الميزان
يأتي انهيار الائتلاف في وقت حساس عالميًا، خاصة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة مجددًا. تسود المخاوف بشأن دور ألمانيا المستقبلي في دعم أوكرانيا، كما أن الانقسامات الداخلية قد تعيق دورها القيادي في أوروبا. وفي ظل تعزيز روسيا لقدراتها العسكرية، تعالت الأصوات المطالبة بزيادة الاستثمار الدفاعي، حيث أشار وزير الدفاع بوريس بيستوريوس إلى ضرورة تعزيز قدرة الجيش الألماني لمواجهة التهديدات المتزايدة.
المخاطر الاقتصادية: القلق من تدهور الاستثمار
تسبب تراجع الثقة بالائتلاف في زيادة الحذر بين الشركات والمستثمرين، إذ أظهرت التوقعات الاقتصادية استمرار التباطؤ خلال 2024. دعت المؤسسات الصناعية الكبرى إلى تسريع الإصلاحات الاقتصادية لخفض أسعار الطاقة وتحسين البنية التحتية، وسط مخاوف من أن عدم الاستقرار قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد الألماني العالمي.
هل تفي الانتخابات بوعود الحلول؟
يبدو أن الحكومة الألمانية على وشك مرحلة حرجة من التغييرات السياسية، حيث يتساءل الجميع عما إذا كانت الانتخابات المقبلة قادرة على توفير رؤية ثابتة ومستقرة لإدارة الأزمات المستمرة.
Bild von DPA