Foto: Khalid Alaboud
20/10/2023

رسالة إلى شرطة برلين

منذ 12 يوماً والشرطة الألمانية في برلين وولايات أخرى، تمنع المظاهرات من قبل المتضامنين مع الفلسطينيين المدنيين. وتسوق لذلك تبريرات بعضها مفهوم والبعض الآخر ليس كذلك! أفهم البعد التاريخي لدعم ألمانيا لإسرائيل، وأفهم حساسية الشعارات التي تخشاها الشرطة والسلطات الألمانية، المتعلقة بالكراهية ضد اليهود، لكنني لا أفهم لماذا تُحظر المظاهرات كلها؟ ولا أفهم لماذا يتم التشديد على رموز فلسطينية متعارف عليها عالمياً أنها لا ترتبط لا بحركة عسكرية ولا بحركة سياسية، وإنما هي رموز شعبية. وبسبب ذلك أردت توجيه رسالة للشرطة الألمانية عبر هذه المقالة..

أعزائي شرطة ولاية برلين

لماذا لا تسمحون بالمظاهرات الداعمة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني؟ ستقولون لي لأنهم يرفعون شعارات معادية للسامية، تحرض على الكراهية الدينية ضد إسرائيل. حسناً لماذا لا تصدر الشرطة “كاتلوج” بالشعارات المسموح بها والشعارات غير المسموح بها؟ وتقوم بتعميمه على الجميع. وفي حال تم مخالفة ذلك، لكم الحق حينها باعتقال المخالفين، واتخاذ الإجراءات التي ترونها مناسبة، مع الأخذ بالاعتبار، “أننا نعيش في بلد، له دستور، يحترم حرية التعبير عن الرأي، دون عنف”. ويجب أن تعرفوا وبالتأكيد لديكم هذه المعلومة، أنه في برلين هناك أشخاص يستغلون التجمعات السلمية، ويحاولون الهجوم على الشرطة. وهذا بالتأكيد أمر مرفوض، وعليكم محاسبتهم. ليتسنى للمتظاهرين السلميين التمتع بحقهم بإبداء رأيهم.

أعزائي شرطة الولاية، إن منع وحظر المظاهرات، واعتقال الأشخاص، وممارسة العنف، لا يجلب السلام والأمان الذي نسعى له جميعاً في هذه المدينة. لا يجلب سوى المزيد من التوتر والضغط الذي لا تُحمد عقباه. السلام والأمان، يأتيان بالتعامل بحكمة مع ما يجري. والعمل على استيعاب غضب الناس واحتواء مشاعرهم. واحترام آرائهم التي لا تثير الكراهية ولا تحرض على العنف.

أعزائي المؤثرين

وهنا أشمل الممثلين، لاعبي كرة القدم، الفنانين، السياسيين المؤثرين، الباحثين، لماذا الصمت عمّا يجري بحق المتظاهرين السلميين، من منع وتعنيف؟ هذه البلاد ليست حكراً على الشرطة، ولا على السلطات، هذه البلاد تهمنا جميعاً. لا يمكنكم إلغاء واستثناء مجموعة بشرية فقط لأنها تخالفك الرأي السياسي. ولا يمكنكم اعتبارهم مجرّد أعداد، ولا يمكنكم الحكم المسبق عليهم بأنهم “إرهابيين، أو مؤيدين للإرهاب” بحسب ما تصفهم به الصحافة الألمانية. هؤلاء أشخاص لهم أهل هناك، لهم مشاعر، ولهم الحق بأن يكون لديهم رأي ويعبرون عنه.

القمع والحظر لا يجلب سوى الخراب

نحن أتينا من الشرق الأوسط، وهناك عايشنا كيف تتعامل الشرطة مع المتظاهرين. وكيف تعاملت الأجهزة الأمنية مع المخالفين للأنظمة بالرأي. صور قيصر خير دليل على ذلك، لهذا هربنا إلى هنا. هربنا لأننا كنا مؤمنين أننا سنعيش في أمان وسلام، وعدم الشعور بالخوف. وكنا نعتقد أننا هنا يمكننا التعبير بالوسائل السلمية عن رأينا. وتوضيح ما لا يراه الإعلام الغربي والناس بشكل عام، حول ما يجري في بلادنا. القمع والحظر والمنع لا يجلب سوى الخراب. نحن في وقت بأمس الحاجة للتعامل بحكمة وروية، وأن نسمع بعضنا البعض، ونفهم بعضنا البعض..