Foto: Hamza Qabbani
02/09/2023

ورشة برلين.. الرابط الموسيقي ليهود الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الرابط الثقافي بين الأديان، الطوائف والأعراق في أي بقعة جغرافية من هذا العالم هو محض نقاش، ويكون على درجة عالية من الحساسية لمن عايش ويعيش إلى الآن هذا الرابط. ففي السابق حدثني أحد كبار السن من مدينة حلب كيف كانت حفلاتهم الموسيقية في ثلاثينيات القرن الماضي، وكيف كان التعايش الموسيقي بارز بين الأديان الأخرى. فتجد بالفرقة الموسيقية الواحدة هناك المسلم واليهودي والمسيحي. وفي ورشة عمل احتضنتها برلين مؤخرًا، نوقشت العلاقة الموسيقية بين الشرق والغرب من خلال التركيز على طريقة عيش الفنانين اليهود في بلدانهم الأصلية.

فكرة الورشة وهدفها

الباحثة بالعلوم السياسية أنصار الجاسم، قالت إن هذا المشروع ممول من مركز ولاية برلين للتربية السياسية. وهدفه اكتساب المعرفة الأساسية وجعلها قابلة للاستخدام في التعليم السياسي. وأيضاً سماع قصص الأجداد على لسان الأحفاد ممن قدموا إلى ألمانيا كمهاجرين. وهذه الورشة كانت امتداد لعدة ورشات سبقتها منذ عام 2019، بعضها كان حول السينما والممثلين اليهود في مصر وأخرى تحدثت عن العلاقات اليهودية – المسيحية – المسلمة، وظهور روايات المؤامرة في سوريا والمعروفة بحادثة دمشق عام 1840.

أما وورشة العلاقات الموسيقية العربية – اليهودية في برلين بين الماضي والحاضر، فهي الثانية من نوعها هذا العام ونتاج لورشة تعارف جرت في حزيران الماضي.

السياسات الديكتاتورية

علاقة اليهود مع الأديان الأخرى كانت متعمقة في الدور الثقافي. فمثلاً يهود حلب بطابعهم وثقافتهم الحلبية يظهرون حتى يومنا هذا من خلال مأكولاتهم وأغانيهم الحلبية، مثلما يتمتع بها ممن هم من الديانة المسيحية. ونرى في كلا الديانتين أصوات حلبية اشتهرت بتقديم الفن الأصيل القرن الماضي، من موشحات وأدوار غنائية وسماعيات موسيقية بطريقتهم الحلبية. وبحسب الجاسم، لعب الاستعمار والحكومات الدكتاتورية دوراً بإيجاد التمييز والتفرقة بين الأديان لضمان سيطرتها وامتداد نفوذها.

قصص من الورشة

تنوع الحضور بتنوع قصصهم. فكان من ضمنهم أشخاص عايشوا اليهود في صغرهم وهناك ممن كان يتذكر قصص أجداده عن التعايش الديني الثقافي. فمثلاً كانت قصة أحد الحضور كما سمعها عن أقربائه كيف تعلمت جدته عزف العود على يد جارها اليهودي بمدينة حلب. وتحدثت أيضاً الدكتورة في علم الموسيقى كلارا وتنس عن قصة حصلت معها أثناء كتاباتها لرسالة الدكتوراة التي تتحدث عن التمسك بالإرث الموسيقي، عندما تحدثت إلى أحد اليهود الذين نزحوا من حلب وضمن اللقاء قال لها: “أنا أعرف عن نفسي بأني حلبي”.

العرض التقديمي

كان الحديث في العرض التقديمي عن شركة “بيضافون” وهي شركة أسطوانات لبنانية أسست عام 1906 في بيروت من قبل بطرس وجبران بيضا. ومع وجود أخاهم الطبيب ميشيل في ألمانيا، ساعد هذا على نقل الشركة إلى ألمانيا بالتعاون مع شركة تصنيع ألمانية. وثالت د.كلارا: “كان للشركة دور مهم في حفظ الموسيقى العربية وغيرها من اللغات الأخرى. من خلال إرسال الفنانين إلى برلين لتسجيل مقطوعاتهم وأغانيهم الموسيقية”.

دور اليهود الثقافي

إذا نظرنا لثلاثينيات القرن الماضي، نرى وجود بارز للممثلين اليهود في السينما المصرية وغيرها. كما نرى أيضاً أصوات تمتعت بخامات عذبة محفوظة إلى الأن في أذهان المهتمين بالحضارة والإرث الموسيقي. وحكت د. كلارا عن تضامن الفنانين اليهود في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قصة الفنانة التونسية حبيبة مسيكة عندما قامت بتسجيل أغنية (أنت سوريا بلادي) لدعم الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي.
وفي نهاية الورشة كان هناك عرض فني موسيقي تضمن بعضاً من الأغاني السورية – العراقية – اليمنية.

  • إعداد وتقرير وتصوير: حمزة قباني