Foto: Kevin Snyman /Pixabay
02/04/2023

لماذا فشل الاستفتاء على تحول برلين لمدينة محايدة مناخياً؟

البعض يرى أن الإجراءات المطلوبة للحفاظ على المناخ مثالية، وهي ليس أولوية لدى البعض الآخر. وخاصة في البلاد العربية. إذ هناك ما هو أهم كارتفاع معدّلات الفقر، والبطالة، وسوء التعليم، والأهم من كل ذلك الطموح بالتغيير السياسي، الذي يضمن المساواة وحرية التعبير.

مثل هذا اليوم الأسبوع الماضي، شارك في الاستفتاء حول جعل برلين مدينة محايدة مناخياً في 2030 بدلاً من 2045، ما نسبته 35.8% ممن تمت دعوتهم للمشاركة في الاستفتاء وهم 2.430.072 شخصاً وفقاً لسلطات المدينة. لكن النتيجة كانت صادمة، إذ بلغت نسبة من صوّت بنعم: 50.9% وهذه النسبة أقل من النصاب المطلوب. فيما صوّت بلا ما نسبته: 48.7%. وهذا الأمر بحسب موقع rbb24 “مثير للدهشة؛ كون الخبراء توقعوا أن يكون عدد المصوتين بلا أقل من ذلك بكثير”.

استراتيجية تنفيذ مُعيبة

وفي متابعة لما حدث، وتقصي أسباب فشل الاستفتاء. طرحت سؤالاً على منصة “reddit”، وحصلت على إجابات متنوعة. فأحدهم، أشار إلى أنه صوّت ضد الاقتراح، كون “استراتيجيات تنفيذه معيبة، وخاصة مع احتمالية وجود جوانب سلبية سترافق التنفيذ” بحسب قوله. وأضاف “بأن الإطار الزمني الذي حددوه، لا يمكن الالتزام به دون هفوات كبيرة بعد أن تتم دراسة الموضوع بدقة”. وأوضح أنه لا يعارض الجهود الرامية إلى جعل برلين خالية من الكربون، لكنه يعتقد “أن النهج المتبع هو نهج أيدلوجي أكثر منه عملي”.

الأمر الذي وافقه عليه شخص آخر. رابطاً ذلك بأن برلين فقيرة اقتصادياً، مشيراً إلى المبالغ التي تحصل عليها الولاية من الولايات الأخرى. وشدد على أن الإطار الزمني المحدد قصير جداً. وضرب مثال على ذلك، المدة الزمنية التي استغرقتها الولاية لإنهاء أعمال البناء في مطار BER. الذي بات فعلاً مثالاً صارخاً على وجود خلل بتنفيذ المشاريع التابعة للعاصمة الألمانية.

أفكار مثالية

فيما رأى أحد المشاركين في الإجابة على السؤال، أن “الانتقال إلى الحياد الكربوني خلال 7 سنوات، فيما تزال معظم الطاقة المولدة داخل محطات التوليد في برلين من الفحم. هو مجرد خيال”. وأوضح “أن هذه ليست الطريقة التي تعمل بها السياسة لتُحدث تغييراً” فبحسب رأيه “إذا كنت تريد تغيير الأشياء فإبدا بالتفكير في طرق ذكية لاقتراح طرق فعالة للتغيير، وذلك لا يتم من خلال طرح أفكار مثالية”.

ورأى آخر في معرض إجابته :”الأمر يتعلق بتغيير الخطاب. بدلاً من الحديث عن جزيرة صغيرة محايدة مناخياً في بحر من عدم الاستدامة”. ويرى “أن الأشخاص الذين صوّتوا ضد الاستفتاء، هم من الأغنياء من أبناء الطبقة المتوسطة والعليا في غرب المدينة، وكذلك أبناء الطبقة العاملة الفقيرة المحبطة في شرقها” حسب توصيفه. وبحسب الإحصائيات التي نشرتها السلطات المسؤولة عن الاستفتاء، فقد قارب الصواب في هذا الرأي. إذ تشير الأرقام بأن عدد المصوتين بلا في مناطق مثل شتغليتس تسيلندورف وتريبتو كوبينك وراينكندورف كان أكثر من عدد المصوتين بنعم. وكذلك في شبانداو ومارتسان هيلرسدورف.

المواطن من سيدفع الثمن

الكثير من الإجابات والتي بلغت أكثر من 40 إجابة، رأت بأن الموضوع يكتنفه الكثير من الغموض، وأن هناك الكثير من الأشياء المُتعلقة بتحول المدينة لتكون محايدة مناخياً غير واضحة. ومن بين الإجابات من رأى أن تكلفة هذا التحول ستكون وبالاً على سكان المدينة. فبحسب أحد المجيبين، “ورد في أوراق المعلومات التي أرسلت لمن سيشارك بالتصويت، أن الأموال اللازمة لتنفيذ كل هذا، ستكون من صندوق الولاية القائم على العائدات من الضرائب على سبيل المثال”! وأورد مثالاً على الإجراءات التي ستطبق في حال أقرّ هذا التحول بأنه “يتعين على ملّاك العقارات عزل المنازل، الأمر الذي يترتب عليه زيادة في الإيجارات”. وهذا الأمر أوضح بشدة للمجيب أن تصويته سيكون بلا.

أكثر من ربع سكان المدينة غير مسموح لهم المشاركة

فيما رأى أحد المجيبين، أن السبب قد يكون عائداً لكون عدد كبير من سكان المدينة غير مسموح لهم بالتصويت كونهم أجانب ولا يحملون الجنسية الألمانية أو جنسية أوروبية تؤهلهم للمشاركة في التصويت. وهذا رأي أتوافق معه. فأنا كأحد سكان المدينة، ولا أحمل الجواز الألماني، غير مسموح لي بالتصويت. قد أفهم ذلك في حال تعلق الأمر ببرلمان الولاية أو البلديات أو البوندستاغ. لكن ليس هناك أي مبرر في منع أكثر من ربع سكان العاصمة من التصويت حول تحول المدينة لتكون محايدة مناخياً. وخاصة للأشخاص الذين يعملون ويدفعون الضرائب. وحتى أولائك الذين يتلقون المساعدة. فالتغيرات المناخية تترك أثرها على الجميع، وإذا أتت لا تسأل عن هوية أو جنسية الأشخاص. لأن مضارها تطال الجميع.

في النهاية علينا جميعاً أن نسعى للجم التغيرات المناخية، والتخفيف منها، مع أنها مسؤولية تتحملها الدول وخاصة الصناعية الكبرى منها. إلا أنها مسؤوليتنا جميعاً أيضاً. فالكل أعتقد يعرف قصة “الأشخاص الذين ركبوا في السفينة وتقاسموها، وأراد قسم منهم مدعياً حريته في القسم التابع له، بخرم السفينة” ليعود الوبال على جميع ركاب السفينة!