Foto: MidJourney
27/07/2024

من صفّق للنتن سيزغرد للأنتن!

يبدو أن هوس أوروبا في إعادة التدوير، وصل إلى صنف جديد هو النفايات السياسية، التي خلفتها بعد فترة استعمارها لبلادنا. إذ دعت عدّة دول أوروبية الأسبوع الماضي، وعلى رأسها النمسا وإيطاليا إلى بدء الحوار مع نظام الأسد. وحجة هذه الدول وفقاً للصحافة الألمانية، “توافد أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى أوروبا”.

حتى أن إيطاليا عيّنت سفيراً لها في سوريا، وهي المرّة الأولى، بعد إغلاق السفارة الإيطالية بدمشق عقب اندلاع الثورة السورية في 2011. والسبب بحسب تصريحات الدولة المتوسطية، “معرفة ما يمكن القيام به في سوريا”. تُعرف هذه العمليات اصطلاحاً بين أوساط السياسيين بـ “التطبيع”. لكنني سأستعير مصطلح آخر من المعجم البيئي، وأسمي هذه الدعوات “بإعادة تدوير النظام السوري”.

للأسف ووفقاً لما يحدث في العالم، باتت الأرض تضيق ذرعاً بالمطالبين بالحرية والكرامة، والمدافعين عن حقوقهم التي شرّعتها كل الأعراف الدولية، والقوانين، والأديان. وكأن ما نطلبه من الدول صاحبة القرار، وذات الشأن، هو معجزات! مع أن ذلك بالنسبة لشعوبها من البديهيات.

التغاضي عن المجرمين، ومن فاق إجرامهم كل تصور، والاحتفاء بهم، هو مشاركة لهم بالجريمة. لأن الأولى بهذا العالم “المتحضر” أو مدّعي الحضارة بدلاً من فتح قنوات حوار مع نظام قتل مئات الألوف من البشر، وهجّر الملايين، واعتقل مئات الآلاف، ودمّر البيوت، واغتصب، واستخدم كل ما هو محرّم دولياً للوقوف في وجه شعبه، أن يقدّمه للعدالة. لكن من يصفق لنتنياهو، بالتأكيد سيزغرد للأسد.

في هذا الزمن لا مبرر لرافعي رايات العدالة وحقوق الإنسان، التغاضي عن الظلم والانتهاكات، بحجة عدم وجود أدلة. وبدل التفكير في أن الحوار مع الأسد قد يحد من وصول المهاجرين إلى أوروبا. الأحرى بأوروبا أن تعرف أن السبب وراء هجرة السوريين هو وجود الأسد في الحكم. والإجرام الذي يرتكبه. لا أن تتم إعادة تدويره. فهو دكتاتور يتشابه بسميّته مع أي سم. ولا يوجد تريّاق يحول دون تأثيره القاتل، سوى خلعه وتقديمه للعدالة.