بعد خمس سنوات من قدوم اللاجئين والتركيز على محاولة الاندماج في المجتمع، وأسباب صعوبة الحصول على عمل أو الاستمرار فيه، خاصة وسط المخاوف من الموجة الثانية لانتشار فيروس كورونا، أقامت مؤسسة فريدريش ايبرت مؤتمراً عبر الانترنيت لمدة يومين، متناولاً مع ضيوفه تساؤولات مشروعة حول ما الذي يجب القيام به على المستوى السياسي والاجتماعي لتحقيق التعايش السلمي في ظل التنوع، كما تم التركيز على التجارب الناجحة في تفعيل دور اللاجئين بالمجتمع، من خلال عمل منظمات المجتمع المدني والبلديات وتعزيز فكرة العمل التطوعي، والتي تأثرت خلال السنتين الماضيتين، بسبب الأفكار المتطرفة والعنصرية!
النساء اللاجئات بحاجة للدعم والتشجيع
في جلسة مناقشة سوق العمل سلط المشاركون الضوء على مشكلة اللغة، حيث عُرضت دراسات مختلفة حول دخول اللاجئين سوق العمل والصعوبات التي واجهتهم وماتزال، فالأمر يحتاج للوقت والصبر من جميع الأطراف! شخصيًا وكمشاركة في هذا المؤتمر، وجدت أن المناقشات حول كيفية تحفيز الناس على العمل مثيرة للاهتمام، فلا يكسب العديد من الأشحاص في وظائفهم الأولى المال، أكثر مما يقدمه لهم مركز العمل، فكيف سيتم التحفيز على العمل؟ خاصة أن العمل هو من أهم الخطوات للاندماج؟ كما تم التأكيد على أهمية التفريق بين من يأتي إلى ألمانيا من أجل العمل، ومن يأتي هرباً من الحرب! لكن ما كان صادماً بالنسبة لي الإحصائيات الخاصة بتوظيف النساء، فقد حصلت 20% فقط من النساء على عمل، نتيجة الصعوبات التي تواجهنها في ايجاد أماكن رعاية لأطفالهن، لذا من المهم التعامل مع القضية بمرونة وصبر، وإعطاء النساء الوقت لتعلم اللغة والعثور على طريقهن في الحياة الجديدة.
توطيد العلاقات بين القادمين الجدد والألمان
كما اتفق الجميع على أهمية التزام اللاجئين والألمان بالمشاركة معاً في المجتمع، فالمشاركة تتيح تكوين صداقات جديدة، إضافة لتعزيز الموقف الديمقراطي بحيث يمكن للجميع تبادل الأفكار، لنتمكن معاً من المساعدة بتشكيل المجتمع الذي نطمح إليه! كما كان المنظور السياسي مثيراً للاهتمام، فهناك فرق كبير بين السياسة الاتحادية والسياسة المحلية! محلياً، يتم دعم مشاركة اللاجئين لأن الجميع يعلم أن هذا أمر مهم، لكن على المستوى السياسي الاتحادي، لم يحدث شيء يذكر، فحتى الآن لا توجد حقوق تصويت محلية لمواطني الولايات الألمانية، كما هو الحال في دول أوروبية أخرى!
ميثاق التعايش المشترك
أجد أنه من المهم التركيز على مشاركة اللاجئين في المجتمع، وتسليط الضوء على المشاريع الناجحة لتكون حافزاً للآخرين، وهنا تم التطرق إلى ميثاق التعايش المشترك الذي طرحه الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والذي أجده جيداً للدفع قدماً للتعايش ما بين الناس، مع التأكيد على ضرورة تحقيق ثلاثة بنود: (الآمان- الديمقراطية- الاندماج الجيد) فلا يُنكر أحد أن من يشعر بالأمان، هو من يستطيع أن يشارك في المجتمع، وأن يكون مفيداً.
مصير كوادر التدريس من القادمين الجدد!
كانت مراجعة السياسات التعليمية أحد الموضوعات التي نوقشت أيضاً في المؤتمر، وأحد أهم المشاريع التي نفذتها جامعة بوتسدام على مدى السنوات الخمس الماضية، هو مشروع تدريب المعلمين! يوجد العديد من المعلمين بين اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا خلال هذه السنوات، لقد أتيح لهؤلاء الفرصة للتعرف على نظام التعليم الألماني، والعمل أخيرًا كمدرب مساعد بالمدارس، لكنهم أيضاً يواجهون تحديات، فليس كل الآباء الألمان يتقبلون الأمر، وعقودهم محدودة لمدة عامين! ما يعني أنه بعد انتهاء العقد، ينتظرهم مستقبل مهني غامض! فهل ستقوم وزارة التعليم الألمانية بتعيين مدرسين أجانب؟
ضرورة دعم مشاريع الاندماج للتصدي لليمين والعنصرية
كما نوقشت نقاط مهمة منها توقف تمويل المشاريع التي تعمل من أجل اللاجئين ودمجهم، ما تسبب في تقليص فرص اللقاء بين الألمان والقادمين الجدد! وهذا أمر سيء خاصة أن الحركات العنصرية واليمينية تكتسب زخماً جديداً، لذا على الحكومة اتخاذ تدابير مضادة ودعم المجتمع المدني، واتخاذ إجراءات حاسمة ضد المتطرفين أينما كانوا، في الشارع والبرلمان وكذلك في الشرطة. كما أن بعث رسالة واضحة باستقبال المزيد من اللاجئين من مخيم موريا أو ممن يتم انقاذهم من البحر، أمر مهم لأسباب أنسانية، وأيضاً ليكون هناك مناخ سياسي جيد.
أخيرًا، يمكن اضافة فكرة واحدة، أن الاندماج ليس فقط ما يحدث بين الأفراد والمجتمع، فهو أيضًا شيء يحدث داخل الناس، هذا لا يمكن ملاحظته مباشرة ولكنني أعتقد أن الكثير يحدث داخلنا الآن..