يرتدي نيكولاي مولكواسا، سترتين فوق بعضهما البعض! سترة حمراء وسترة صفراء فوقها. يقف على ناصية الشارع ويبيع المجلات والجرائد. يحزم كل ما يملكه بحقيبة سفر يضعها في عربة للتسوق. ينام نيكولاي بمحطة حافلات مهجورة في بوتسدام. يغطي شقوق السقف بشريط حتى يمنع إنغمار مكانه بالمطر! ويستخدم الورق المقوى على الأرض ليعزل القليل من البرد. يطل سكنه على واجهات جميلة ونوافذ مضيئة لعالم دافئ بعيد المنال عنه.
550 يورو مقابل 3 أسابيع من العمل الشاق!
على بعد حوالي 25 كيلومتراً من مكان سكنه الآن، قام نيكولاي مع غيره ببناء مبنى بسقف زجاجي ارتفاعه 23 متراً وتضمن المشروع 1500 شقة. إنه أحد أشهر مراكز التسوق في المدينة. مول برلين! جاء نيكولاي قبل ست سنوات إلى برلين حيث يوجد المركز التجاري الآن. كان العمل شاقاً ومبالغاً فيه منذ البداية! عشر ساعات يوميًا، ستة أيام في الأسبوع. الاستراحات ممنوعة، حتى أن نيكولاي شرع بالصراخ إحدى المرات لمنعه من أخذ استراحة لشرب الماء فقط!
تقدم مولكواسا وزميله بدعوى قضائية ضد Openmallmaster، أحد المقاولين من الباطن الذين نظموا موقع البناء. وقررت المحكمة أن يتقاضى 1.226 يورو مقابل عمله بموقع البناء، لكنه لم يحصل إلا على 550 يورو مقابل ثلاثة أسابيع من العمل الشاق. وصفت القاضية بياتي إستر بأن الأمر برمته مقزز، وكلمة مقزز وصف لطيف لما يحصل!
معظم العمال من شرق أوروبا لا يعرفون حقوقهم
هناك حالات كثيرة مثل حالة مولكواسا! تقول النقابية جوستينا أوبلاسيويتش إن العمال لا يحصلون على حقوق متساوية إلا إذا كانوا يعرفون ما هي حقوقهم بالأساس. كما أن معظم العمال من شرق أوروبا لا يعرفون حقوقهم! جاء مئات آلاف الأشخاص إلى ألمانيا منذ وجود سوق عمل مشترك في الاتحاد الأوروبي. أحصى مكتب العمل لهذا العام 400 ألف عامل وموظف ممن يحملون الجنسية الرومانية ولا يخضعون لأي مساهمات في الضمان الإجتماعي. تضيف أوبلاسيويتش: “الناس عرضة للاستغلال وغالباً ما يقبلون أسوأ ظروف العمل لعدم وجود أي خيار أخر! فقد لجأ في النصف الأول من عام 2020 وحده ثمانية ألاف شخص إلى مراكز المشورة النقابية”.
مول العار!
كان هناك حملات كثيرة ضد شركة HGHI لصاحبها هارالد هوت، الشركة التي قامت ببناء مول برلين. كما تم اطلاق تسمية “مول العار” على مول برلين، في إشارة لجهود العمال المسروقة. لكن الشركة ليست مسؤولة عندما يعلن المقاولون إفلاسهم، ويبقى العمال الحلقة الأضعف في هذه الحالة، بالأخص دون مال ومهارات لغوية في بلد أجنبي!
كيكي اللطيف!
خلال الأسابيع الأخيرة يتردد على مولكواسا زائر لطيف ليلاً بمحطة القطارات المهجورة. ثعلب صغير جائع، يتفاعل مع اسم كيكي عندما يناديه! يقوم نيكولاي بإطعام الثعلب، ويقوم الآخر بلعق قدم نيكولاي كبادرة إمتنان! يقول نيكولاي: “أنا قلق لأن بعض الناس لا يعلمون أطفالهم الرحمة”. ويخشى أن يكبر هؤلاء الأطفال ويمارسوا العنف ضد كيكي!
- ترجمة لجزء من تقرير نشرته صحيفة Tagesspiegel للكاتب يوناس بيكلمان