Photo: Ramil Nasibulin/BelTA/AP/dpa
10/11/2021

مخاطر رحلة اللجوء عبر بيلاروسيا.. والإجراءات البولندية القاسية!

نشرت وزراة الدفاع البولندية مقطع فيديو مصور من طائرة، يُظهر مئات من اللاجئين يقفون عند المنطقة العازلة بين الحدود البيلاروسية والحدود البولندية. في الفيديو يمكن أيضاً رؤية الجنود البولنديين الذين يقفون خلف الأسوار الشائكة للحدود البولندية، لمنع تدفق اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي. بدورها أصدرت وزارة الخارجية الألمانية أمس بياناً حول الأوضاع هناك، وهدد وزير الخارجية هايكو ماس، رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بمزيد من العقوبات!

لماذا اختار اللاجئون بيلاروسيا؟

القصة تعود إلى شهر أيار/ مايو هذا العام، حين أجبرت الحكومة البيلاروسية طائرة تابعة لشركة طيران رايان على الهبوط في مطار مينسك. لإلقاء القبض على صحفي بيلاروسي معارض! الاتحاد الأوروبي فرض عدد كبير من العقوبات الاقتصادية على بيلاروسيا ردًا على ذلك. ليعلن بعدها الرئيس ألكسندر لوكاشينكو أن شرطة حدود بلاده، لن تمنع اللاجئين الذين يريدون العبور إلى الاتحاد الأوروبي! ونتيجة لذلك زاد عدد المعابر الحدودية التي استخدمها هؤلاء لدخول ليتوانيا، في ذلك الوقت كان معظمهم طالبي لجوء أكراداً من شمال العراق، بالإضافة إلى أشخاص قادمين من الجنوب العراقي. بعدها قررت ليتوانيا بناء سياج حدودي مع بيلاروسيا واحتجازالمهاجرين القادمين إليها، في نفس الوقت اتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير لوقف الرحلات الجوية من العراق إلى بيلاروسيا مطلع شهر آب/ أغسطس الماضي. توجه اللاجئون إلى الحدود البولندية فاعترضتهم دوريات الحدود البولندية، ودفعتهم للعودة إلى بيلاروسيا، وقُتل ثمانية أشخاص على الأقل نتيجة الظروف المعيشية القاسية هناك!

كيفية الحصول على الفيزا لدخول بيلاروسيا؟

Jakub Górnicki صحافي بولندي، يعمل كرئيس تحرير لموقع Outriders المستقل في بولندا، وهو مؤلف مشارك لتقرير عن طريق الهجرة من الشرق الأوسط إلى بيلاروسيا. تحدث خلال مؤتمر صحفي عبر تقنية الفيديو، أجرته منظمة MEDIENDIENST INTEGRATION، عن الأوضاع على الحدود البيلاروسية البولندية. ياكوب تتبع قصة طريق الهجرة من لبنان والعراق إلى بيلاروسيا وقال: “يمكن الحصول على تأشيرة دخول إلى بيلاروسيا من وكالة السفر، وهي صالحة لمدة 15 يوماً. تكلفة التأشيرة تصل إلى حوالي 1300 دولار، حسب المعلومات التي وردت من مكتب سفر في بيروت، تم تصويره من خلال كاميرا مخفية، وحين يسأل الشخص ماذا سيحدث بعد ذلك، يجيب وكلاء السفر إن الأمر متروك لك، وهذا واضح وأنت تعرفه”.

وتابع ياكوب: “بمجرد حصولك على المستندات، يمكنك ركوب الطائرة، هناك الخطوط الجوية التركية، من اسطنبول، وهناك طيران دبي من الإمارات العربية، وتم استئناف بعض الرحلات من العراق بعد أن أوقفها الاتحاد الأوروبي”! وأوضح ياكوب أن هناك 5 إلى 7 طائرات يومياً تهبط في مطار مينسك. كل طائرة تحمل 200 شخص أكثر أو أقل، لا يوجد طيران أوروبي بعد الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي. وبحسب ياكوب إذا أجرينا حساب متواضع فإن النتيجة هي وصول بضع مئات من الأشخاص يومياً لمحاولة عبور الحدود. بعد وصولهم للمطار يُنقل الأشخاص إلى الفنادق في منسك، وبعدها يتم نقلهم إلى الحدود حيث يقضون بعض الوقت ويقوم البيلاروس بتوجيههم! وبحسب ياكوب التوجيه يتم من خلال حرس الحدود البيلاروسي، لتوضيح الأماكن التي يمكنهم الدخول منها إلى بولندا. وأكد ياكوب أن هناك ضبابية فيما يتعلق بكيفية الدخول، وبما هو عليه الأمر في الواقع لأن مصادر المعلومات محدودة!

مساعدات من المجتمع المدني البولندي

كورنيلا تعمل في فريق تطوعي، مهمته تقديم المساعدات للأشخاص الذين يعبرون الحدود، ويصلون إلى الطرف البولندي. فريق كورنيلا يسمى “الإنقاذ” وهو بالضبط ما تقوم به مع فريقها، حسب قولها. بدأ الأمر وفقاً لكورنيلا في 18 آب/ أغسطس، عندما عثروا على مجموعة من 32 طالب لجوء أفغاني عالقين في وضع صعب، فأنشأ الفريق على الفور مخيماً لهؤلاء الأشخاص: “في البداية تمكنا من تزويدهم بالطعام، وبعض الملابس الأساسية وأكياس النوم”. وتقول كورنيلا أنهم قادرون فقط على مساعدة الأشخاص الذين عبروا الحدود، أو خرجوا من المنطقة الحدودية العازلة، فهم لا يستطيعون الاقتراب من الحدود أكثر من 3 كم.

وتضيف كورنيلا أن البيانات والمعلومات التي يحصلون عليها هي من الأشخاص “المحظوظين” بحسب تعبيرها، أي الذين تمكنوا من العبور. وعن طريق وصولهم لأماكن تواجد اللاجئين توضح: “نحصل على موقعهم من مصادر مختلفة، وأحياناً من السكان المحليين، عبر الاتصال برقم الهاتف الخاص بنا”.

وتصف كورنيلا الأشخاص الذين يلتقون بهم بأنهم عادة ما يكونوا مرهقين للغاية، وملابسهم مبللة: “التقينا بأشخاص كانوا يسيرون على أقدامهم لعدة أيام، حفاة، تائهين في الغابة ومنهكين تماماً (..) الصورة صدقوني في كل مرة محبطة وحزينة للغاية، والناس تعيش في ظروف مروعة، لذلك نقدم لهم جميع الإمدادات الأساسية، ونقدم لهم الإسعافات الأولية، وفي حال تطلب الأمر نتدخل طبيًا، لدينا اتصالات مع الأطباء والمسعفين الذين يساعدون على الحدود، وإذا اضطر الأمر نتصل بالإسعاف الرسمي”!

ما هو الوضع القانوني للواصلين إلى بولندا؟

شاركت في المؤتمر الصحفي، المحامية البولندية كاتارزينا برزيبيسلافسكا، وهي مختصة في حقوق الإنسان بمركز المساعدة القانونية،(Centrum Pomocy Prawnej)، ومتخصصة في قانون اللجوء. قالت كاتارزينا: “إن إعادة المهاجرين الذين نجحوا في الوصول إلى بولندا، إلى الدولة التي دخلوا منها وهي بيلاروسيا دون اتخاذ أي إجراءات قانونية، يعتبر مخالف للإطار القانوني الدولي، وقانون الاتحاد الأوروبي الذي تلتزم به بولندا حتى الآن”.

موضحة أنه يحق لأي شخص يدخل أراضي بولندا، تقديم طلب لجوء، وأن يقول إنه يرغب في الحصول على الحماية في بولندا، لأنه خائف من الملاحقات القضائية في بلده: “لا يحظر القانون أي شخص دخل البلاد دون إذن من تقديم طلب لجوء، وللدولة تفويض قانوني للنظر فعلياً في حالته بشكل فردي وإجراء تقييم على الأسس الموضوعية، وهذا صلب المعايير الدولية لحقوق الإنسان”. لكن ما يحدث الآن أنه أجري تعديلات على قوانين الأجانب وطالبي اللجوء، وقعها الرئيس البولندي في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تتيح إرجاع أي شخص دخل البلاد دون إذن على الفور، من قبل مسؤولي الحدود!

التغيير الثاني الذي تتضمنه التعديلات البولندية، هو أنه حتى لو كان الشخص قد أعرب بالفعل عن رغبته بتقديم طلب لجوء في بولندا، يمكن لمكتب الأجانب البولندي الرئيسي المسؤول عن طلبات اللجوء أن يتخذ قراراً بتجميد هذا الطلب دون فحصه!