Photo by John Cameron on Unsplash
27/10/2020

“العنصرية في زمن الوباء” من السر إلى العلن!

منذ تفشي الفيروس، تعرض الناس في شرق وجنوب شرق آسيا للاعتداء اللفظي والجسدي والتهميش، كون الفيروس انتشر بداية في الصين! كما ترافقت الأخبار في بعض وسائل الإعلام مع قوالب نمطية عنصرية، في الوقت نفسه انتشرت ضمن الاحتجاجات التي عمت الشوارع ضد قيود كورونا شعارات معادية للسامية! ومن ناحية أخرى يمثل اليمين المتطرف الذي يشارك بانتظام في هذه الاحتجاجات تهديداً للسود، ووصل الأمر أيضاً لمجموعات دردشة لقوى الشرطة الألمانية تم تبادل أحاديث عنصرية فيها! وشهدت الأشهر القليلة الماضية موجة ضخمة من الاحتجاجات والحركات المقاومة ضد هذه الحركات العنصرية، وكان أحد ردود الفعل واسعة الانتشار “حياة السود مهمة”.. هذه المسائل تم نقاشها في مؤتمر عُقد على منصة زوم حمل عنوان: “العنصرية في زمن الوباء” نظمته مؤسسة هاينرش بول الألمانية.

عالجت مؤسسة هاينريش بول هذه القضية مؤخرًا، في مؤتمرها الذي استضاف Victoria Kure-Wu وهي أحد الأعضاء النشيطين في مشروع (أنا لست فيروساً)، وكذلك نيكولاس ليلي خبير معاداة السامية في مؤسسة أماديو أنطونيو، وماجدة إسحاق عالمة اجتماع وناشطة في مجال النسويات السود ومكافحة التمييز ضد السود في برنامج “Each One Teach One”، هذه المشاريع تعمل ضد التمييز في ألمانيا، وخاصة أثناء انتشار فيروس كورونا!

التمييز الصامت ضد الآسيويين!

مع صعود موجة كورونا الأولى، والخوف من مواجهة هذه الظاهرة المجهولة لدى الناس، وُجهت أصابع اللوم إلى الصينيين من قبل كثيرين حول العام، وكان أحدهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصفه “بالفيروس الصيني”، وكأن الصينيين هم الجناة الرئيسيون الذين نقلوا الفيروس من الحيوانات إلى البشر! هذه الاتهامات عزلت شعوب شرق أسيا، ووضعتهم في الحجر الصحي الأخلاقي وغير المتعمد، حتى أولائك الذين لم يسافروا من بلادهم منذ سنوات!

منذ ذلك الوقت بدأت فيكتوريا مشروع (لست فيروساً) وعلى موقعها عبر الإنترنت، وفرت مساحة للأشخاص لمشاركة القصص المختلفة، تقول: “لم يقتصر الأمر على الآسيويين فحسب، بل تبادل اللاجئون والمهاجرون من خلفيات مختلفة تجاربهم مع التمييز أيضاً”! تدريجياً، وصلت الإهانات لمستويات أعلى، وأصبحنا نسمع عبارات مثل “لا يشعرون” أو “إنهم يعملون كآلة”، تقول فيكتوريا: “التمييز ضد الآسيويين ليس بالأمر الجديد” وأضافت: “لطالما كان هذا التمييز صامتاً، لكنه ارتفع صوته أكثر خلال فترة انتشار فيروس كورونا”!

التمييز العام ضد السود واليهود

لا يساور ماجدة ونيكولاس شك في أن التمييز ضد هاتين المجموعتين له تاريخ طويل في ألمانيا والعالم، وكان دائماً علنياً! يبقى أن نرى إلى أي مدى وصل هذا التمييز، فبعد قضة جورج فلويد والهجوم العنصري في هاناو، برز حراك للعديد من الصحفيين والنشطاء السود في ألمانيا. تقول ماجدة: “العنصرية ليست خاصة بوقت أو جماعة معينة”، وتضيف: “على الرغم من أنها كانت في دائرة الضوء خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أنها بحاجة إلى بحث مستمر ومقاومة”! النضال المفتوح ضد هذه السلوكيات العنصرية يوضح أبعادها للجميع، يقول نيكولاس: “هناك تمييزات صامتة أخرى في المجتمع، مثل التمييز ضد مواطني رومانية Antigypsyismus والتي تحتاج إلى معالجة علنية”!

العنصرية الرقمية

مع تفشي الفيروس، ظل معظم الناس في منازلهم وتم تقييد حركة المرور في الشوارع! أصبحت الحياة العملية رقمية بشكل متزايد، يقول نيكولاس: “في ظل هذه الظروف، أصبحت الدعاية لنظريات المؤامرة في الفضاء الإلكتروني عالية جداً لدرجة أنه في المظاهرات خرجت مجموعات مختلفة إلى الشوارع”، هذه المظاهرات وفقاً لنيكولاس أظهرت مدى سرعة الإعلان على الإنترنت، وقوة تأثيره! وقالت فيكتوريا: “في الوقت نفسه، علينا أن نضع باعتبارنا أن الإنترنت هو على ما يبدو مساحة ديموقراطية حيث يمكن للجميع العمل”، لكن في الحقيقة هي أن قطاعات من المجتمع ما زالت لا تستطيع الوصول إلى الإنترنت! الناس مثل المشردين والأطفال وبعض اللاجئين والأسر الفقيرة الذين لا يستطيعون تحمل تكاليفها! بطبيعة الحال، في العالم الرقمي، أصوات هؤلاء الناس غير مسموعة، لذلك في الحملات الدعائية عبر الإنترنت، نحتاج إلى معرفة المجموعات المستهدفة.

صورة الأقليات في وسائل الإعلام

يعتقد الضيوف الثلاثة أن وسائل الإعلام تكتفي بصورة نمطية للأقليات، يتذكر نيكولاس فيلم Masel Tov Cocktail الذي تم بثه على مجموعة Arte منذ فترة: “هذه ليست سوى عدد قليل من الأفلام التي تعطي الحقيقة حول مراهق يهودي”، ويضيف: “من خلال إظهار الصور النمطية، يظهر نفسه الحقيقي”! بدورها أشارت ماجدة إلى مقاطع الفيديو القصيرة المتوفرة في الفضاء الإلكتروني، وقالت: “سهولة الوصول إلى مقاطع فيديو مثل اغتيال جورج فلويد أو الموت في الصحراء الكبرى يجعل هذه الأحداث أمراً طبيعياً”! وتضيف: “هذه المقاطع مهمة للتوثيق، ويجب النظر إلى هذه الأحداث المأساوية على أنها ظاهرة”! وأوضحت ماجدة بأننا لا نعرف إلى متى سيستمر وباء كورونا، وكم سنتضرر منه، لكن برأيها أن أفضل طريقة للتعامل معه هي التضامن، من خلال إنفاق المزيد من المال، الذي يمكننا من الاستعداد لمحاربة التمييز مسبقاً، كما أكدت أنه علينا أيضاً مساعدة المزيد من المحتاجين والمشردين لتقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية!

  • مريم مارداني
  • ترجمة – خالد العبود
  • Photo by John Cameron on Unsplash