Image by Gerd Altmann from Pixabay
11/03/2023

كيف يمكن للشركات السورية الحديثة النجاح في ألمانيا؟

بفضل الإرادة والتصميم استطاع شبان سوريين من إنشاء شركات متنوعة الأهداف ومختلفة الأدوار، فمنهم من وصل إلى قمة النجاح، ومنهم من باءت محاولاته بالفشل! ويتحدث مديري شركات عن وجود عوامل ذاتية وموضوعية تعزّز النجاح. هذه العوامل تعد حجر الزاوية في كل ركن من أركان نجاح أي شركة، فكيف يمكن لشركة ناشئة أن تحقق ذلك؟ وماهي العوامل التي تساهم بتحريك عجلة تطورها؟

التميّز والإبداع

أسمر الطائي مدير شركة أمنية بمنطقة شمال الراين، أوضح قائلاً: “ما يميّز الشباب السوري المغترب أنه قادر على التكيف والإبداع في كل مكان وزمان، في حال تهيأت له الظروف المناسبة، فكما نعلم أنه للأسف الشديد لم تستقبلنا أية بلدان عربية! وأغلقت باب اللجوء في وجهنا، لذلك كانت ألمانيا ملاذًا نبحث فيه عن الأمن والاستقرار والحياة الأفضل. ولأن ألمانيا بلد تتوافر فيه الأرضية الاستثمارية المناسبة كالاستقرار السياسي والمناخ الاقتصادي الملائم والسوق الاستهلاكية الواسعة، استطاع عدد من السوريين انشاء شركات مختلفة ومتنوعة، وإضافة إلى العوامل السابقة، عندما تتواجد الإرادة والتصميم يستطيع المرء أن يحقق مبتغاه وينال مراده”.

وأضاف الطائي: “أفضل طريقة لافتتاح شركة هي توفّر الأمانة والصدق من قبل المدير والعاملين، فالأمانة والصدق تعدان لبنة أساسية في كل عمل ناجح، فالمدير يجب أن يتحلّى بالإخلاص عند استلامه عقود العمل من الشركات أو الجهات المانحة، فينأى بنفسه عن أية أعمال غير مشروعة تتعارض مع الأنظمة والقوانين السارية، كما يجب أن يتصف العاملون بالانضباط والمسؤولية، فلا يتغيبون أو يتأخرون عن العمل، أو يبوحون بأسرار شركتهم  لجهات أخرى”.

بصمة ذاتية

أما مدير شركة المطر للسلامة الأمنية والخدمات محمد مطر فأكد قائلاً: “صحيح أن انشاء شركة يعد أمرا ً شائكًا ومليئا ً بهموم الإدارة والتخطيط، إلا أن صاحبها يشعر بالغبطة والسرور في قرارة نفسه،  فالشركة تحمل بصمة صاحبها وهي مرآة تحقق ذاته، كما أن العمل بالإدارة يعد ممتعا ًيخرج عن اطار الروتين اليومي، فمثلا ً باعتباري أحمل إجازة بالهندسة الزراعية ولدي عقود عمل لخدمة الاحتفالات والمهرجانات، أستطيع أن أحقق المتعة والفائدة المعرفية من خلال حضور هذه الاحتفالات، كحضور مهرجان (يوم الحقل العالمي) الذي يقام كل سنة في مدينة هيلدزهايم”.

سر النجاح

وأشار مطر بالقول: “سر نجاح أي شركة يكمن بتحقيق أربعة أمور، وهي حسن اختيار المشروع والمصداقية والعلاقات العامة والانتظام، فنجاح أي مشروع يعتمد على انتقائيته في المكان المناسب، على سبيل المثال عندما يريد شخص افتتاح مطعم مأكولات عربية، يجب أن يتبادر لذهنه فورًا إقامة مطعم بمدينة كبيرة تحتوي على جالية عربية”.

ويتابع مطر: “المصداقية تعد ركنًا أساسيًا لدى أي شركة ناجحة، ويجب أن يتحلى بها الرئيس والمرؤوسين على حد سواء، فيتفانى رئيس العمل بتحقيق شروط العقود المبرمة بكل شفافية مع الشركات، ويتقيد المرؤوسون باللوائح والتعليمات الصادرة من الجمعيات المهنية ورئيس العمل، أما العلاقات العامة  فلها أهمية كبيرة، إذ من خلالها يظفر المدير بعقود كثيرة عبر شبكة معارفه مع الأشخاص أو الشركات، بحيث توضع العقود على الطاولة قبل بدء عمل الشركة، والانتظام هو استمرار الشركة بالعمل بوتيرة واحدة دون انقطاع، بحيث نسمع للأسف الشديد عن بداية عمل لشركات سورية إلا أنها توقفت لاعتبارات معينة”!

لكل مجتهد نصيب

ويصنّف مطر الشباب السوريين في ألمانيا إلى أربع فئات، الفئة الأولى الأشخاص الذين يملكون حس المبادرة ومهارات الإدارة والشخصية القيادية ولديهم الصبر وقوة الجلد، هؤلاء الأشخاص آثروا العمل المستقل ورفضوا التبعية لدى أرباب العمل، فأطلقوا شركات صغيرة ثم تنامى عملهم لينشئوا شركات كبيرة، والفئة الثانية وهم الفئة التي لديها مؤهلات علمية ومهنية لكن يفضل أصحابها العمل الوظيفي ويعتبرون أن رواتبهم الشهرية التي يتقاضونها تحقق لهم كفاف العيش، فهؤلاء يخشون نتائج لا تحمد عقباها! ثم الفئة الثالثة وهم الشباب العاطلين عن العمل الذين توقفوا عن ممارسة أي نشاط نتيجة اخفاقهم بوظيفة معينة أو دراسة ما، أما الفئة الرابعة الذين أسسوا مشاريعهم الخاصة وتعرضوا للإفلاس جراء سوء التخطيط.

وينصح مطر المدراء في بداية عملهم بإنشائهم شركات فردية (Einzelunternehmer) كونها سهلة الإنشاء من حيث المعاملات والرسوم، فالمرء يدفع فقط (25) يورو كرسم تسجيل للشركة الفردية، وتعد الشركة الفردية مرنة الحركة من حيث التحويلات النقدية بحيث يستطيع المدير تحويل النقود من حسابه الخاص، على عكس الشركات ذات المسؤولية المحدودة (GmbH) التي تتراوح رسومها (12500 إلى 25000) يورو، كما أنه لا يسمح بتحويل الحسابات النقدية بواسطة الحساب المالي الشخصي ويتم فقط عن طريق المكتب التجاري المحلي (Gewerbeamt).

الإدارة والمال

مدير فرع أمازون لخدمات النقل البريدية في ميونخ سعيد عبد الرؤوف، تحدث عن تجربته قائلاً: “واجهت في البداية صعوبات مالية وإدارية، كالعجز عن دفع الرواتب وتغيّب بعض العاملين عن الدوام وقلة الأرباح وارتفاع أسعار وقود السيارات التي تنقل الطرود البريدية.. إلخ، إلا أن تغيّب العمال وانقطاعهم المفاجئ عن العمل يعد أكبر تحدٍ يواجه عملنا!، فكثيراً ما يسبب لنا بعض العاملين إحراج مع الزبائن في حال تغيبهم غير المبرر عن العمل، خصوصاً أن لدينا مدة زمنية معينة لتوصيل الطرود البريدية”.

ويرى عبد الرؤوف أن نجاح أية شركة يعود لاستمراريتها بالتخطيط الصحيح وصولاً للأهداف المبتغاة، حيث تتوارد أخبار عن إغلاق عدد كبير من الشركات السورية جراء الإفلاس، وهذا يعود إما لعدم دراية أصحابها بالقوانين والأنظمة السارية، أو سوء اختيارهم لمشاريع لا تسمن ولات غني من جوع! كشخص كان صاحب مطبعة في سوريا، ويريد أن يستمر وينشئ مطبعة لطباعة الكتب العربية في ألمانيا، إلا أنه يصطدم بواقع قلة دور النشر التي تشتري نسخ الكتب المطبوعة، فتبوء محاولته بالفشل! لافتقار المشروع لدراسة الجدوى الاقتصادية وغياب المعرفة بالسوق المحلية.

لقاء: عدنان كدم
adnankadm15@gmail.com