Image by David Mark from Pixabay
12/09/2023

الأخطاء الجراحية في ألمانيا.. إهمال من المريض أم الطبيب؟

يتعرض مئات الآلاف من الألمان سنوياً إلى مضاعفات تتراوح بين البسيطة والخطيرة والقاتلة بسبب الأخطاء الطبية الناجمة عن إجراء العمليات الجراحية التي لا لزوم لها، أو خطأ في التشخيص والعلاج، أو في وصف العقار غير المناسب، أو بسبب أخطاء الكادر الصحي والإداري. وجاء في تقرير الخدمة الطبية لشركات التأمين الصحي لسنة 2022 أن 3% من المرضى لقوا حتفهم في المستشفيات الألمانية بسبب هذه الأخطاء، تلك المستشفيات التي تستقبل قرابة 17 مليون حالة سنوياً، وأكثر من 550 مليون حالة في عياداتها الخارجية.

شهادات من موقع الحدث!

تقول السيدة أم محمد. ز: “اضطررت لتلبية طلب طبيب العظام، إجراء صورة طبقي محوري لركبتي، من أجل التأكد من سلامة المفصل والغضروف، وبرغم خوفي الشديد من دخول جهاز MRT، وضيق التنفس الذي يصيبني، وبقائي ثابتة بلا حراك مع تحمّل صوته القوي المزعج، إلّا أنني تحمّلت البقاء داخله مدة 20 دقيقة على أمل الوصول إلى حل لآلام قدمي اليمنى، ثم.. وبعد عودتي إلى البيت، أُفاجأ باتصال طبيب الأشعة المسؤول ليعتذر عن خطئه في تصوير القدم اليسرى بدلاً من اليمنى، وأنه يتوجب عليّ العودة إلى مركزه لإعادة الصورة من جديد”!

أما عبد الله. س/ فيقول: “تعرّضت لحادث في رأسي قبل وصولي ألمانيا أدى إلى فقدان جزئي للسمع، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة والانتظار لمدة سنة كاملة، أخبرني طبيبي بأنه لا بد من زراعة غرسة تيتانيوم لتحسين أداء العصب السمعي لدي، ولكن بعد أن أجريت العملية بشهرين، قام الطبيب بفحصي للتأكد من سلامة السمع لدي، ففوجئ بأن مستوى السمع عندي متدني ولم يتحسن، طلب إجراء صورة فتبيّن أن الجهاز غير مثبّت بشكل جيد، فاعتذر وقال لي: يجب علينا إعادة العملية من جديد”!

ما هي أسباب الأخطاء الطبية والعلاجية؟

د. باسم أبو لبدة

عن رأيه في هذا الموضوع، يحدّثنا الدكتور باسم أبو لبدة/ أخصائي أمراض الأذن والأنف والحنجرة في برلين: “نعم، هنالك أخطاء طبية كثيرة تحدث لدينا، وهي تختلف من طبيب لآخر، وخاصةً أطباء التجميل، ولكن الطبيب إنسان يصيب ويخطئ، وكثير من تلك الأخطاء يكون سببها – سوء فهم – بين الطبيب والمريض، وعدم اتباعه لإرشادات الوقاية وأخذ الدواء بانتظام. وقد يكون سببها طبيعة جسم المريض نفسه، في حال كان قابلاً لتماثل الشفاء السريع او التعرّض ببساطة لالتهابات بكتيرية أو نزيف في مكان العملية”.

من يتحمّل المسؤولية؟

يقول د. أبو لبدة: “يتحمل الطبيب نصف مسؤولية الخطأ الطبي في حال حدوثه، فهو يتوجب عليه مراجعة أوراق مريضه بعناية قبل إجراءه العملية، والتأكد من موافقته وتوقيعه، إضافةً إلى دراسة حالته الصحية وملفه بشكل جيد، بينما يتحمّل النصف الثاني من المسؤولية طاقم العمل ككل، من ممرضات وطبيب تخدير وحتى المريض نفسه!”.

لا للقفز من طبيبٍ إلى آخر!

يتابع د. أبو لبدة: “لا أنصح في حال حدوث مشاكل أو اختلاطات طبية علاجية بقفز المريض من طبيب إلى آخر، وذلك كي لا يدخل في دوّامة اختلاف الآراء والتشخيصات، فطبيبه الأول هو المسؤول فقط عن حالته وخطة علاجه، وعليه الصبر مدة لا تقل عن ستة أشهر إلى سنة لاستكمال فترة العلاج والاستشفاء، ولكن في حال فقد المريض الأمل، فبإمكانه اللجوء إلى طبيب جديد لعرض مشكلته الصحية عليه”.

ماذا عن اللجوء للقضاء؟

ذكر لنا د. أبو لبدة طريقة تصرّف المريض في حال تعرّضه لعاهة أو إصابة دائمة في جسده، وهي مراجعة طبيبه المسؤول عن الخطأ ومواجهته، ولكن في حال عدم اعترافه بالخطأ، يتم توجيهه إلى “Gutachter” في المشفى من أجل تقييم العملية الجراحية التي أُجريت له، وفي حال ثبات الخطأ الطبي، حينها يلجأ المريض إلى القضاء الذي يقرر بدوره وجود خطأ طبي بالفعل، أم مجرد اختلاط!. وهنا يجب التنويه إلى ضرورة معرفة المريض “التفريق” بين الخطأ الطبي والأعراض الجانبية والاختلاطات اللاحقة لأي عمل جراحي!

بعض المرضى لا يقرؤون ولا يهتمون!

يختم الدكتور أبو لبده حديثه بنصيحة: “للأسف.. يوجد بعض المرضى الذين لا يقرؤون ولا يهتمون! وأنا بدوري أنصح كل مريض بقراءة وفهم أوراق العملية الخاصة به وعدم إهمالها، وملء بياناتها بعناية كبيرة، هذه خطوة مهمة لدراسة حالته الصحية قبل المباشرة بالعمل الجراحي، إضافةً إلى ضرورة اتّباعه الإرشادات السابقة واللاحقة والتحلي بالصبر لحين انتهاء مدة النقاهة وظهور النتيجة المرجوة”.

  • تقرير وإعداد وتصوير: خلود فاخرة