Image by ClarissaBell from Pixabay
26/03/2023

كواليس البلاي ستيشن.. إدمان للأطفال وتدمير لعقولهم

استحوذت ألعاب البرمجيات (die Playstation) على عقول الأطفال وتركتهم عرضة لتأثيرات سلبية خطيرة! فبعد أن كان الطفل يقضي جلّ وقته في اللعب مع الأصدقاء والقراءة والمطالعة، بات مدمناً ًلألعاب البلاي ستيشن، حيث يجلس لساعات طويلة أمام الحاسوب أويستلقي على السرير لاعباً بالجوال! فما هي التأثيرات النفسية والعقلية المصاحبة لهذه الألعاب، وكيف يمكن الحد منها؟

إدمان مفرط

إبراهيم شلاش يعاني من إدمان ابنه الشديد للألعاب الرقمية أوضح قائلاً: “يمضي طفلي البالغ اثني عشر ربيعا ً ما بين ثلاث إلى خمس ساعات يومياً باللعب في هذه البرامج ، فهي تضيع وقته وتزيد من تعلقه، وغدا في الآونة الأخيرة يهمل واجباته المدرسية المترتبة عليه! يأتي من المدرسة ليتناول الطعام على عجلة ويبدأ باللعب! كما أن إدمانه يفقده التركيز ويشتت ذهنه، فعندما تسأله والدته عما أخذه من واجبات مدرسية يتجاهلها ولا ينصت لها! ويكون كل همه انهاء المحادثة والعودة إلى اللعب، وإن تكلم يكون جوابه مختصراً وخاطئاً فهو لا يفهم السؤال المطروح”.

وبيّن الشلاش قائلاً: “يرفض طفلي دائماً مغادرة المنزل ويصر على البقاء فيه، خاصة عندما نطلب منه الذهاب إلى الحديقة للتنزه أو حضور نشاطات مسرحية أو سينمائية، كما أصبح الكسل والخمول صفتان متلازمتان فيه،  فقد تراجعت قدراته الذهنية لأن تركيزه منصب فقط على البرامج التي تقدمها الألعاب! كما ينفر دائماً من قراءة القصص أو الكتب التي نشتريها له. رغم أننا حاولنا مراراً وتكراراً اقناعه بأن المطالعة توسع الثقافة وتعمّق القدرات اللغوية ، لكن دون جدوى فهو يعتبر المطالعة مملة وغير مجدية”.

عدوان وفوضى

أما فايزة سلمى فتأكد أن البلاي ستيشن تترك عادات وتأثيرات سلبية على الأطفال، فهي تولّد دوافع عدوانية بعد استخدامها بشكل مفرط، حيث أن طفليها يحجمان عن المشاركة في النشاطات الرياضية، كما أنهما تركا أصدقاءهما وآثرا البقاء بالمنزل، فأصبحت الفوضى والتذمر جزء لا يتجزأ من سلوكياتهما!

عملية مخططة

الخبير في برمجيات الحاسوب سنان حبيب أوضح أن المبرمج يضع الأهداف الخاصة والفئة المستهدفة للعبة المبرمجة ودراسة تأثيرها على المستخدم، فيحاول المبرمج أن تكون اللعبة واقعية بامتياز وكأن المستهدف يعيش فيها، فيعتمد البرنامج الذي يجري اعداده على مرحلة جمع البيانات والذكاء الاصطناعي والتسويق، فعند جمع البيانات يطلب البرنامج من الشخص ادخال المعلومات الشخصية كالعمر والجنس ومكان الإقامة ثم تأتي مهمة الذكاء الاصطناعي، ليتم تسيير الطفل وفقاً لميوله ورغباته وصولاً إلى الإدمان.

ويتابع حبيب: “من أجل جعل المتلقي مدمناً تجري عمليات الإثارة والتشويق بغية ارضاء شغفه وجعل اللعبة لا متناهية، أي لا تكون طويلة ولا قصيرة الأمد، كما يسعى المنتجون إلى اضافة المؤثرات البصرية والصوتية اللازمة، بحيث يشعر الطفل أنه داخل جو اللعبة وهي تحاكي رغباته الحسية والنفسية! كالقتال في غابة كثيفة بالأشجار، ثم تأتي مرحلة التسويق كنفاذ الذخيرة، فيضطر الزبون لشرائها من متجر البرنامج، وكي تستمر حالة  الإدمان يتم ادخال خاصية النهاية السعيدة التي يرغب بها الطفل”.

المرح والسرور

يشير الباحث النفسي في سلوكيات الأطفال غالب العلي بأن الطفل يحب اللعب بالبرامج لأنه يشعر بالمرح والسرور، خاصة أنه قد لا يتفق مع أصدقائه ورفاقه بالعديد من الأمور، فعدم التوافق يولد الشجار والنفور، بينما في اللعبة تكون حسب ميوله وأهوائه التي تعطيه التشويق والإثارة، فالطفل بطبيعته يجد ضالته الوحيدة بأن يسرح ويمرح في عالم الخيال، فيتفاعل معها وكأنه يعيشها لحظة بلحظة، فتجذب ميوله أثناء اللعب وتسرح معه في عالم الخيال، فيتم الاندماج والتفاعل معها وكأنها صديقته ورفيقة دربه فهي تجذبه ليدور في فلكها الافتراضي”.

انعزالية

ويشرح العلي قائلاً: “تترك الألعاب تأثير نفسي سلبي لدى الطفل بحيث يدمن عليها، فالأم تدع طفلها يلعب لساعات طويلة، كي تتخلص من تذمره وتشغله بأمور تريحها لإتمام مهامها المنزلية، ولا ترسله إلى خارج البيت ليلعب مع رفاقه كي لا تبقى مشغولة البال، من هنا تتبلور انعزالية الطفل عن محيطه الاجتماعي، فالانعزال يترك شرخاً كبيراً بين حياة الطفل من جهة والبيئة المحيطة من جهة أخرى، وتزداد الظاهرة في بلاد المهجر خصوصاً لدى الأطفال المهاجرين، فبحكم اختلاف الدين والثقافة والعرق، غالبًا لا يتقبل الأطفال من السكان الأصليين نظرائهم الأطفال الأجانب، فتنشأ انعزالية الأطفال وتكون البرمجيات ملاذاً لهم لملئ أوقات الفراغ القاتلة التي تفرضها طبيعة الحياة الاجتماعية، والطفل الإنعزالي سيكون ضعيف التجربة و مهزوماً في أول جولة بالمعترك الحياتي، لأنه لم يعتد على تلقي الصدمات ومواجهة الحياة بآلامها وآمالها”.

تضافرالأسرة والمدرسة

ينصح العلي أولياء الأمور قائلاً: “لا بد من تضافر الأسرة والمدرسة من أجل تخليص الأطفال من هذه العادة السلوكية السيئة، ويجب فتح قنوات حوار مستمرة بين الأهل والمدرّسين، بحيث يكون التشاور في كل حيثيات الطفل بدءا ًبسلوكياته وطباعه، مرورا ًبأدائه العقلي والجسدي وانتهاءاً بعلاقاته داخل البيت وخارجه، كي يتسنى اخراجه من دائرة العزلة التي يعيشها، ويكمن الحل بإيجاد الأهل والمدرسة ما يملأ فراغ الطفل بأمور ايجابية تعزّز قدراته الجسدية والفكرية، كارتياده النوادي الرياضية أو مشاركته بنشاطات ثقافية أو تعلّمه لعزف آلة موسيقية.. إلخ، فهذه الوسائل تساعد على انتشال الطفل من العزلة القاتلة وتفرّغ ما بداخله من طاقات كامنة، وتحقق له التقدم والنجاح”.

  • تقرير: عدنان كدم