موجة من الغضب الشديد تلت خطاب وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في البوندستاغ. تلاها تراشق في التصريحات بين الحكومة والمعارضة عن حقيقة استمرار أو توقف تصدير مزيد من الأسلحة لإسرائيل. وحول دعم الحكومة الاتحادية لإسرائيل بشكل فعلي. يأتي ذلك بعد مرور عام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. والذي راح ضحيتها أكثر من 43 ألف فلسطيني من بينهم أكثر من 14 ألف طفل، وفقاً للأرقام التي نشرها موقع اليونيسيف في شهر مايو/ أيار. ثم فتحت جبهة جديدة للحرب في لبنان. بدأت الانتقادات خارج ألمانيا خلال اليومين الماضيين بعد ترجمة خطابها للغة العربية. وفي الوقت نفسه، فإن وزيرة الخارجية هي أيضاً في قلب موجة كبيرة من الانتقادات في ألمانيا. ومع ذلك، فإن المعارضة لا تتهمها بدعم إسرائيل أكثر من اللازم. بل على العكس: الانتقادات هنا تتمحور حول حقيقة أنها قللت من توريد الأسلحة إلى إسرائيل وجعلتها خاضعة للشروط.
تصريحات الوزيرة المثيرة للجدل
خلال جلسة الاستماع في البوندستاغ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكدت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك على استمرار دعم ألمانيا لإسرائيل والوقوف بجانبها. تحدثت الوزيرة لمدة 12 دقيقة وفي منتصف خطابها قالت “إنه عندما يختبئ إرهابيو حماس خلف المواطنين وفي المدارس فإننا ندخل في قضايا حساسة للغاية. ولكننا لن نخجل. لهذا السبب أوضحت للأمم المتحدة أن الأماكن المدنية يمكن أن تفقد أيضاً وضعها المحمي لأن الإرهابيين يسيئون استخدمها” على حد قولها. وأضافت “ هذا ما تمثله ألمانيا وهذا ما يعنيه أمن إسرائيل بالنسبة لنا”.
وقد علق كينث روث المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومان رايتس ووتش، على منصة X قائلاً “إن الوزيرة تروي نصف القصة فقط. نعم يمكن أن تفقد المواقع المدنية وضعها المحمي إذا استخدمت لأغراض عسكرية. ولكن ما يزال من غير الممكن مهاجمتها إذا كان الضرر الذي يلحق بالمدنيين غير متناسب. تتجاهل إسرائيل هذا الجزء”.
السفارة الألمانية في القاهرة تنشر إيضاحاً باللغة العربية
نشرت السفارة الألمانية في القاهرة أمس على صفحتها على فيسبوك إيضاحاً بأن الادعاء بأن وزيرة خارجية ألمانيا تدعم الهجمات على المدنيين كاذب. وأنه من الخطأ الادعاء بأن ألمانيا تفكر في المساعدة في مثل هذه الهجمات. بعد تصريحات أنالينا بيربوك الأخيرة شهدت وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الصحفية للمتحدثين باللغة العربية موجة من الغضب الشديد. وقد تركزت أغلب التعليقات على منشور السفارة بأن الفيديو الذي تحدثت فيه الوزيرة واضح وقد ترجم إلى اللغتين الإنجليزية والعربية ولا يمكن إساءة فهمه. حيث تدعم الوزيرة بشكل واضح حق إسرائيل في استهداف المدنيين. بينما طالب البعض بضرورة اعتذار الوزيرة رسمياً عن تصريحاتها وتوضيح ما تعنيه. وأكد أخرون أن ألمانيا لم تسع جدياً لوقف استهداف المدنيين في غزة.
وقد نشرت صحيفة (الكويت اليوم) على منصة x فيديو مترجم باللغة الإنجليزية لتصريح الوزيرة تحت عنوان “إسرائيل لها الحق في استهداف أماكن المدنيين. وفقاً لتصريح وزيرة الخارجية الألمانية”. حيث دافعت بيربوك عن قتل إسرائيل للمدنيين في فلسطين ولبنان وادعت أن “الأماكن المدنية يمكن أن تفقد وضعها المحمي لأن الإرهابيين يسيئون استخدمها” على حد قولها.
الوزيرة بيربوك منتقدة أيضاً في ألمانيا
اتهم فريدريش ميرتس رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي CDU الحكومة الاتحادية بمنع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. بينما رفض المستشار أولاف شولتس تهمة التردد في تسليم الأسلحة. جاء ذلك خلال بيان الحكومة أمس الأربعاء. وقال إن إسرائيل يمكنها الاستمرار في الاعتماد على ألمانيا في محاربة أعدائها. لكن هذا التصريح لم يقنع يوهان فادفول خبير الشؤون الخارجية والدفاع لاتحاد CDU/CSU. وقال إذا كان هناك تأخير في تسليم الأسلحة فقد أخلّت الحكومة بوعدها لدعم إسرائيل. وسعت وزيرة الخارجية بيربوك لدحض هذه الاتهامات في البوندستاغ. حيث قالت خلال استجواب الحكومة إن ألمانيا تزود إسرائيل بالأسلحة ولكن من الضروري التحقق مما إذا كانت إسرائيل تستخدم الأسلحة وفقاً للمعايير الدولية. وأضافت أن ذلك يعني أيضاً الالتزام بالقانون الدولي الإنساني. وأكدت أن إسرائيل وفت بهذا الالتزام في الحالات الأخيرة لذلك سيكون هناك موافقات على تصدير شحنات سلاح جديدة لإسرائيل.
صحيفة بيلد تهاجم وزراء حزب الخضر
هاجمت صحيفة بيلد وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك ووزير الاقتصاد روبرت هابيك واتّهمتهما بمنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. وقالت منذ شهر مارس/آذار الماضي لم توافق الحكومة الاتحادية على تصير أي شحنات أسلحة لإسرائيل، التي تتعرض للغزو، على حد قولها. تسعى الصحيفة الداعمة لإسرائيل إلى مهاجمة الوزراء المنتمين لحزب الخضر في الحكومة وتحميلهم المسؤولية عن عدم وفاء الحكومة بوعدها لدعم إسرائيل. وأضافت الجريدة أن مطالبة إسرائيل بضمان عدم استخدام الأسلحة الألمانية في انتهاك القانون الدولي (على سبيل المثال في الإبادة الجماعية) يصفه الأشخاص المطلعون على الأمر بأنه شرط “سخيف”. وأن الهدف الرئيسي منه هو عدم تزويد إسرائيل بالأسلحة. كما اتهمت الجريدة الحكومة بتصدير أسلحة لتركيا وقطر في الوقت الذي لا توفر لإسرائيل ما تحتاجه من أسلحة.