بحدس الباحثة في قراءة الأحداث التاريخية باليمن، كانت الأكاديمية أروى الخطابي تنظر بحذر لثورة الربيع العربي هناك، وخروج الشباب إلى الساحات مطالبين بالتغيير، ورحيل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن السلطة.
بعد سنوات من ثورة 11 فبراير، حدث ما كانت تتوقعه الخطابي من انتكاسة لأحلام الشباب، نتيجة لعدم وجود حامل حقيقي يقوم عليه التغيير، ووجود جماعات دينية تتربص بالسلطة، وتنتظر الفرصة للاستيلاء على كرسي الحكم ولو بقوة السلاح.
الانخراط بالعمل الطوعي وحقوق الإنسان
الدكتورة الخطابي التي لم تحقق شغفها بدراسة العلوم السياسية، واتجهت لدراسة التاريخ! وصلت إلى ألمانيا لتحضير رسالة دكتوراه في “الأنظمة المالية للائمة في اليمن في الفترة ما بين 1918- 1962”. وتقول الخطابي إنها أصيبت بخيبة أمل خلال قيامها بتجهيز الرسالة، وهي ترى الوثائق التاريخية تؤكد عدم وجود أي نظام مالي للدولة سوى ما يأخذه العسكر من الفلاحين كضرائب وجبايات ثقيلة، فرضت على المواطنين، واستفادت منها شرائح محددة بالدولة.
تلك الحقائق والأحداث التاريخية، أكثر ما أثار مخاوفها، لا سيما وهي ترى جماعة الحوثي “أنصار الله” الوليدة من رحم الأئمة السابقين بحسب وصفها تبرز في الساحة، واستولت على الحكم في 21 سبتمبر 2014 بقوة السلاح تحت ذريعة تحسين مستوى المعيشة!
أكملت الخطابي رسالة الدكتوراه عام 2015، إلاأنها لم تستطع العودة إلى اليمن، ولم تحصل على فرصة وظيفية تتناسب مع مؤهلها، فقررت البقاء والانخراط بالعمل الطوعي وحقوق الإنسان، لتعريف الرأي العام العالمي بما يعانيه بلدها الأم من انتهاكات حقوقية وإنسانية.
مساندة الأقليات المستضعفة
وفي العديد من الاجتماعات والندوات الحقوقية للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، قدمت أروى أوراق عمل حول حقوق المرأة والأقليات المضطهدة في اليمن، وشاركت في وقفات احتجاجية ضد ممارسة جماعة الحوثي. حملت الخطابي في قلبها هم المستضعفين والناس البسطاء، وحاولت إيصال صوتهم لبلدان العالم والمؤسسات المؤثرة والقادرة على صناعة قرار ينقذهم من واقعهم المرير، ومد يد العون للمغلوب على أمرهم في اليمن.
على سبيل المثال، أحكام الإعدام التي أصدرها الحوثيين ظلما بحق ستة من أبناء الطائفة البهائية المسالمة، ليس لجرم اقترفوه ولكن لمخالفتهم الجماعة بالمعتقد الديني! وأكدت الخطابي أنه نتيجة للعمل الحقوقي المكثف والضغوط الخارجية المناهضة لأحكام الإعدام، أوقف الحوثي الحكم، لكنه هجر المجموعة قسريا من اليمن.
تدافع الخطابي عن البهائيين (طائفة دينية لا تعتنق الدين الإسلامي)، عاشت لعقود طويلة في اليمن بسلام، إلا انه مع انقلاب (الحوثي) أنصار الله، وسيطرتهم على الحكم، تعرض أبناء الطائفة البهائية للاضطهاد والسجن، وصُدرت ممتلكاتهم! يهود اليمن أيضا من القضايا التي شغلت الدكتورة الخطابي، وشاركت في الكثير من الأنشطة التي سلطت الضوء على ما يتعرضون له من انتهاكات! تقول الخطابي: “اليهود مكون رئيسي من المجتمع اليمني لكنهم مع ظهور حركة جماعة الحوثي بصعدة تعرضوا للمضايقات والقتل واضطر الكثير منهم للمغادرة”. وترى الخطابي أنه بتهجير الكثير من الأقليات اليمنية يحدث قتل للتنوع الاجتماعي داخل اليمن.
المرأة اليمنية وهمومها!
كما شغل الخطابي ما تتعرض له المرأة اليمنية من الترهيب والابتزاز، حيث تستخدم كورقة ضغط على أهلها إذا عارضوا فكر الحوثي! وهنا كان للخطابي الكثير من المشاركات التي ساهمت بضغوط خارجية، منها قرار مجلس الأمن الدولي وضع اسم أبرز الضباط المتهمين باغتصاب وخطف النساء الناشطات اليمنيات ضمن قائمة العقوبات الدولية.
وبحسب الخطابي، ليست الناشطات السياسيات الحقوقيات وحدهن من يتعرض للممارسات القمعية في اليمن، فحتى النساء اللواتي ليس لهن أي نشاطات سياسية أو حقوقية نلن نصيبهن من التضييق والاضطهاد تحت ذرائع عدة منها الاختلاط أو الاحتشام.. إلخ!
Brocken Chair
تقول الخطابي إنها تسعى لتأسيس منظمة (بروكن شير) لتوعية المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء، بمخاطر الألغام التي زرعها الحوثي في معظم المناطق التى تسيطر عليها الجماعة! وقد حصدت هذه الألغام عشرات الأرواح. كما ستحاول الخطابي تقديم الدعم الصحي والنفسي للضحايا، في بلدٍ زُرع بترابه أكثر من مليون ونصف المليون لغم!
- إعداد: سماح الشغدري
شاعرة وصحفية من اليمن
samah.shagdari@gmail.com