Foto:Bernd Weißbrod/dpa
21/05/2022

ما الذي يجب معرفته عن جدري القرود؟

انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية أمس بما بات يُسمى “جدري القرود Affenpocken”. وتم الإبلاغ عن أول حالة إصابة في ألمانيا! فما مدى خطورة الفيروس؟ وما هي أعراض المرض؟ الإجابة عن أهم الأسئلة نشرها موقع تاغسشاو الإخباري.

ما هو الوضع الحالي في أوروبا؟

في الأسبوع الثاني من أيار/ مايو، تم تسجيل 6 حالات في بريطانيا العظمى، الأمر الذي جعل السلطات الصحية هناك تتنبه لذلك. لكن من الواضح الآن أن هناك إصابات بفيروس جدري القرود في دول أوروبية أخرى. فقد أُبلِغ عن مصابين في إسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا، وكذلك في أمريكا الشمالية وأستراليا، ومنذ يومين في ألمانيا. حيث أثبتت التحاليل بمعهد علم الأحياء الدقيقة التابع للجيش الألماني في ميونيخ، وجود المرض لدى شخص، ويحاول الخبراء الآن تحديد سلاسل العدوى.

كما نشر معهد روبرت كوخ بياناً رسمياً يتضمن تقييماً أولياً للحالات من بريطانيا العظمى، وليست هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها حالات من جدري القرود في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية. حيث كان هناك أيضاً حالة موثقة في إسرائيل عام 2018. ومع ذلك يمكن ربط كل هذه الإصابات بالسفر أو الاتصال بالحيوانات المستوردة من غرب أو وسط أفريقيا.

إن فيروس جدري القرود مستوطن جزئياً في غرب ووسط إفريقيا، وقد تكررت حالات الإصابة بالماضي. ولا يزال النطاق الدقيق لتفشي مرض جدري القرود حالياً في أوروبا غير واضح. ووفقاً لجيمي ويثوورث أستاذ الصحة العامة الدولية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، فإن الوضع الحالي ليس سبباً للذعر، ولن يؤدي لانتشار وباء على مستوى البلاد، كما هو الحال مع كوفيد. لكنه تفشي خطير لمرض خطير! ولهذا السبب علينا أن نتصرف وفقاً لذلك الآن.

من أين يأتي جدري القرود؟

ينتج جدري القرود عن فيروس كبير نسبياً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفيروس الجدري. كان هذا هو العامل المسبب للجدري، والذي تم اعتباره مستأصلاً منذ عام 1980. مقارنة بالجدري، يمكن أن يؤثر جدري القرود على العديد من الحيوانات، بما في ذلك أنواع الثدييات المختلفة مثل القوارض أو القرود. وتسمى معظم حالات عدوى جدري القرود لدى البشر بالأمراض الحيوانية المنشأ. هذا يعني أن الفيروسات تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان.

تحدث عمليات انتقال الفيروس غالباً في مناطق الغابات في وسط وغرب إفريقيا, ووفقاً لمعهد روبرت كوخ، يُعد جدري القرود أحد “الأمراض التي عاود الظهور”. هذا يعني أن المرض ينتشر مرة أخرى بعد أن تقلص فعلياً. في العقود الأخيرة، ازداد تفشي المرض، لا سيما في غرب ووسط إفريقيا. وبحسب منظمة الصحة التابعة للاتحاد الإفريقي، تفشت عدوى جدري القرود خلال جائحة كورونا.

ما هي الأعراض؟

لا يقتصر الأمر على ارتباط العوامل الممرضة ارتباطاً وثيقاً فحسب، بل إن أعراض الجدري وجدري القرود متشابهة أيضاً: حيث يعاني العديد من الأشخاص المصابين من الحمى بعد حوالي أسبوع أو أسبوعين من الإصابة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العقد الليمفاوية لديهم تكون منتفخة، ويترافق ذلك مع الصداع وآلام الظهر والعضلات والإرهاق العام. ويظهر الطفح الجلدي الشبيه بالبثور عادة بعد أيام قليلة من ظهور الحمى في جدري القرود عادة على الوجه، وغالباً على اليدين، القدم والكاحلين والغشاء المخاطي للفم.

يمكن أن تسبب هذه البثور حكة شديدة أو مؤلمة، ومع ذلك يمكن أن يكن مسار عدوى جدري القرود خفيفاً جداً بحيث لا يتم اكتشافه. وهذا ما يزيد من خطر انتقال الفيروس إلى أشخاص آخرين، فوفقاً لمنظمة  الصحة العالمية، لا يُصاب الأشخاص المصابون بجدري القرود عادةً بأمراض خطيرة كما هو الحال مع الجدري الحقيقي. فهو أكثر فتكاً وتنتقل عدواه بسهولة أكبر.

ما هي خطورة جدري القرود؟

وفقاً للخبراء، تُعد الإصابة بفيروس جدري القرود مرضاً خطيراً، حتى لو اختفى من تلقاء نفسه لدى معظم المصابين ولم يترك أي ضرر دائم. والأطفال معرّضون بشكل خاص للخطر، فمعدل وفيّاتهم من العدوى أعلى بكثير مما هو عليه في المجموعات الأكبر سناً. كما أن النساء الحوامل معرضات لخطر أكبر، حيث يمكن أن ينتقل الفيروس إلى الجنين، ما يؤدي إلى مضاعفات الحمل أو الإجهاض. ومن أكثر المشاكل شيوعاً العدوى البكتيرية التي تحدث في نفس الوقت مع فيروس جدري القرود. فيمكن أن تؤدي إلى الالتهاب الرئوي أو التهاب السحايا أو العمى بسبب إصابة القرنية.

كما أن مدى خطورة الإصابة بجدري القرود يعتمد أيضاً على نوع الفيروس وهناك نوعان: (الأول نوع غرب إفريقيا والثاني نوع حوض الكونغو). ورغم أن الإصابة بنوع غرب إفريقيا تؤدي إلى مرض خطير لدى بعض الأشخاص، فإن معدل الوفيات بين المصابين به أقل ويبلغ حوالي 1%، بينما يصل معدل الوفيات بين المصابين بنوع حوض الكونغو إلى 10%. ووفقاً للمعلومات السابقة، فإن الحالات الأخيرة في بريطانيا العظمى ترجع إلى نوع غرب إفريقيا الأقل فتكاً.

كيفية الإصابة؟

ينتقل فيروس جدري القرود عبر قطرات كبيرة في الهواء الذي نتنفسه. هذا أمر محفوف بالمخاطر بشكل خاص لهؤلاء الذين يعيشون مع الأشخاص المصابين أو الذين يقدمون الرعاية الطبية لهم، بالإضافة إلى ذلك فإن البثور المصابة على الجلد معدية. يمكن أن يصاب الشخص بملامستها. أو باستخدام أدوات المريض! ووفقاً لمعهد روبرت كوخ، فإن الانتقال عن طريق ممارسة الجنس ممكن أيضا، وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُفترض حاليًا أن انتقال الفيروس من شخص لآخر محدود. وكانت أطول سلسلة إصابات موثقة حتى الآن ست حالات.

كيف تستطيع حماية نفسك؟

منظمة الصحة العالمية، قالت إن أهم إجراء اتخذته السلطات الصحية هو البحث عن المخالطين المصابين لكسر سلسلة الانتقال، كما أن هناك تطعيماً فعالاً يُعرض على الأشخاص المخالطين. اللقاح هو ذاته الذي تم استخدامه ضد الجدري. ونظراً لأن الفيروسات متشابهة، فاللقاح فعال بنسبة 85% ضد جدري القرود.

في ألمانيا، تم رفع التوصية العامة للتطعيم ضد الجدري عام 1983 لأنه تم القضاء على المسبب للمرض. وتسبب اللقاح في حدوث آثار جانبية شديدة نسبياً بكثير من الأحيان. الآن هناك لقاح أحدث من الجيل الثالث للجدري، يبدو أن له آثار جانبية أقل، وتمت الموافقة على هذا اللقاح. لكن وفقاً لمنظمة الصحة العالمية لم يتم توفيره على نطاق واسع حتى الآن، وبالتالي لم يتم تطعيم أعداد كبيرة من سكان العالم ضد الجدري. ومع ذلك يبدو أن الحماية التي  يتسبب بها اللقاح تساعد أيضاً بمكافحة العدوى الحالية بفيروس جدري القرود.