ربما شاهدتم جميع الأفلام والمسلسلات التي وضعتموها على اللائحة، ثم شاهدتم أفلامكم المفضلة مرة أخرى والآن تتصفحون نيتفلكس لعدة ساعات قبل اتخاذ قرار المشاهدة! تظهر مرة تلو الأخرى صورة الغلاف لبرنامج تلفزيون الواقع Too Hot To Handle بنسخته الألمانية. تتجاهلونها مراراً وتكراراً إلى أن يدفعكم الفضول إلى المشاهدة! على الأقل هذا ما حصل معي! بعد عدة ساعات يتخللها قدر لا بأس به من الندم على إضاعة الوقت أنهيت جميع الحلقات. لست بصدد الحديث عن أحداث البرنامج وشخصياته بشكل خاص، ولكن هناك نقطة تستدعي النقاش، على الأقل من وجهة نظر شخصية..
ما هو البرنامج؟
تدور أحداث البرنامج في جزيرة مكسيكية ساحرة بشواطئ رائعة مليئة بأشجار النخيل. يلتقي هناك مجموعة من الشباب والشابات في العشرينات من العمر. تعتقد المجموعة الشهوانية والشبقة المختارة بعناية أنها في المنتجع لتشبع رغباتها. لتكتشف أنها في برنامج مختلف والهدف الرئيسي هو أن تحاول المجموعة قضاء فترة البرنامج لتطوير علاقة عاطفية دون اللجوء إلى قبلات أو نشاط جنسي من أي نوع! في كل مرة يقوم فيها المشاركون والمشاركات بأي نشاط حميمي أو جنسي يتم خصم من مبلغ الجائزة الكبرى. يقوم جهاز مخروطي الشكل يدعى “لانا” بمراقبة الجميع وتصوير تحركاتهم. أخذ البرنامج شعبية كبيرة جداً وكان هناك عدة إصدارات بعدة لغات ومن عدة مناطق من العالم أخرها Too Hot To Handle Germany
دبي وبرلين
في بداية العرض تتحدث “لانا” عن أن الجميع يعتقد أن الألمان جديين جداً وغير قادرين على المرح وهي الصورة النمطية المعروفة في كل مكان عن الألمان. ربما لذلك يقول المنتجون أن البرنامج يضم الناطقين باللغة الألمانية وليس فقط الألمان. يقدم المشاركون والمشاركات أنفسهم وللوهلة الأولى تعتقد كيف يمكن لأي شخص أن يكون بهذه السطحية؟ ولكن لا أعتقد أني بمكان يسمح لي التكلم عن السطحية هنا، فقد قررت بنفسي مشاهدة البرنامج، لم يفرض أحد علّي ذلك. وهناك حتماً ملايين الأشخاص قد يستمتعون بالبرنامج. يأتي المشاركون من مدن مختلفة، من إيبيزا، برلين، دبي، ميونخ وغيرها. دبي وبرلين؟ عشت في الأولى قرابة التسع سنوات وفي برلين أكمل الآن عامي السابع لذا كان الموضوع مثيراً للاهتمام بالنسبة لي، خصوصاً عندما تكون على دراية بعقلية المدينتين!
الإغراء بأقصى صوره
تشارك “صوفي” من “دبي” في البرنامج بعد عدة حلقات. امرأة بقوام ممشوق، تبدو كعارضات الإنستاغرام صاحبات عشرات آلاف الإعجابات، مستحضرات المكياج واضحة بشدة بالإضافة لعمليات التجميل. يربك قدوم المشاركة الجديدة علاقة “فابيو” من برلين ب “آنا” من إنسبروك. يصبح فابيو مشتتاً وينظر خلسة لآنا ويراقبها. تشعر آنا بعدم الراحة وأن هناك ما يدور بينهما. يحاول فابيو التملص من الموقف والكذب بأنه ما من شيء بينه وبين صوفي وأنها هي من بادرت بالتحرش به، ولكنه يرفضها. يتطور الأمر ويقول لآنا أنه منجذب بشدة نحو صوفي وأنها تمثل الإغراء بأقصى صورة يمكن تصورها، ولكنه غاضب من نفسه لأنه منجذب نحوها، فهي أيضاً تمثل كل ما يقف ضده! كما ذكرت مسبقاً، عشت في دبي وفي برلين لفترة طويلة، لذلك يمكنني القول أن صوفي وفابيو يمثلان المدن التي أتوا منها فعلاً!
صور نمطية
هناك نظرة في ألمانيا لدبي لدى العديد من الأشخاص على أنها مدينة مصطنعة دون تاريخ. مدينة وسط الصحراء بنيت بأموال النقط. مدينة فارغة وسطحية، ولكنها مثيرة للفضول! مثيرة للغاية، مباني شاهقة وحديثة، سيارات فارهة، شواطئ نظيفة وجميلة، رفاهية مفرطة! عدا عن الاهتمام بأدق التفاصيل من ناحية جمالية! تمثل هذه المعادلة تماماً ما جرى بين فابيو وصوفي! فابيو الذي كان منجذباً لصوفي كونها تمثل “الإغراء بأعلى درجاته” كما وصفها. كان منجذباً لدرجة لا يستطيع التحكم بها ما أدى لإنهاء علاقته ب “آنا”! في ذات الوقت كان مستاءً من نفسه لأنه كان منجذباً لها بالأساس فهي تعكس كل ما تمثله دبي وذكرته سابقاً!
أيهما أفضل؟
حين يعرف أي شخص في برلين أني عشت في دبي لتسع سنوات أول سؤال يوجه لي هو: أيهما أفضل؟ برلين أم دبي؟ في أغلب الأوقات، بإمكاني رؤية الاستهزاء المرتقب على الوجوه وانتظار الجواب المرغوب سماعه.. برلين طبعاً! ولكن دائماً ما يكون جوابي أنه لا يمكن مقارنة المدينتين فلا أوجه شبه بينهما! في الحقيقة برلين ليست أفضل من دبي ودبي ليست أفضل من برلين، على الأقل بالنسبة لي. عادة يقابل جوابي بعدم الرضا! ولكن معظم من يسألون لم يزورا دبي من قبل، ولو فعلوا لشعروا بالسوء حيال أنفسهم كما شعر فابيو!